العدد 2518 - الثلثاء 28 يوليو 2009م الموافق 05 شعبان 1430هـ

حنكة قطر جعلتها تستفيد من صراع «بورشيه» و«فولكس فاغن»

شهدنا جميعنا مؤخرا على معركة اشتعلت بين مجالس الإدارات في قلب القاعدة الصناعية الألمانية في شتوتغارت. فمن جهة نجد المدير العام لـ «بورشيه»، فندلين فيدكينغ، يقابله في الجهة الأخرى رئيس مجلس إدارة «فولكس فاغن» وعضو إحدى العائلات المؤسسة لـ «بورشيه»، فردينان بيخ.

وبعد سلسلة من الاجتماعات المكثفة للمجلس، استبعد فيدكينغ عن منصبه بعد فشل محاولته الاستيلاء على منافسه الأكبر، «فولكس فاغن». هذه القصَّة بحد ذاتها ليست بهذه الغرابة، فلقد أصبح صراع القوى بهذه الطريقة الشرسة هو المعيار السائد في عالم الأعمال؛ ولكن، ما يثير التساؤلات في القصة هو دور الفريق الثالث، والذي يصدف أنه للأسرة الحاكمة في قطر.

إذ كان فيدكينغ يأمل بأن يحصل على استثمار بقيمة 10 مليارات دولار من قطر؛ أي ما يعادل حصة نسبتها 25 في المئة من «بورشيه»، إلى جانب خيار شراء نحو 20 في المئة من «فولكس فاغن». وبذلك كانت قطر بمثابة «الفارس الأبيض» المنقذ لفيدكينغ الذي سيساعد مصنع السيارات الرياضية الألماني على المحافظة على استقلاله.

ولم يمضِ شهر بعد على نشر وسائل الإعلام الألمانية لخبر صفقة «وشيكة» وترقّب قطر لإضافة علامة مرموقة إلى حقيبة استثماراتها، ولكن القصة لم تختتم بهذه الطريقة؛ إذ إن المسئولين القطريين، بقيادة رئيس الوزراء الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، لم يتسرعوا في القيام بأي خطوة وأبقوا، كما يذكر قول بريطاني، بارودهم جاف، منتظرين بكل حكمة انتهاء لعبة شدّ الحبال الألمانية هذه.

ويشار إلى أن عرض قطر باستثمار هذا المبلغ الضخم من المال مثير للاهتمام على أكثر من صعيد. فمن شأن ذلك أولا أن ينقل قطر إلى ألمانيا، إلى سوقٍ جديدة، وهي السوق الألمانية الأكبر في أوروبا. ولقد سبق أن رأينا الهيئة العامة القطرية للاستثمار تبتاع حصصا في بنك «باركليز» و»كريدي سويس» بالإضافة إلى سلسلة متاجر السوبر ماركت «جيه سينسبري». أما هذه الصفقة فتقع في فئة مختلفة.

وكانت قيمتها لتجعلها الاستثمار الأضخم بمرتين على أقل إلى اليوم بالنسبة إلى صندوق قطر السيادي، وكانت لتزيد مستوى المخاوف في ألمانيا حيال الصفقات الأجنبية، ويقول في هذا الإطار سفن بيهرينت، المختص في صناديق الثروات السيادية لدى مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، إن ألمانيا سنّت تشريعا مؤخرا، مماثلا لذلك في الولايات المتحدة، يقضي بمراجعة أي استثمار غير أوروبي.

وكما أشار لي بكل وضوح، من المستحيل أن تقبل الحكومة بأن يكون أي كيان أجنبي المساهم الأكبر في أيقونة ألمانية بهذه الضخامة، أكانت «بورشيه» أم «فولكسفاغن». وما يزيد الأمور تعقيدا هو أن ولاية سكسونيا السفلى تحمل 20,1 في المئة من أسهم فولكس فاغن.

كما أن خطوة قطر كانت مذهلة أيضا من حيث أنها تلقي الضوء على تقدم هذه الدولة السريع. وفي مقابلة أجريت في لندن، جال وزير الاقتصاد والمال القطري، يوسف كمال على تلك الأوقات التي لامسوا فيها حافة الإفلاس قبل 10 سنوات. وما كانت تلك الأزمة المالية إلا أن دفعت بالبلد إلى التركيز على الموارد الداخلية والاستثمار في توسيع عمليّات استخراج النفط، والأهم من ذلك استخراج الغاز الطبيعي.

العدد 2518 - الثلثاء 28 يوليو 2009م الموافق 05 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً