العدد 222 - الثلثاء 15 أبريل 2003م الموافق 12 صفر 1424هـ

البيئة الساحلية في البحرين

أخذت البحرين شكلا قبابيا في العصور القديمة متأثرة بما كان يدور حولها من حركات الرفع والضغط، هذا الشكل القبابي الممتد من الشرق إلى الغرب، ومن ثم تطور هذا الشكل القبابي عبر الزمن، إلى تشكيل خمسة مظاهر مميزة للبحرين امكن للدارسين رصدها.

فالمظهر الاول يمثل الهضبة الوسطى وجبل الدخان أعلى منطقة في البحرين إذ يصل ارتفاع جبل الدخان إلى 130 مترا فوق سطح الارض، اما المظهر الثاني فهو الحوض الداخلي وهو عبارة عن حلقة متماثلة تحيط بالهضبة الوسطى، يتراوح اتساعها ما بين 2 و7 كيلو متر في الجنوب، ويليها نطاق السفوح المركبة، ويصل اقصى ارتفاع لها في الرفاع إذ تصل إلى 65 مترا فوق مستوى سطح البحر، اما المظهر الرابع فهو المنحدرات الخلفية للسفوح المركبة، يأتي بعدها السهول الساحلية او النطاق الساحلي، وهو عبارة عن شريط من المفتتات الرملية الغريانية تحيط بالمنحدرات الخلفية يبلغ اقصى امتداد له في المناطق الشمالية والشمالية الغربية.

يبلغ طول السواحل في البحرين حوالي 125 كيلومتر متصلة بالبحر المحيط بها من جميع جهاتها الاربع، بالاضافة إلى باقي جزر البحرين الاخرى، درجة الحرارة لسواحل البحرين متأثرة بمناخ البحرين ففي اشهر الشتاء تنخفض درجة حرارة السواحل وفي الصيف ترتفع درجة الحرارة، أما ملوحة المياه فهي تتراوح ما بين 39 و41 جزءا في الالف عند خليج توبلي وسترة و55 جزءا في الالف عند الزلاق.

ما يميز سواحل البحرين كونها مكونة من مفتتات رملية عملت التيارات البحرية والمد والجزر وكذلك الرياح على ترسيبها في شواطئ البحرين، وهذا ما يتم بصورة جميلة جدا يمكننا ان نتصور هذه العملية من خلال هذه الدورة التي يقوم بها التيار البحري الذي يدخل من منطقة مسندم بحذا الساحل الايراني متجها حتى شط العرب ثم ينحرف ليكون موازيا للساحل السعودي حتى المناطق الغربية من البحرين، ليرسب هناك مفتتات رملية مكوننا سواحل من الرمال الناعمة غرب البحرين، بعكس المناطق الشرقية في البحرين، وهذا ما يفسر عدم وجود موانئ وحركات ملاحية في غرب البحرين والتي تجدها في المناطق الشرقية من البلاد. واما حركة المد والجزر والتي تحدث في البحرين على فترتين فانها تقوم اثناء عملية امتداد الماء ومن ثم انحساره إلى ترسيب المفتتات الرملية وكذلك تعمل على تسوية سطح الساحل ، وتقوم كذلك الرياح الشمالية الغربية السائدة في البحرين بعملية نقل المفتتات الرملية من صحاري المملكة العربية السعودية وترسبها في المناطق الشرقية من البحرين وخصوصا المناطق الجنوبية الشرقية من البلاد إذ تخف سرعتها هناك.

تشير بعض الدراسات الى سواحل البلاد والتي تعتبر موطنا للكثير من الطيور المحلية والمهاجرة مثل الصقور وخصوصا صقور حوار النادرة وعقاب السمك وطيور الخرشنة والغراب السوقطري، يمكن تقسيمها إلى بيئات بحسب اهمية كل بيئة من البيئات الآتية:

فهناك بيئة السواحل الرملية، والتي يمكن تصنيفها إلى قسمين اساسيين وهما السواحل الرملية الطبيعية والموجودة في الاجزاء الجنوبية والجنوبية الغربية من البلاد، إذ يمكن رصد الكثير من الحيوانات الصغيرة هناك، كما انها تعتبر جزءا طبيعيا مهما في البلاد لم تتدخل فيه يد الانسان بشكل كبير، يمكننا المحافظة عليه سالما من العبث والمحافظة على ما فيه من حيوانات ونباتات طبيعية.

اما السواحل الرملية الصناعية الناتجة من عمليات الدفان اصلا، والتي يمكن رصدها في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية من البلاد والتي استخدمت في انشطة تجارية وعمرانية كثيرة.

وهناك مناطق الحافات الصخرية والتي يندر وجودها في البحرين، إذ يمكن رصدها في مناطق معينة كجزيرة النبيه صالح ورأس سند وفي جزر حوار، إذ ترتفع هذه الحافات الصخرية عن مستوى سطح البحر لارتفاع قد يصل إلى 15 مترا، وقد ظهرت حافات صخرية قامت في مناطق معينة من البلاد وخصوصا عند مناطق الجسور الرابطة بين جزر البحرين، وتكون المناطق الصخرية بيئة مناسبة لبعض الحيوانات الساحلية مثل السرطانات.

وتعمل حركة المياه عبر المد والجزر على تكوين بعض البحيرات المائية الصغيرة وخصوصا في ساحل عسكر، وهذا يعمل على جعل الساحل هناك ساحلا طينيا، اما في رأس الممطلة إذ الارسابات الجبسية فهي ناتجة عن ارسابات قديمة جدا يطبق عليها ارسابات بحيرية ، ولكون هذه الارسابات في منطقة تتكون من صخور الجير وتفاعل الماء مع مكونات الجير (كربونات الكالسيوم) كون ما يعرف بالجبس، وهذا مستمر حتى الآن نتيجة الرطوبة الناتجة عن انخفاض المنطقة عن مستوى سطح البحر ادى الى وصول مياه البحر اليها. ويمكن كذلك حصر السواحل الطينية في البلاد في مناطق الخلجان والاخوار واللاجونات.

وبيئة نبات القرم، والتي يمكن رصدها بوضوح في منطقة رأس سند والتي خسرت أكثر من ثلاثة ارباع مساحة هذه البيئة نتيجة عمليات الدفان وتوسيع رقعة اليابسة هناك، وكذلك هو الحال لنباتات القرم في خليج توبلي، إذ يعمل على تقليص مساحتها، وتعتبر هذه البيئة غنية في ذاتها وكذلك مهمة من كونها محمية طبيعية لصغار الاسماك إذ تلجأ اليها، وكثير من القشريات والكائنات الحية.

وقد اشرنا إلى ان البيئة الساحلية في البحرين تعتبر غنية في انواع الطيور التي تتوطن فيها، سواء كانت طيور محلية ام مهاجرة، كما أنها تعتبر بيئة ملائمة للكثير من حيونات البحرين، كما انها تحوي الكثير من الاسماك الصغيرة والنباتات التي تتغذى عليها الاسماك.

ولابد من الاشارة الى ان هناك الكثير من من الملوثات والاشكال الهدامة لهذه البيئة الحيوية، ويمكن حصر هذه الملوثات في:

- عمليات الدفان، والتي تجري على قدم وساق في جميع مناطق البحرين وخصوصا المناطق الشمالية، وهذه العمليات لها اثرها الواضح في اختفاء الكثير من الاحياء البحرية، كما ان تكوين بيئة صالحة في المناطق المدفونة يحتاج إلى وقت طويل جدا حتى تتكون بيئة يمكن ان توفر مكانا صالحا لكل الاحياء الموجودة سابقا.

- كذلك الملوثات النفطية، والتي تتمثل في تسرب البقع النفطية، كما حدث في الشهر الماضي من تسرب بقعة نفطية كبيرة قبالة سواحل المحرق، وهذا بالتأكيد يؤدي إلى قتل الكثير من الاحياء الساحلية، كما انها تؤدي الى تشويه طبيعة السواحل، كما ان مياه التوازن التي تستقدمها السفن النفطية من بلدان بعيدة و تلقي بها قبالة السواحل في البحرين وهذا فضلا عن الملوثات التي تسببها فانها ايضا تساهم في تغيير النظام البيئي للساحل من خلال كون هذه المياه اصلا مياه بحرية تحمل في اجزائها احياء دقيقة من مياه اخرى غير المياه في الخليج لها صفاتها الخاصة، واختلاطها بالمكونات البحرية هنا يؤدي مع الزمن الى اختلال في النظام البيئي الساحلي في المنطقة.

- كما تؤدي مياه التبريد التي تلقي بها المصانع ومصانع التحلية، إلى موت الاحياء البحرية في تلك المناطق، واختفائها بالتدريج، إذ ان هذه المياه تغير من حرارة وملوحة المياه في تلك المناطق، ما يجعلها مناطق غير صالحة للاحياء البحرية.

- كذلك النفايات والمخلفات التي ترمى في المناطق الساحلية تؤدي إلى تدمير البيئة هناك بشكل مباشر، فهذه المخلفات ذات الاحجام المختلفة، تحمل بين اجزائها مواد خطرة وسموما مختلفة تؤدي الى نقلها بطريقة او باخرى إلى الانسان ذاته عبر تغذي الاسماك على هذه السموم او انتقال هذه السموم وعادة ما تكون ذائبة إلى الكائنات الدقيقة التي يتغذى عليها السمك وتنتقل بعد ذلك إلى الانسان نفسه.

البيئة الساحلية في البحرين تتميز بالتنوع، وبصغر المساحة، فان الآثار الهدامة لها اثر واضح عليها، قد تختفي بعض بيئاتها اذا ما سارت معاول الهدم في طريقها من دون توقف





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 12:30 ص

      أصدقاء البيئة

      موضوع جميل جدا
      نتمنى قراءة المزيد من المواضيع البيئية على هذا النسق

    • زائر 1 | 12:18 ص

      أصدقاء البيئة

      موضوع جميل جدا
      نتمنى قراءة المزيد من المواضيع البيئية على هذا النسق

اقرأ ايضاً