العدد 142 - السبت 25 يناير 2003م الموافق 22 ذي القعدة 1423هـ

هل يصل «بعيدا عن السماء» إلى ترشيحات الأوسكار؟

قد يكون «Far From Heaven» (بعيدا عن السماء) أحد أفضل افلام السنة على اساس تصويره السينمائي وتصميمه الانتاجي وحدهما.

وإذا اضفت إلى هذين العاملين أداء جوليان مور الذي يستحق الأوسكار والنص السينمائي الدقيق الذي أعده الكاتب - المخرج تود هاينز، يصبح الفيلم خاليا من أية شوائب، تقريبا.

ويبدو اقتباس هاينز من الأفلام الميلودرامية المصورة بالتكنيولور والمعتمدة على النجمات والتي درجت في الخمسينات أصلية وصادقة إلى درجة تنسيك أنك تشاهد فيلما حديثا.

بل ستحس أنك تشاهد فيلما من عمل المخرج الألماني دوغلاس سيرك الذي بلغ أوج مجده في الخمسينات واشتهر بأفلام أوبرا الصابون الغنية بصريا والتي لها ضمير مثل «Maqnificent Obssession» و«lmitation Of Lite».

والواضح أن «بعيدا عن السماء» يتخذ من فيلم لسيرك بعنوان «All That Heaven Allows» نقطة انطلاق. ففي ذلك الفيلم الذي تم صنعه في العام 1995 لعبت جين وايمان دور أرملة ثرية من نيو انغلند تغرم بالبستاني الوسيم الذي يصغرها سنا والذي لعب دوره روك هدسون.

وتتولى همسات مغرضة في الأوساط الاجتماعية الراقية تمزيق العاشقين أربا تصور، أنها تعشق البستاني الذي يعمل لديها ولكنها تعي في النهاية أن الحب أهم من المكانة الاجتماعية.

جوليان مور كاملة وبارعة في دور كاثي ويتاكر، ربة المنزل والأم لولدين التي تبدو أنها تعيش حياة مثالية مع زوجها فرانك (دنيس كويد) مدير مبيعات إحدى المحطات التلفزيونية في كونكتيكت في العام 1975.

ولكن ذات ليلة - وبعد عدة ليال تأخر فيها فرانك في عمله - تصل كاثي فجأة إلى مكتبه حاملة عشاءه، فتباغته وهو يقبل رجلا. وطبيعي أن اعصابها تنهار إلا أنه ينبغي أن تحافظ على وقارها ورصانتها ولذلك ترسل فرانك إلى طبيب الأمراض النفسية الذي سيلجا إلى الصدمات الكهربائية إذا فشل في معالجته بالأساليب التقليدية.

وفي الوقت نفسه تقيم كاثي صداقة أولية ورقيقة مع بستانيها رايموند (دنيس هيسبرت) وهو زنجي له ابنة مراهقة من زوجته المتوفاة.

وعندما يراها الناس تتحدث اليه في معرض فني حيث يفاجئها بتفسيره الدقيق لإحدى لوحات ميرو تبدأ الالسن تلوك سمعتها في البلدة. ولا يهم أنه انسان ذكي ولطيف وجذاب بل يكفي أنه زنجي، وتؤدي صداقتها معه، على رغم براءتها، إلى انكفائها كسيدة مجتمع عرفت بحفلاتها لتصبح معزولة تماما - كما تهدد العلاقة سلامة رايموند وسلامة ابنته.

ونص الشاشة الذي كتبه هاينز يعيدنا إلى مرحلة الانغلاق الكلاسيكية في عهد الرئيس أيزنهاور وليس فقط بالكلمات التي تتفوه بها شخصيات الفيلم، بل بالمعنى الحقيقي لما لا يقولونه - والمزاح المهذب الذي يخفي وراءه مخاوف أفراد المجتمع ورغباتهم على صعيد المفاهيم الجنسية والعرقية السائدة.

وإلى جانب الحوار، كل التفاصيل تتميز بالاتقان والكمال من موسيقى إلمر برنشتاين الوترية الجارفة إلى سيارة كاثي الزرقاء وقفازيها وحقيبتها المصنوعة من اللون نفسه ، فإلى الجيران الثرثارين والاطفال الذين بالكاد نراهم أو نسمعهم.

ثم الالوان، يالها من الوان رائعة. لقد توصل المصور السينمائي ادوارد لا كملن (مصور «ارين بروكوفيتش») إلى تحقيق ظلال بالأحمر والأخضر لا يمكن أن تكون موجودة. ثم بالنظر إلى أن حوادث الفيلم تدور في فصل الخريف خلال ذروة اصفرار أوراق الاشجار في نيو انغلند، فإن صفار الأوراق متوهج إلى درجة تخالها مشعة.

هذا المظهر السوبر واقعي يوفر التناقض الكامل مع القضايا العويصة التي تتعارك فيها شحصيات الفيلم

العدد 142 - السبت 25 يناير 2003م الموافق 22 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً