العدد 1578 - الأحد 31 ديسمبر 2006م الموافق 10 ذي الحجة 1427هـ

ذكريات العيد

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

عيد بأية حال عدت يا عيد

بما مضى أم لأمر فيه تجديد

أما الأحبة فالبيداء دونهم

فليت دونك بيدا دونها بيدُ

في العيد... حينما كنا صغارا، وبعد صلاة العيد نعود إلى البيت مباشرة، ونعايد على النسوة في البيت، ونجلس نستقبل الأقارب والأهل وبعض أبناء «الفريج». وتكون الوالدة قد أعدت «غدا العيد»، فهي تجلس قبل الفجر تساعدها في عملية الإعداد تلك خالتي العزيزة «أم خالد» (أمي الأخرى)، الله يحفظهم ويطول في أعمارهم.

حال الانتهاء من إعداد «غدا العيد»، نقوم بإيصال وتوزيع «غدا العيد» على بيوت الفريج. كنا نتسابق على بعض البيوت، وبيوت أخرى نذهب إليها في تثاقل تام، وهي البيوت التي لا تزيد عيديتها عن أربع آنات، وبعض البيوت وصل بها الأمر ألا تزيد عيديتها عن عشرة أو خمسة فلوس، أذكرها جيدا! وبيوت أخرى كانت تدعونا إلى «الغدا»، وأي غداء نريد؟! نحن متلهفون لحصد «العيادي» وليس للأكل! البيوت التي نتسابق إلى إيصال «غدا العيد» إليها عيديتها كبيرة بالنسبة لنا في ذلك الوقت، إذ قد تصل إلى مئتين أو خمس مئة فلس، وهي بيوت الأسر الفقيرة...

بعدها، نتوجه إلى بيوت الأهل والأقارب للمعايدة وتحصيل العيادي... ومازلت أذكر أن بيت الوجيه يوسف بن يوسف فخرو، في فريج بن هندي، هو البيت الوحيد من بين بيوت الأثرياء الذين «عيديتهم» كانت كبيرة في ذلك الوقت، ويقوم بعض الصبية مستغلا هذا الكرم بالتردد عليهم مرة بعد أخرى!

نتناول نحن الصبية «غدا العيد» أما في الصباح أثناء عملية «توزيع الغدا»، أو في الضحى. خليفة الهاشل (المناعي) وأمه لطيفة - رحمها الله - مازال إلى اليوم على عادته في نحر العجول وتوزيع لحمها المطبوخ مع الرز على بيوت الفريج، وكان بيت علي بن إبراهيم الجودر - رحمه الله - أيضا يقيم مأدبة للرجال يوم العيد.

بعد «غدا العيد»، نقرر الذهاب إلى السينما، نتوجه إلى سينما الجزيرة مشيا على الأقدام، والتي هي خلف «آريف»، وأكثر الأفلام عرضا في ذلك الوقت كان فيلم «بروسلي» وهو مليء بمشاهد البطولة والدفاع عن الشرف.

قبل الدخول إلى قاعة السينما وبعدها، تحدث ملاسنات واشتباكات بالأيدي في بعض الأحيان، وخصوصا مع بعض الصبية من «البسيتين» أو من «الدير» أو «سماهيج» أو «قلالي»، نحن أبناء فريجي بن هندي والعمامرة نخرج في الغالب بعلامة النصر! ونتآخى بعد ذلك في لوحة صبيانية رائعة. كان لباسنا إما ثوبا عربيا وإما بذلة افرنجية، ولبعض الوقت كان الجينز هو الموضة الطاغية، وموضة جاميكا «وفريدوم» المطرب بوب مارلي، وفي وقت آخر كان موديل البنطال المفتوح من جهة الساق هي الموضة التي أشاعها المغني المعروف مايكل جاكسون، وكانت تلاقي قبولا بين الصبية!

في عصرية العيد، نذهب إلى الحديقة المائية أو حديقة عذاري، ويكون في الغالب بوسيلة «النقل العام». في الحديقتين نكون مسالمين إلى آخر حد، فالواقع يفرض نفسه، إذ نحن غرباء. ولكن في النقل العام «الله يعين الآسيويين علينا». كان للعيد طعم آخر غير هذا الذي نراه اليوم! ما نراه اليوم من «دلع» ودلال الأولاد لحد لا يطاق. حتى نكاد نرى «البنت» في الزمان السابق «أشرس وأكثر جدعنة» من «الولد» في هذه الأيام! هذا عن الصبية (الأولاد)، أما البنات في فريجنا فإن لهن شأنا آخر في العيد.

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1578 - الأحد 31 ديسمبر 2006م الموافق 10 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً