العدد 219 - السبت 12 أبريل 2003م الموافق 09 صفر 1424هـ

حرب المفاجآت

تمام أبو صافي comments [at] alwasatnews.com

مازال الذهول يسيطر علينا في محاولتنا فهم الكيفية التي سقط بها النظام العراقي ودخول القوات الأميركية إلى بغداد وما رافقها من حال سلب ونهب وحرق واغتيال لكل مظهر حضاري وجميل من قبل الكثير من العراقيين الذين عاقبوا نظامهم الزائل ووطنهم معا. وبات هناك سؤال يطرح نفسه بقوة: اين صدام؟ فصدام حسين كان رأس الحكم في العراق منذ العام 1968 حتى قبل أن يتقلده بصورة رسمية في العام 1979، هذا الرجل عرفنا عنه التشبث بالحكم والتمسك بالسلطة، وهذا ليس داء ينفرد به صدام دون غيره في المنطقة، لكن صدام على الاقل هو من وضع تحت المجهر من بداية العقد الاخير من القرن الماضي.

ومنذ تسارعت الاحداث الاسبوع الماضي طرحت الكثير من الفرضيات بشأن اسقاط النظام بهذه الصورة غير المتوقعة على الاطلاق. فهناك من توقع مقتله في أول أيام القصف على العراق، أو انه لا يزال مختبئا في مكان ما، أو هرب الى خارج العراق. ولكن يبقى احتمال واحد لا يمكن استبعاده ايضا في حالات الحرب وهو وجود صفقة تم عقدها بين صدام حسين والمقربين منه من جهة وصقور البيت الابيض الذين قادوا هذه الحرب من جهة أخرى. فالإدارة الأميركية لم تكن لترضى بأقل من النصر في حرب أعدت لها الكثير وكلفتها الكثير على المستويين السياسي والعسكري. وكان دخول بغداد بالنسبة لقوات التحالف دخول المعركة الى نمط حرب الشوارع التي وان كانت قوات التحالف قادرة على تحقيق النصر فيها بفضل الامكانات العسكرية التي تتمتع بها إلا ان هذه المعركة ايضا قد تفرض فاتورة باهظة من أرواح جنودها، وهو أمر مقلق للادارة الاميركية وحساباتها الداخلية.

فقد تكون هذه الادارة حسمت أمرها في السابع من أبريل/نيسان وقامت بعقد صفقة مع القيادة العراقية لمنع أية مقاومة من المدينة وتسليمها على النحو الذي جرت عليه الحوادث، إذ أصدرت الأوامر للوحدات العسكرية في التشكيلات كافة من فرق نظامية تعمل ضمن الجبهات الجنوبية، طلب منها الارتداد الى الشمال، وتم تجميد ما يقرب من ست فرق عسكرية في مكانها تماما، وعدم مشاغلة أي قوات تصل الى الشمال لحين انتظار أوامر جديدة، وإصدار الأوامر للفيلق السادس والفرق المركزية بعدم الرد على الانزالات في الشمال والتراجع جنوبا على شكل هلال ما بين كركوك والموصل، وإصدار الأوامر لقوات الحرس الجمهوري من ثلات فرق (نبوخذ نصر والنداء وعدنان) بالتوجه الى منطقة شمال بغداد إلى المنطقة المحيطة بتكريت. وإبقاء فرقة المدينة بإغلاق منطقة ما بين النهرين حتى الجنوب الشرقي لبغداد، على رغم تكبد الخسائر الفادحة فيها. كل هذه الاوامر ربما تزامنت مع خروج الرئيس العراقي وأسرته وأعضاء القيادة كنوع تسليم واستلام بمأمن عبر حدود بلد مجاور، الى حيث تضمن لهم القوات الاميركية الوصول الآمن الى هناك كي ينفذ الرئيس العراقي ما جاء في الاتفاق كصفقة بعدم تصفية القيادة العراقية وتفادي إنزال أية خسائر بأرواح القوات الغازية لبغداد.

ربما يكون هذا الاحتمال الأكثر قبولا والاقرب الى المنطق، فلا يمكن أن تقاوم مدينة جنوبية كالبصرة أكثر من العاصمة بغداد التي تعد مركز القوى وثقل الحكم. وربما تكون هذه المفاجأة التي رددها كثيرا وزير الاعلام العراقي محمد الصحاف قبل اختفائه

العدد 219 - السبت 12 أبريل 2003م الموافق 09 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً