قررت السيدات عقيلات اصحاب الجلالة الملوك والرؤساء العرب المشاركات في منتدى المرأة والتنمية الذي استضافته دمشق، العمل بشكل حثيث من اجل وضع آليات عمل واضحة ودقيقة تتابع تنفيذ التوصيات والمقترحات التي تمخضت عن منتدى المرأة والتربية الذي انعقد في دمشق في الثاني والثالث من شباط/فبراير الحالي، وبحثن في اللائحة الداخلية وفي ميثاق منظمة المرأة العربية، التي تم التصديق على قيامها بالتزامن مع يوم المرأة العربية في الاول من فبراير/شباط العام 2003 في دمشق، كما أجرت السيدات عقيلات اصحاب الجلالة الملوك والرؤساء العرب مشاورات بشأن تشكيل مكتب تنفيذي وفروع اقليمية لمنظمة المرأة في البلدان التي صادقت على نتائج منظمة المرأة العربية.
وجاء اجتماع عقيلات اصحاب الجلالة الملوك والرؤساء العرب مع اختتام اعمال منتدى المرأة والتربية الذي استمر يومين. شاركت فيه وفود عربية من 22 بلدا، وممثلو عدد من المنظمات العربية والدولية والاقليمية، ومفكرون ومفكرات وخبراء واساتذة جامعات، وقد حضرت عقيلات اصحاب الجلالة الملوك والرؤساء العرب بعض فعاليات المنتدى.
وأكد وزير التربية السوري محمود السيد، ان المنتدى حلقة من حلقات كثيرة سبقته وعقدت في عدد من العواصم العربية وستتبعه منتديات اخرى. وفي كل منتدى لابد من وقفة مع الذات وتقويم ما تحقق.
وقال التقرير الختامي لأعمال منتدى «المرأة والتربية... وطن وتنمية» ان هدف المنتدى الاطلاع على واقع المرأة العربية في مجال التربية وتبادل الخبرات والتجارب، وتسليط الضوء على العوامل المؤثرة في العلاقة بين المرأة والتربية، وتطوير مكانة المرأة في النظم التربوية العربية وتعزيز دورها في عملية التربية والتنمية المستدامة.
وعقد المنتدى عشر جلسات عمل عامة للوفود الرسمية المشاركة وثلاث جلسات للطاولة المستديرة، شارك فيها خبراء وخبيرات من الدول العربية، كما عقد جلسة الاختتام وعرض فيها ملخصا عن فعاليات المؤتمر والتوصيات التي تم التوصل اليها.
جلسات عمل وبحث
وعقدت في اليوم الاول اربع جلسات، تناولت الجلسة الاولى دور التربية في التنمية، وتربية المرأة والتنمية الشاملة، والمرأة وتربية الطفل قدمها عبدالله عبدالدايم من سورية، ركز فيها على اهمية التربية في مرحلة الطفولة المبكرة ودور المرأة الأم في تنشئة الاطفال في هذه المرحلة، واشار الى اهمية الجانب النوعي في التربية بغية تحقيق التربية الشاملة. وبين مواصفات التربية الملائمة لمواجهة تحديات العصر الحاضر مبينا أهمية التعلم الذاتي والتعلم المستمر مدى الحياة ومرونة النظام التربوي ليستجيب لمعطيات ثورة التقانة والمعلوماتية والتفجر المعرفي. وكانت الجلسة الثانية عن المرأة والتربية والتحديات التنموية، قدمتها لوسيا حجازي من فلسطين، اكدت فيها ان قضايا المرأة في الوطن العربي متشابهة الا انها تمتلك خصوصية في فلسطين، إذ تتطلب الجهود دعما عربيا ودوليا لاجتثاث الاحتلال، وسلطت الورقة الاضواء على السمات الاساسية لواقع تعليم الفتيات في فلسطين وصولا الى وضع استراتيجية الارتقاء بهذا الواقع كما تناولت التنمية والتحديات التي تواجه المجتمع الفلسطيني.
وبحثت الجلسة الثالثة اثر التربية في تعزيز دور المرأة التنموي، تحدثت فيها مها سهيل المقدم من لبنان، ركزت فيها على المفاهيم التنموية والتربوية وعلاقتها بالتنمية لمواجهة التحديات الحضارية، واهمية التنمية التربوية للمرأة العربية ودورها الفاعل في نمو المجتمع والمشاركة في الكفاية الانتاجية، وتوصلت الى اقتراحات لوضع استراتيجية ملائمة لتحقيق التنمية التربوية للمرأة في الدول العربية لما لها من آثار ايجابية.
وكانت الجلسة الرابعة مخصصة لدور التربية في تأهيل المرأة للوصول الى مواقع صنع القرار، وقدمها أحمد البستان من دولة الكويت، ركز فيها على المؤسسات التربوية وانواعها والمعوقات التي تقف امامها، ودور الجمعيات النسائية لاعداد وتأهيل المرأة العربية للمشاركة في هياكل السلطة، ومواقع اتخاذ القرار، وقدم رؤية مستقبلية لتأهيل المرأة العربية للوصول بها الى موقع صنع القرار.
وعقدت في اليوم الثاني للمنتدى مجموعة جلسات، بحثت الاولى موضوع المرأة والتنشئة الاسرية ودورها في بناء الشخصية العربية وغرس القيم الحضارية عالجته سحر صبحي عبدالحكيم من جمهورية مصر العربية، ركزت فيه على تاريخ المرأة العربية بغرض استخلاص بعض التجارب الرائدة في بعض الدول العربية، وتوقفت عند الاهتمام بقضايا المرأة ودور تعليم الفتيات في مواجهة التحديات المعاصرة التي تواجهها النساء، وتغير هذه التحديات في عالمنا المعاصر، ونوهت الى واقع عدم تحقيق المساواة بين الرجال والنساء من خلال حصر النساء في مجال عمل دون غيره، ودعت الى تدعيم تمكين النساء على المستويين المؤسسي والثقافي، ورأب الصدع الاجتماعي بين النساء والرجال مع الاخذ في الاعتبار الخصوصية التاريخية لوضع النساء في ميدان العمل. وخصصت الجلسة الثانية لموضوع المرأة ودورها في معالجة قضايا ومشكلات الناشئة، تحدثت فيه منى يونس البحري من الجمهورية العراقية بالتركيز على الدراسات التي تناولت مشكلات الناشئة، وتوقفت عند التهميش الدراسي والذي رأت انه يتضح بكثرة التغيب عن المدرسة وتدني مستوى التحصيل والتأخر عن الدوام والرسوب والتسرب، ثم قدمت نظرة لكيفية علاج الظاهرة من خلال مجموعة توصيات ومقترحات.
وتناولت الجلسة الثالثة موضوع التربية والثقافة الشعبية والثقافة العربية المعاصرة قدمته بثينة قريبع من الجمهورية التونسية، اكدت العلاقة بين التربية والمرأة وابعاد هذه العلاقة، وملامح من صورة المرأة في الثقافة الشعبية بين الثابت والمتغير، و صورة المرأة في الامثال الشعبية، ونوهت الى اهمية اعادة بناء التراث الشعبي، والمرأة والثقافة العربية المعاصرة بما يتوافق مع صورة المرأة المثقفة في مجتمع المعلومات. وبحثت الجلسة الرابعة موضوع المرأة والتعليم النظامي قدمته آمنة خليفة آل علي من دولة الامارات، إذ ركزت على التطور الكمي والكيفي للتعليم في الامارات، وابرزت الاهداف العامة للتعليم، والاصلاحات التعليمية والتحديات التي تواجه النظام التعليمي في اطار استراتيجية تعليم المرأة في الامارات. وناقشت الجلسة الخامسة موضوع المرأة والتعليم غير النظامي في ضوء متطلبات سوق العمل في اطار التنمية الشاملة، تحدثت فيها فاطمة البلوشي من البحرين، وتناولت اهمية التعليم المستمر للمرأة ومعوقاته، والتقنيات الحديثة في مجال التعليم المستمر، ولاسيما من خلال التعليم الالكتروني الذي يمكن ان يحتل اهمية خاصة، في ميدان تعليم المرأة في العالم العربي، واشارت البلوشي الى ضرورة اقرار استراتيجية للتعليم المستمر للمرأة العربية من خلال التعليم الالكتروني، وخلصت إلى القول، ان المرأة امام تحد كبير عليها اجتيازه وخصوصا في مجالات التعليم الالكتروني، ولا يمكن اجتيازه الا بالتعاون بين جميع الاطراف المعنية في الدول العربية.
خلاصات وتوصيات
وخلصت النقاشات التي تمت في الجلسات الى مجموعة توصيات في مقدمتها دعوة وزارات التربية في الدول العربية الى رفع نسب التحاق الاناث بالتعليم النظامي، وتوفير اشكال التعليم غير النظامي للفتيات، وتسهيل فرص الانتساب اليه و«مضاعفة الجهود في مجال مكافحة الامية بمختلف صورها والعمل على سد منابعها واستخدام آليات فعالة في الحد من تفاقمها بغية دمج الراغبات في عملية التنمية»، و«المراجعة المستمرة للمناهج بغية تطويرها لمواكبة مستجدات العصر ومقتضيات التطور المعرفي والتكنولوجي وبما يساهم في ارساء تصور متكامل لمدرسة الغد على الصعيد العربي ودعوة جامعة الدول العربية الى وضع استراتيجية عربية للنهوض بواقع المرأة العربية ووضع استراتيجيات وخطط عمل قطرية لتأهيل المرأة بغية دمجها بصورة فعالة في عمليات التنمية ودعوة المنظمات النسائية المختلفة الى الاضطلاع بدور فاعل في العملية التربوية بالتنسيق مع الاسر والمؤسسات التربوية الاخرى والاهتمام بالمرأة الريفية والمرأة الامية والمرأة المعوقة وذلك عبر خدمات ارشادية وتربوية واجتماعية لتمكينهن من اخذ الدور الفاعل في عمليات التنمية وتعزيز الثقافة السياسية للنساء ومنحهن الحقوق الكاملة للمشاركة في التشريعات الوطنية وتزويدهن بمختلف الآليات والامكانات التي تعزز حضورهن في الميدان السياسي.
اعلان دمشق
واشار اعلان دمشق عن «المرأة والتربية... وطن وتنمية» الذي اقره المنتدى الى أن المساواة بين الرجل والمرأة من المقومات الاساسية للعدالة الاجتماعية وشرط رئيسي لتحقيق التنمية المستدامة، وان تعليم المرأة وسيلة لتمكين المرأة من اداء ادوارها بكل فعالية، وان تهيئة الاجواء الملائمة لتربية المرأة وتطويرها هو خير زاد من اجل المستقبل ومواجهة التحديات التي تعوق مسيرتها.
وأكد على تمكين المرأة العربية من الاضطلاع بأدوارها في المجتمع وازالة المعوقات التي تحول دون قيامها بهذه الادوار بكل فعالية وصولا بها الى مواقع صنع القرار وربط الاعلان بين التربية والتنمية، وقال ان الاستثمار في ميدان التربية يعد افضل انواع الاستثمار فضلا عن ان الاستثمار في تعليم المرأة يعد افضل استثمار تربوي لما لذلك من انعكاسات ايجابية على حياة المرأة نفسها مع اسرتها ومجتمعها. وطالب الاعلان بتنقية المناهج التربوية والبرامج الاعلامية من الموروثات الاجتماعية التي تصور المرأة في مرتبة اقل من الرجل، وتسند اليها الادوارالنمطية السلبية التي لاتتناسب وامكاناتها وطاقاتها الابداعية في عملية التنمية الشاملة وبالعمل الحثيث على محو امية النساء في الوطن العربي والحيلولة دون تسرب الفتيات من التعليم النظامي والقضاء على عوامل الهدر التربوي رسوبا وتسربا ونوعية. وأكد على اهمية تربية الاطفال في الطفولة المبكرة ودور الامهات في هذه التربية نظرا إلى أهمية الطفولة المبكرة في بناء شخصية الطفل وفي المراحل التالية من حياته والانفتاح على روح العصر والتزود بالمهارات والكفايات التي تساعد الانسان العربي على التفاعل الايجابي البناء مع روح العصر من تعلم ذاتي مستمر وتفكير علمي وانتماء الى أمته والتحلي بقيمها العربية الاصلية في عصر العولمة حفاظا على الذاتية الثقافية مع الحرص على تربية الابداع والتفكير النقدي الابتكاري استجابة لمقتضيات العصر وثوراته العلمية والتقانية
العدد 153 - الأربعاء 05 فبراير 2003م الموافق 03 ذي الحجة 1423هـ