تمر قرية سبنسر الصغيرة بسرعة أمام نافذة السيارة المنطلقة على الطريق الدولية رقم 15، مجرد وميض من الابنية البنية اللون وسط الصحراء.
سبنسر التي يسكنها 38 شخصا فقط، يوجد فيها أحد أكبر مناجم الاوبال في الولايات المتحدة وهي منشأ الاوبال النجمي. فمع ان الابيض هو لون معظم انواع الاوبال في العالم فعمال المناجم هنا كثيرا ما يعثرون على انواع نادرة لونها ازرق او زهري او أحمر.
ويقول بوب طومسون الذي يملك مع زوجته سوزان منجم اوبال ماونتن: «زبائننا هم من الصائغين بصورة عامة والموزعين. في الشتاء نغلق ابوابنا ونذهب الى كاليفورنيا لأننا لا نستطيع الحفر بحثا عن الاوبال عندما تكون الارض مغطاة بالثلوج. إلا ان المسافرين على الطريق العام يتوقفون في البلدة ويتفاجأون بما لدينا».
والموجود لديهم هو المجوهرات المصنوعة من الاوبال والحجارة غير المشغولة واوبال النار التقليدي والاوبال ذي الانماط النادرة جدا والتي تبدو مثل ريش الطاووس والنجوم والمربعات.
وكان اثنان من صيادي الغزلان اضاعا الطريق من ريكسبورغ قد اكتشفا الاوبال في المنطقة في العام 1948 على بعد 70 ميلا غربي حدود حديقة يلوستون الوطنية، وقد تم تسجيل الملكية الاولى في العام 1952، واليوم تسيطر اربع شركات للأوبال تجارية على القرية.
دنيس وجاكي هوبر هما من المقبلين الجدد. دنيس الذي يمارس هواية جمع الصخور منذ سنوات ينقب في منطقة امتيازه لتزويد محله الذي يسمى «هاي كانتري أوبال» واللافتات البراقة على الاوتستراد تقول ان المحل مفتوح 365 يوما في السنة. وهذا زعم سخر منه جيرانه.
ويقول دنيس: «قالوا انني لن استطيع ان ابقي محلي مفتوحا على مدار السنة. إلا انني افعل ذلك. وفي فصل الشتاء يكون محلي الوحيد المفتوح على مسافة 100 ميل».
المسافرون يتوقفون في استراحة دنيس لأخذ قسط من الراحة يمكثون عندما يشاهدون الاحجار الكريمة، وعندما يغادرون يحملون معهم الخواتم والاقراط والقلائد المصنوعة من الاوبال. وتتراوح اسعار هذه المجوهرات بين بضع دولارات وعدة مئات من الدولارات.
يقول دنيس وهو يقلب قطعة أوبال تحت الضوء لكي يومض نارها على المائدة: «لا نعرف كيف ستكون القطعة إلا بعد صقلها بشكل نهائي. إن الاوبال مؤلف من ألوف الألوان المجهرية والسر كأمن في معرفة متى ينبغي التوقف عن القطع».
هذه الألوان هي كريات من السيليكا والماء معلقة في الصخر. وقد تشكلت الروسبات عندما انفجرت النوافير المائية الحارة مخلفة وراءها طبقات من الاوبال تراكمت على مر الزمن.
وأحيانا يعثر منقبو الاوبال على طبقات كثيفة تكفي لقطع حجارة صلبة. وكان في غالبية الاحيان يتم صنع الاوبال بطبقات ثنائية وثلاثية. والطبقات الثنائية هي اوبال مطحونة مبلط بشكل طبقة رفيعة على قاعدة من البازلت او الاوبسيديان. اما الثلاثية فهي مصنوعة من الثنائيات المغطاة بغطاء وقائي صاف من الكوارتز.
ويؤمن الغطاء الحماية للحجارة الكريمة. فالأوبال يحتوي على نسبة مرتفعة من الماء الذي يتقشر او يتشقق عندما يجف إلا اذا جرى ختمه بإحكام ومعالجته بالمواد الكيماوية.
ويقول هوبر: «اعتقد انني اتقن قطع ثلاثية الاوبال أحسن من أي انسان في العالم. هذه ليست علوم صواريخ بل نتيجة عمل شاق يتطلب وقتا».
وتعرف كلوديا كوترو ذلك معرفة تامة. انها مالكة «منجم سبنسر للأوبال» أقدم وأكبر المناجم في المنطقة.
والد كلوديا اشتريا منطقة امتياز الشركة البالغة مساحتها 40 فدانا في العام 1964 وانتقلت العائلة الى القرية عندما كانت في الخامسة عشر من عمرها سنة 1984. وفي البداية فتحت العائلة المنجم أمام السياح وهواة جمع الصخور الذين كانوا يدفعون مبلغا يوميا مقابل السماح لهم بالحفر.
اليوم كلوديا هي المسئولة عن المنجم ومازال بوسع السياح ان يدفعوا 30 دولارا للشخص لقضاء عطلات الاسبوع في المنجم. ولكن المنجم مسئول بصورة رئيسة عن تموين تجارتها بالأوبال بالتجزئة.
تشير كلوديا الى ان المنافسة غير موجودة في القرية على رغم ان ثمة أربع شركات تعمل فيها. وتقول: «لكل واحد طرازه أو مظهره المختلف قليلا عن الآخر في قطع ورصف الاوبال. والجادون في سعيهم للشراء يزورون جميع المحلات الاربع في القرية ويشترون ما يتناسب مع أذواقهم».
وتقول كلوديا: «إنني أفعل ذلك على الدوام ولم اضطر ابدا إلى العمل لحساب الآخرين انني استمتع جدا بالعثور على نمط وتركيبات ألوان فريدة من نوعها عندما أقطع الحجارة. ان التنقيب عن الاوبال عمل مريح جدا»
العدد 126 - الخميس 09 يناير 2003م الموافق 06 ذي القعدة 1423هـ