العدد 217 - الخميس 10 أبريل 2003م الموافق 07 صفر 1424هـ

فضل الله لـ «الوسط»:أستبعد نزاعا سنيا - شيعيا في العراق

بعد انهيار النظام والاحتلال الأميركي للعراق

دعا السيد محمد حسين فضل الله في أول حديث له إلى «الوسط» صباح أمس العرب والمسلمين إلى التفكير بصمت لا بالاستهلاك من أن أميركا ستخرج من العراق لأنها إذا خرجت من الباب فإنها فتحت ألف نافذة أمنية وسياسية.

وعن المعارضة العراقية قال: «إنها مسألة معقدة جدا، الذين في الخارج لا عمق شعبيا لهم، والذين في الداخل لم نسمع صوتهم بعد». واستبعد فضل الله أية فرصة لنزاع سني - شيعي في العراق، واصفا الوضع العربي بأنه «قمّة الذل»، معتبرا أن هذه آخر وظيفة لصدام عند الأميركيين.

في منزله في حارة حريك تحدث السيد فضل الله إلى «الوسط» فقال بداية عن هذا الانهيار السريع للنظام العراقي: «إن صدام حسين لا يثق حتى بمؤسسة الجيش العراقي. وهذا ما رأيناه في الكويت عندما ترك وحدات الجيش لقدرهم فماتوا بالقصف والعطش والجوع، كما يبدو ان الحرس الجمهوري أعطي حجما اكبر مما هو عليه لكي يتم تضخيم الانتصار الأميركي. لأن هذا الرجل ( ويقصد صدام حسين من دون ان يسميه) لم يخطط من الأساس للحرب بالطريقة التي كان يتكلم بها، من الممكن ان هذه المشاغلة حصلت لكي لا يستسلم ولكي يكون بطلا، ولكي تحقق اميركا نصرا».

وأضاف قائلا: «لا أدري، ولكن من الممكن انها آخر وظيفة لهذا الرجل عند الأميركيين. فحتى مسألة الصفقة التي يحكى عنها تحتاج الى تدقيق فلا توجد معطيات إلى الآن لكي نركز عليها. في تصوري ان هذا الرجل سقط قبل ان يسقط، لأنه سقط من وجدان الشعب العراقي وهذه معلومات وليست استنتاجات الا من جانب المنتفعين من النظام. لقد وصل اليأس بالناس إلى حد الهستيريا حتى باتوا يتقبلون اي آخر لإسقاط هذا الرجل».

وقال فضل الله: «ان البعض لا يزال يثير الخوف - ولا أدري واقعية هذا الحديث - من ان أميركا تريد ان تبقي هذا الرجل (فزاعة) كما أبقت بن لادن سواء في موته أو في حياته. ان هذه الأفكار ليست بعيدة عن الذهنية الأميركية التي تريد ان تصيب اكثر من عصفور بحجر واحد». وتابع قائلا: «علينا ان نراقب النتائج السلبية الكبرى التي ستنتج عن هذا الحدث الذي يصفق له الجميع، ولكنه في الجانب الآخر ولو على مستوى الشكل يعتبر (قمة الذل العربي). ليست المسألة مَنْ المسئول عن هذا الذل، وقد يتحدث كثيرون ان هذا الرجل هو المسئول ولكن المسألة في النتائج. ان العرب سواء كانت هزيمتهم من ناحية رسمية من خلال حاكم أو نقاط ضعفهم فإن العالم سيتعامل معهم كمهزومين، ولهذا الأمر آثار ستصيب كل بلد عربي وكل بلد إسلامي، حتى الذين صفقوا للاحتلال الأميركي. ان أميركا ليست جمعية خيرية تتصدق على العالم بالحرية والديمقراطية وتدفع بجنودها من أجل ان يعطوا الحرية لهذا الشعب أو ذاك، بل ان أميركا التي دخلت الحرب من اجل شرعنة الوجود العسكري في الخليج كله على أساس تخويفه من هذا الرجل.

أنا أتصور ان هذه الحرب هي حرب أميركا العالمية بطريقة او بأخرى لأنها تبدأ من العراق لتتحرك في المنطقة، وهذا ما قاله باول وسواه من المسئولين الأميركيين من أنهم يريدون تغيير خريطة المنطقة في الشرق الاوسط لصالح أميركا ومعاقبة الدول التي قالت لا لأميركا في مجلس الأمن، ولتُمنع أية دولة من تكرار هذا الموقف الرافض للتفرد الأميركي ولكل الخطوات الأميركية اللاحقة للسيطرة على العالم. هذه الحرب انطلقت من كل أجوائها الإعلامية والعسكرية والنفسية لتكون مقدمة من أجل منع أية قوة جديدة كي لا تكون طرفا في قيادة العالم إلى جانب أميركا. ولعلنا بدأنا نسمع عن الشركات الروسية بأن لا دور لها في إعادة إعمار العراق وكذلك فرنسا. لقد بدأت أميركا حربا اقتصادية ضد الاتحاد الاوروبي وروسيا وحربا وقائية ضد الصين لأنها تخشى من هذه القوى، بعد ان اسقطت أميركا الأمم المتحدة ليس بالنقاط وإنما بالضربة القاضية.

إنني أدعو العرب والمسلمين الى التفكير بعمق وليس بالاستهلاك من ان أميركا ستخرج من العراق، ربما تخرج من الباب ولكنها فتحت الف نافذة لكي تنفذ منها الى كل سياسة عربية والى الأمن العربي وثرواته».

وعن المعارضة العراقية قال: «إن المعارضة الموجودة في الخارج لا تملك الكثير من العمق الشعبي في الداخل، وربما نجد ان هناك بعض الناس يستقبلون هذا أو ذاك من المعارضة، ولكن لأن الناس تعودت ان تستقبل الحاكم الجديد أو الذي يرضى عنه «العم سام» للتقرب منه. لذلك المسألة هي ان أميركا اكتشفت ان هؤلاء قد تكون لهم بعض المواقع، ولكنهم لا يملكون الامتداد الشعبي داخل العراق. فهم لم يكونوا داخل النبض العراقي الفعال. أما المعارضة في الداخل فلم يسمع أحد صوتها بعد. لذلك نحن نترقب صوت الداخل العراقي بالاضافة الى المخلصين من الخارج. ان مسألة المعارضة معقدة جدا، ولعل أميركا تبدأ بمصادرة الشعب العراقي وخلط الأوراق، وقد تواجه في المستقبل القريب أو البعيد حالة شعبية أقسى من الحالة التي واجهت النظام البائد».

وعن احتمالات حصول حرب مذهبية الطابع اكد فضل الله قائلا: «أنا لا أتصور ان هناك فرصة لحصول حرب مذهبية سنية - شيعية على رغم وجود الحساسيات التي يشجعها المتعصبون في الخارج، لكن التجربة العراقية تجعلها تعيش في دائرة ضيقة، لهذا لا تصل الى حرب وتاريخ العراق يقول ذلك».

«إن عمليات السلب والنهب وبعض التصفيات لهذا المسئول البعثي أو ذاك كما تحدث الإعلام تجعلنا نحذر ونخشى من وجود وضع معين يؤدي الى الكثير من الأوضاع السلبية الأمنية، ولا سيما ان البعض يتحدث عن تشجيع الأميركي لحدوث ذلك من البداية لكي يتدخلوا على أساس أنهم فرضوا الأمن لكي يقبل الشعب العراقي بهم». وعن احتمالات نشوء مقاومة ضد الاحتلال الأميركي قال: «إن مسألة المقاومة تحتاج الى دراسة ميدانية، وخصوصا ان هذا الانهيار السريع للنظام والذي كان كثيرون يأملون ان يقاوم بالقوة العسكرية التي يملكها، وهذه الأسلحة الأميركية الجهنمية التي جربتها لأول مرة في أجساد العراقيين وبيوتهم وبناهم التحتية ربما هذا يجعل المسألة من موقع التوازن أمام المستقبل. لكنني أتصور انه عندما تتطور الأمور في اتجاه آخر، ولاسيما اذا تدخلت بعض العناصر الخارجية بإثارة المشكلات أمام الاحتلال الأميركي فمن الممكن جدا ان تكون هناك مقاومة على مستوى العصابات أو الفوضى، وعلينا ان نرصد جيدا هذا التضارب في المصالح الأميركية - الأوروبية لربما تتدخل السياسة لتخرب الأمن».

وختم قائلا: «إن الانتصار العسكري الأميركي لا يعني الانتصار السياسي، بل ان الانتصار السياسي اكثر تعقيدا من العسكري، وهناك مثال على ذلك بما حصل للاتحاد السوفياتي اثناء احتلاله لأفغانستان»

العدد 217 - الخميس 10 أبريل 2003م الموافق 07 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً