العدد 214 - الإثنين 07 أبريل 2003م الموافق 04 صفر 1424هـ

مجلس الأمن في إجازة «إجبارية»

علي محمد جبر المسلم comments [at] alwasatnews.com

عندما تعثر الاقتصاد الأميركي وبدأت الدوائر تضيق على موازنات جميع المؤسسات الحكومية الصحية والتعليمية والصناعية والعمل... إلخ، تمثل أمام الساسة الأميركيين شبح الانهيار العظيم الذي أطاح بالاتحاد السوفياتي فانتباتهم هستيريا الخوف من السقوط، وأصابهم ما يصيب كل شركة أو مؤسسة حينما تتعرض لشبح الإفلاس باللجوء إلى المراوغة والتدليس والكذب وأحيانا السرقة.

وبما أن السلطة التشريعية وقوانينها مع السلطة التنفيذية في أية دولة يمكنها وقف ومنع أي شكل من هذه الممارسات الإجرامية بالنسبة إلى أية شركة أو مؤسسة تقع في محيط حدودها الإقليمية، فإن الولايات المتحدة الأميركية باعتبارها دولة حينما يصيبها هاجس الخوف من الإفلاس وتحاول النأي عنه لابد لها أن تسلك ذلك المسلك نفسه من المراوغة والتدليس والكذب والسرقة الذي تسلكه الشركات، ولكن على مستوى آخر وهو مستوى الصعيد الدولي، فإن هذا الصعيد يحكمه مجلس الأمن.

وبما أن الولايات المتحدة الأميركية عضو دائم في هذا المجلس وتعتبر الدولة الأقوى فهي تحاول أن تكون ـ باستعمال عضلاتها ـ بعيدة عن المساءلة الدولية، وهذا الشيء لا يمكن أن يكون في ظل وجود المجلس، فلذلك قامت هذه الدولة (الولايات المتحدة الأميركية) التي تحولت من خلال تصرفاتها الانفرادية الخارجة عن الشرعية الدولية إلى دولة مارقة وخارجة على القانون حين لجأت إلى تعطيل عمل المجلس وتحولت بين ليلة وضحاها من دولة بناء مؤسسات وهيئات عالمية لحفظ الأمن والسلام العالميين إلى معول هدم وتدمير، وباشرت العمل منفردة كحكم وجلاد بغية الوصول إلى مرادها لسرقة ثروات العالم خدمة لمصالحها ولإبعاد شبح الإفلاس عن مؤسساتها وذلك عن طريق «البلطجة» وممارسة القهر والقوة.

فهذه الدولة التي تميزت بالعقل الرشيد منذ عهد قريب، أصبحت كما يقول المثل الشعبي «خجري ونشيط»، عابت بالأمس على العراق دخول قواته المسلحة في اجتياح شامل لدولة الكويت ولجأت إلى الشرعية الدولية بمجلس الأمن لاستصدار قرارات ظالمة لا تترك للعراق متنفسا أو طريقا للمصالحة، وجندت ضده ثلاثة وثلاثين دولة لإخراجه من الأراضي الكويتية، محملة إياه كل النفقات العسكرية والتعويضية، وحاصرته اثنتي عشرة سنة تحت ذريعة تجريده من أسلحة الدمار الشامل، إلا أن التي حاربت من أجل الشرعية الدولية وإخراج العراق من دولة الكويت بالأمس تقوم اليوم بالفعل نفسه وهو الخروج على الشرعية الدولية، فتجتاح أراضي جمهورية العراق ليس لأن العراق يحتل بلدا آخر، إنما لأن الولايات المتحدة الأميركية بحاجة إلى نفطه لسد العجز في موازناتها المالية.

والمؤسف حقا، أن الدول العربية التي بالأمس أدانت فعل العراق واحتجت بشدة على دخوله أرض الكويت تنأى عن إدانة الممارسات الأميركية المتمثلة في هجومها الشرس على الأراضي العراقية. والمحزن أن بعض هذه الدول يشجع ويشارك، والبعض الآخر يمنح تسهيلات لهذه الدولة المعتدية التي تلبسنا في طاعة أوامراها الخزي والعار.

لا تنهَ عن خُلقٍ وتأتي مثلهُ

عارٌ عليكَ إذا فعلتَ عظيمُ

إقرأ أيضا لـ "علي محمد جبر المسلم"

العدد 214 - الإثنين 07 أبريل 2003م الموافق 04 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً