العدد 214 - الإثنين 07 أبريل 2003م الموافق 04 صفر 1424هـ

لماذا تستخدم القنابل العنقودية؟

«الأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال القتالية يجب أن يتم معاملتهم معاملة إنسانية تحت أي ظرف كان». هذه هي الكلمات الافتتاحية للاتفاق المتعلق بحماية المدنيين في زمن الحرب، والموقع في جنيف في 12 أغسطس/آب 1949م. فالمبدأ واضح، حتى لو كانت المجادلات لا تنتهي بشأن معناه على أرض الواقع.

وهناك اتفاق عام في العالم على أن استخدام الألغام الأرضية لا ينسجم مع المبدأ، لأنها تمثل تهديدا للمدنيين وتظل لعدة سنوات. وقد تم تحريمها على نحو واضح في معاهدة أوتاوا للعام 1997، والتي كانت بريطانيا أحد موقعيها الأساسين. وعلى رغم أن الولايات المتحدة لم توقعها، فإن سياستها عدم استخدامها.

لماذا إذن يستخدم الأميركان والبريطانيون القنابل العنقودية في العراق؟ فهذه عبارة عن ذخائر تنتشر على عدد كبير من المتفجرات على مساحة واسعة، وتشبه الألغام الأرضية من جانبين:

الأول: انها غير مميزة، ففي الواقع ان هذه القنابل أكثر غموضا، إذ يتم قذفها من الجو.

والثاني: انها تظل غير متفجرة على الأرض. وذلك قد لا يكون الهدف للقنابل المستخدمة في العراق، ووزارة الدفاع (البريطانية) تدعى أن 5 في المئة فقط من هذه القنابل الحديثة تفشل في الانفجار. ولكن ذلك يعني انها تظل تستخدم عن علم بأنها ستخلّف وراءها اثنين أو ثلاثة من محتوياتها لا تنفجر في القنبلة الواحدة. وقد أوضح الصليب الأحمر أن الأطفال الذين قتلوا بسبب تناولهم هذه الأجزاء المتخلفة عن القنابل العنقودية في كوسوفو أكثر من الذين قتلوا في الانفجارات المباشرة أثناء القتال.

ومحاولات التملص والتهرب من قبل الناطقين الرسميين لم تساعد طرح الحكومة. فالكولونيل كريس فيرنون قال في الكويت أمس الأول: «نحن لا نستخدم أي نوع من القنابل العنقودية حول البصرة»، قبل أن يضيف: «البصرة تتمدد». وعندما سئل الناطقون الرسميون الأميركيون عمّا نقله روبرت فيسك باعتباره شاهد عيان على الإصابات بين المدنيين، بسبب ما يبدو انه قنابل عنقودية، كانت ردودهم غير محدّدة. نعم، لقد استخدموا مثل هذه الأسلحة، كما يقولون، ضد أهداف عسكرية فقط مثل قوافل العربات بعيدا عن المناطق السكنية.

ويوحي الدليل أن الاستهداف لم يكن موضع اعتماد، إذ ستكون هناك إصابات بين المدنيين لسوء القصف مهما كانت الأسلحة المستخدمة، ولكن القنابل العنقودية بالخصوص أكثرا فتكا.

والتصريحات الأميركية تأتي في أرقام أكبر، مع معدلات فشل أكبر، إذ يتوقع أن تترك التصريحات 1,200 مادة متفجرة على مساحة تقدر بكيلومتر مربع لوابل من القذائف من 12 صاروخا.

ونحن لا نعتقد أن استخدام مثل هذه الأسلحة يمكن أن يكون مبررا بأي وجه. ولكن كم هو النقاش ضعيفا بشأن استخدامها في هذه الحرب. فالتفوق التكنولوجي للتحالف كبير جدا بحيث يفترض ألا يكون ضروريا استخدام أسلحة من الواضح انها تفشل في تقليل الإصابات المدنية. ويجري هذا الجدل نفسه عن استخدام اليورانيوم المنضب، وهو معدن ثقيل يستخدم ضد الدبابات. ولم يوجد دليل ـ كما أصر الوزراء على تكرار ذلك ـ على تسبّبه في الإصابة بالسرطان، ولكن ذلك لأنه لم تجر غير بحوث قليلة عن ذلك. والخطر الأكبر هو انه يأتي من استنشاق أو هضم غبار اليورانيوم المنضب. وإذا كانت الدبابات العراقية قديمة جدا وهناك بدائل لليورانيوم، فلماذا يستخدم؟

وعلى رغم كل الاحتجاجات الصادرة لتجنب إصابات المدنيين، فهناك «شدّ» في قلب التكتيكات العسكرية الأميركية والبريطانية، بين القوة الأدنى والقصوى. فالأميركيون بالخصوص يبدون فخورين جدا بالقوة التدميرية لأسلحتهم عالية التقنية. ويظل ان قوات الحلفاء يمكن أن تقوم بالمزيد لضمان استخدام القوة الدنيا الضرورية، التي هي إحدى الشروط ـ التي تضمنها اتفاق جنيف ـ في شن حرب مبرّرة.

(خدمة الاندبندنت - خاص بـ «الوسط»

العدد 214 - الإثنين 07 أبريل 2003م الموافق 04 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً