العدد 142 - السبت 25 يناير 2003م الموافق 22 ذي القعدة 1423هـ

«عصابات نيويورك» أنقذته تفاصيله الصغيرة من قصته الروتينية

هناك طريقتان لمقاربة فيلم «Gangs of New York» (عصابات نيويورك) الجديد لمارتين سكورسيزي: تدخل صالة العرض على أمل مشاهدة رائعة سينمائية نظرا لضخامته والمواهب المشاركة فيه، او تدخل مشككا نظرا لمجيئه المتأخر ومشاحنات المخرج مع هارفي واينستين رئيس ميراماكس على الشكل النهائي.

وسواء كنت من فئة المشاهدين هذه أو تلك ستجد ما يكفي من الأمور التي تبرر موقفك.

ان فيلم «عصابات نيويورك» رائع في تصميمه ومسرحته، وهو يقدم عظمة تاريخية من الطراز القديم الأكثر أصالة وواقعية من أي شيء شوهد على الشاشة في السنوات الأخيرة لأنه يأتي تقليديا ويدويا: للمباني والمنشآت وطبق الأصل، بدلا من التصوير الكمبيوتري الكرتوني المعلب.

كما ان نجم الفيلم دانيال داي لويس يقدم أحد أفضل الاداءات منذ سنوات، كعملاق شرير وطريف لا يقل براعة عن انطوني هوبكينز في ادائه أفضل لحظات تمثيله لدور آكل اللحوم البشرية هانيبال لكتر، طيلة ثلاث ساعات.

ومع ذلك، فإن الفيلم يقدم رواية انتقام روتينية عادية، مع ان الرواية هي توليفة من ماضي نيويورك... إنها قصة نموذجية في مطلق الأحوال.

والمونتاج مقطّع الاوصال، خصوصا في البداية، والارجح ان ذلك جاء نتيجة للجدل بين سكورسيزي وواينستين عن صيغة نهائية قد تدخل المنافسة على جوائز الاوسكار من دون تجاوز المقاييس والمعايير الاوسكارية.

ومع ذلك فإن «عصابات نيويورك» هو فيلم نادر يتجاوز مجموع اجزائه الاجمالي. وهناك الكثير مما يثير الاعجاب بما أنجزه سكورسيزي ويكفي لغفران بعض الهفوات المهمة فيه.

وكان توزيع الفيلم قد أرجئ قبل سنة، ولكن سكورسيزي كان يفكر بمشروعه السينمائي هذا منذ 30 سنة اذ تعود افكاره إلى اطلاعه بالمصادفة على رواية بالعنوان نفسه لهربرت اسبري في العام 1928 والذي يؤرخ لمجرمين كانوا يسيطرون على جيوب في نيويورك قبل ظهور عصابات الاجرام المنظم العصرية.

ويلعب دي كابريو دور امستردام فالون الذي كان في طفولته شاهد عيان لقتل والده (ليام نيسون) الايرلندي الذي كان يتزعم إحدى العصابات، على ايدي المتوطن «بيل الجزار» (داي لويس) وذلك خلال خناقة على الزعامة بين العصابات في المنطقة السفلى من مانهاتن.

وبعد 16 سنة، وبعد ان شب في «البيت الملاذ» يعود امستردام مدفوعا برغبة الانتقام متخفيا ويتسلل الى عصابة قاتل والده بيل الذي اصبح الآن الزعيم بلا منازع الذي يسيطر على الحي.

الحبكة بخطوطها العريضة عادية تكثر فيها الكليشيهات السينمائية المألوفة. وهناك تلميح الى ثلاثي غرامي.

من امستردام الذي ينشأ في نفسه اعجاب ببيل كشخصية أبوية حتى في الوقت الذي يخطط فيه للانتقام منه.

إلا ان التفاصيل الصغيرة هي التي تنقذ الفيلم. ولعل بيل الجزار، بقبعته الهائلة وشاربيه المعقوفين الى أعلى يبدو نسخة كاريكاتورية لزعيم عصابات. إلا ان دانيال داي لويس يضفي على الدور صدقية متوهجة الى حد انه من المستحيل عدم تلمس قناعات الشخصية الشريرة حتى في أسخف حالاتها.

ويستحق داي لويس الذي فاز بالأوسكار في فيلم «My Left Foot»، أوسكارا ثانيا. وهو في دور بيل الجزار يطغى على الاداء الرائع الذي يقدمه دي كابريو

العدد 142 - السبت 25 يناير 2003م الموافق 22 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً