العدد 198 - السبت 22 مارس 2003م الموافق 18 محرم 1424هـ

عودة إلى جاذبية قاتلة في Swimfan

في العام 1987 قدم المخرج ادريان لين فيلم Fatal Attraction من بطولة مايكل دوغلاس وغلين كلوس وكان يدور حول فكرة خيانة الرجل للمرأة محذرا من مخاطرها ونتائجها التي لا تحمد عقباها. وفي سبتمبر/ أيلول 2002 وبعد ما يقرب من ستة عشر عاما تعود إلينا فكرة الخيانة الخطرة ذاتها في فيلم للمخرج الاسترالي جون بولسون يحمل اسم Swimfan، يوجه الممثل المخرج من خلاله درسا أخلاقيا إلى المراهقين يتركز على أنه من الخطأ أن تخون حبيبتك فذلك سيكلفك الكثير. ولا يكتفي جون بولسون باقتباس فكرة فيلم ادريان، بل ان الملامح العامة للقصة وجزءا كبيرا من التفاصيل ينسخ ويعاد في فيلمه الأخير، وما يتغير فقط هو التقنيات ووجوه الممثلين والمشاهدين المستهدفين، ففي الفيلم الأول تتم الخيانة او الانجذاب القاتل من قبل رجل متزوج ناضج في السن إلى امرأة في مثل سنه. أما هنا فتدور الحوادث في احدى المدارس الثانوية بين طلبتها المراهقين، وهكذا فقد يكون الفيلم الجديد موجها إلى المراهقين والشباب الصغار، لذلك نستطيع القول ان فيلم Swimfan هو نسخة العام 2002 من.Fatal Attraction.

مايكل دوغلاس هنا هو جيس برادفورد أو بن كرونين، أما غلين كلوس فهي اريكا كريستينسين (ماديسون بيل)... (بن) طالب في المدرسة الثانوية، حياته لا ينقصها اي شيء تقريبا فهو سبّاح ماهر على أمل الحصول على بعثة إلى ستانفورد، كما ان لديه صديقة لطيفة رائعة وتحبه كثيرا وهي شيري ابلباي (ايمي)، وهو محبوب ومحب للآخرين ومثالي، إذ يقضي أوقات فراغه في التدريب على السباحة كما انه يعمل ممرضا في احد المستشفيات. أما البطلة ماديسون فهي فتاة فاتنة رائعة الجمال أتت حديثا إلى المدينة من مكان ما، وهي حساسة وتجيد العزف على الكمان لكنها على ما يبدو مريضة نفسيا ولديها خلط واضح في تعريفها للمفاهيم كمفهوم الصداقة مثلا.

منذ بداية الفيلم تقع ماديسون في حب بن وتحاول التقرب منه بشتى الطرق ويستجيب إليها في بادئ الأمر اعتقادا منه برغبتها في الصداقة ليس إلا، لكنه يتراجع مسرعا بعد تطور معين في علاقتهما ويفضل الاخلاص لإيمي والبقاء معها، لكن ماديسون ترفض ذلك معتقدة ان بن يحبها وتحاول اقناعه بذلك. وهنا تبدأ سلسلة من المطاردات بين ماديسون وبن، تكاد ماديسون من خلالها ان تدمر حياة بن. يطرد أولا من فريق السباحة بتهمة استخدام المنشطات التي يقسم انه لم يأخذها أبدا، ويبدو هذا الاتهام مدعوما بماضيه الأسود إذ عولج سابقا من الادمان على المخدرات، بعد ذلك يُقتل أحد أصدقائه وتبدو أصابع الاتهام جميعها موجهة إلى بن. وأخيرا يتهم بن بمحاولة ايذاء صديقته ايمي والتسبب لها بحادث. يشك بن في ان تكون ماديسون وراء كل هذه الأمور ويحاول التحقيق في هذا الأمر بعد ان انفض الجميع من حوله، وفعلا يتمكن من اكتشاف الكثير من الأسرار لتنتهي مطاردات ماديسون وتفشل في مسعاها بينما ينجح بن في اعادة الأمور الى نصابها الصحيح.

ليس هناك الكثير مما يمكن كتابته عن هذا الفيلم، فالسيناريو والقصة لا يستحقان ذلك على الأقل لأنهما تقليديين ولا جديد فيهما، كما ان فكرتهما مبتذلة. وكما ذكرت سابقا الفيلم تكرار لفيلم Fatal Attraction ولما شابهه من أفلام كفيلم .The Crush وما يمكن ان يشكل عامل جذب لهذا الفيلم هو الموهبة التي يتمتع بها الممثلون فيه وعلى رأسهم اريكا كريستينسين (ماديسون) التي ظهرت منذ عامين في فيلم Traffic إذ كان شكلها الخارجي متناسبا بشكل كبير مع ما يفترض ان تكون عليه الشخصية التي لعبتها، فهي على قدر كبير من الجمال والفتنة وهذا ما يجب ان تكون عليه ماديسون، كما انها حادة الذكاء وهذا ما تنقله لنا عينا اريكا، الأمر الذي يخونها هو براءة وجهها التي لا تعطي انطباعا عن وجود مرض نفسي، كما اعطت ملامح غلين كلوس في Fatal Attraction، وفيما عدا ذلك كان أداؤها جيدا وكانت حالة البرود التي تسيطر على أدائها في جميع المشاهد تقريبا كفيلة بأن تنقل لنا جزءا مما تعيشه من حالة نفسية. ومن بعد ذلك يأتي بن، فهو ممثل جيد وهو كماديسون على قدر من الوسامة واللياقة ما يجعله مناسبا للدور، لكن على رغم ذلك فوجهه الطفولي يظلمه اذ لا يتناسب مع مستوى النضج الذي نشهده منه في الكيفية التي يعالج بها الامور. أما بالنسبة إلى إيمي فإن ملامحها البريئة ووجهها الهادئ يعطيان انطباعا يتناسب فعلا مع الشخصية، فهي محبة ولطيفة ومتسامحة إلى حد بعيد لكنها أيضا ذكية تعرف كيف تحتفظ ببن على رغم كل شيء. الأمر المميز في اختيار جيس برادفور وشيري ابلباي ايضا هو ذلك النوع من التناسب والانسجام العاطفي الذي يبدو بينهما والذي نشعر به في كل مشهد يجمعهما.

بالنسبة لسيناريو الفيلم (الذي كتبه فيليب شنايدر)، فهو يمتلئ بالكثير من المبالغات، كإظهار قدرة ماديسون على القيام بالكثير من الأشياء لايذاء بن، فنحن نشاهدها تتسلل إلى المستشفى وتتمكن من تبديل الأدوية للمرضى، وتتمكن من قتل جوش في بركة السباحة، كما انها تستطيع قتل الشرطيين المرافقين لها على رغم انها مقيدة. الأمر السلبي أيضا هو وجود بعض التناقضات في الفيلم، فماديسون ذات الذكاء الحاد لا يمكن أن تنتهي بالطريقة الغبية التي رأيناها في حوض السباحة. والى جانب التناقضات فهناك الغموض الذي يلف الكثير من الامور والذي يبدو بأن كاتب السيناريو لم يعبأ به، فهو لا يخبرنا عن ماضي ماديسون وما سبب لها المرض النفسي الذي تعاني منه. كما انه لا يغوص بنا في أعماق بن، فنحن لا نعرف كيف يشعر حقا ولما يرفض ماديسون وهل يكرهها ام لا وكيف يشعر بالذنب تجاه خيانته لايمي، لا نرى منه سوى عينين تائهتين وربما ساذجتين لا يمكننا قراءتهما.

ما يحسب لصالح الفيلم هو قدرة مخرجه على استخدام الكاميرا بحيث يوجه اهتمام المشاهد وتركيزه الى حيث يريد. لكنه يفشل مرة أخرى في استخدام تقنية يقوم فيها بتقطيع المشاهد لبيان انفعالات الممثل، وهي تقنية استخدمت عدة مرات لايضاح انفعالات ماديسون ولنقل فكرة مرضها النفسي، تقنية لم يكن المخرج بحاجة إليها مع وجود ممثلة جيدة كأريكا كريستينسين.

الفيلم لا يحمل اية اثارة او تشويق ويبدو اننا نتابع الحوادث بضجر وملل فنحن نعلم منذ البداية ما سيحدث كما ان جميع الحوادث تبدو متوقعة وغير مفاجئة لنا، ربما لابتذال الفكرة او ربما لأن المخرج لم يوفق في ان يشوقنا.

المخرج جيد والممثلون جيدون ولكن الفيلم لا يستحق المشاهدة ولا اعتقد ان ايا من طاقم العمل في الفيلم ينتظر شيئا من الثناء او التقدير او الجوائز لا سمح الله

العدد 198 - السبت 22 مارس 2003م الموافق 18 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً