العدد 1595 - الأربعاء 17 يناير 2007م الموافق 27 ذي الحجة 1427هـ

المرأة في رؤية الشاشة الهندية

هل المرأة الهندية راضية على طريقة تقديم شخصيتها في الأفلام الهندية؟.

كتبت اخيرا المخرجة الهندية ساي بارنجباي (Sai Paranjpye) مقالا على موقعِ ويب «www.himalmag.com ». وصفت فيها أساليب تمثيل المرأة في الأفلامِ الهنديةِ، وذكرت بارنجباي أن تمثيل المرأة الهندية كان غامضا أو مشكلا في أحسن الأحوال، كما هو وضع المرأة في المجتمع الهندي. وفي الهند كما في الأماكن الأخرى من العالمِ، تَبْقى المرأة مواطنة من الدرجة الثانيِة، تُربّى لتكون زوجة مطيعة فقط، كما أنها لا تعدُّ فردا مستقلا، ومن المفترض أن يكون هدفها الوحيد هو الحصول على مؤسسة زوجية ناجحة، وليس التحصيل العلمي الجيد. على العموم فإن المرأة في جميع الأحوال تعد الزوجة المعيلة للعائلة، لكنها لا تعتبر ربا للعائلة. قد تَتغيّرُ الأحوال في المدن الكبيرة، اذ يزددن النِساء في درجة وعيهن بالنسبة إلى حقوقهن، على رغم كل ذلك لم تتغير الأمور في المناطق الريفية، أو بين المجتمعات الفقيرة. فمازال يجب على المرأة الهندية أن تستمر في ممارسة فضيلة الصبر، وهي تقوم بدورها المعتمِد على الزوج أو الآخرين من الأقارب.

طبعا تعكس السينما الهندية المجتمع الذي تصدر عنه وتزدهر فيه، وفي الهند فإن السينما الشعبية لها تأثير قوي على المجتمع الهندي. وتقول بارنجباي إن مثل هذا التأثير والقوة يحتاجان إلى مسئولية لإدارتهما، وبارنجباي تطرح الأسئلتها التالية: كيف تقدم السينما الهندية المرأة؟ وهل هي عادلة في تقديمها؟ وهل هي قادرة على تقديم مشاكلها؟ هل هي تناصر قضية المرأة الهندية وتقترح الحلول؟ على العموم الجواب هو بالنفي.

غالبا ما نرى النساء الهنديات على الشاشة في صفة زخرفية، ولا نرى النساء اللواتي يواجهن المشاكل الحقيقية، وعلى العكس من ذلك نرى ظلال نسائية في خلفية المشاهد، وهن الزوجة والأم والأخت والحبيبة الغاوية وراء البطل.

كما تشرح بارنجباي أنه بدأت السينما الهندية الشعبية في العام 1913، وفي أيامها الأولى وخصوصا في العشرينات (الأفلام الصامتة لهذه الفترة) أكثر هذه الأفلام تناولت المرأة في المجتمع الهندي ركزت وتناولت موضوعا واحدا، وهو موضوع الستي (sati)، وهي عادة هندوسية، اذ تدخل الأرملة محرقة زوجها «كومة الأخشاب الموضوعة لحرق الموتى»؛ لأن المعتقد الهندوسي يؤمن أن الموتى يجب أن يحرقوا، ولأن أرملة المتوفى تعتقد أن بفقدها زوجها تكون دون حياة ودون هوية؛ لذلك يجب أن تموت هي الأخرى، هذه العادة يفترض أن تكون طوعية، لا تدخل ضمن الأحكام الهندوسية، إلا أنها أصبحت من التقاليد الهندوسية لدى بعض المجموعات الأثنية، كما تقوم عائلة الزوج بتشجيع الأرملة على الدخول في محرقة زوجها في أغلب الأحيان.

وحتى بعد دخول السينما فترة الستينات وانحطاط قصص الستي «sati» التقليدية، لعبت المرأة الهندية دور المتفانية والتابعة لزوجها، ومازالت السينما تقدم المرأة على أنها الشخصية غير الطموحة وغير القوية.

ولسخرية المفارقة أن في فترة الثلاثينات حتى الخمسينات، في حين كانت تقدم السينما الهندية المرأة المتزوجة إلى مشروع الستي أو المحرقة بصورة الشخصية الضعيفة، قدمت هذه السينما المرأة غير المتزوجة في صورة الشخصية القوية، سواء من حيث ملامحها الشخصية أو الجسدية، وقد مثلت هذا الدور الممثلة الجريئة «ناديا» «Nadia»، وقامت بمعظم الأدوار التي كان من المفترض ألا يقوم بها حتى الرجال، وقد ظهرت بشخصية المؤمنة بالتمرد ضد ما تعارف عليه من كون شخصية المرأة ضعيفة وتحمل كل المعاناة بدل الآخرين.

تقول بارنجباي أنه توجد جذور قديمة لهذا التمثيل المزدوج للمرأة الهندية في الأفلام، وتضيف أنه طبقا للمعتقدات التقليدية فإن المرأة تجسد نموذجان، أما اللطيفة التقية المطيعة التي تضحي بنفسها للآخرين وخصوصا زوجها، أو القوية المخربة المنتقمة وتجسّد الإلهة الهندوسية شاكتي (Shakti)، والتي تنتقم من الرجال وترعبهم، وبسبب هذا التمثيل المزدوج المتناقض للمرأة، ليس من المفاجئ أن تكون أفلام الستي «sati» وأفلام الجريئة ناديا مشهورة في نفس الفترة وبنفس التقبل.

أهتم منتجو الأفلام بشخصية امرأة أخرى أيضا، وهي المرأة التي تجبر لأسباب أصلها أو ظروفها على البغاء، ولكنهم لم يهتموا بالمشاكل أو النتائج الاجتماعية لهذا البغاء، بدلا من ذلك تَخيّلوا حياة رومانسية للمحظيات أو الراقصات في البلاط الملكي، والمثال الأشهر لهذه النوعية هو فلم باكيزة «Pakeezah»، والذي أنتج في العام 1972، بطولة مينا كوماري «Meena Kumari»، وهذا الفلم يظهر أن جمال إحدى هذه النساء قد يغير افتراضيا مجرى التاريخ.

تقول بارنجباي: بعيدا عن حياة المحظية والراقصة، كان من المفترض على المخرجين أن يقدموا مشكلات ومعضلات المرأة العاملة في يومنا هذا، وخصوصا مع وجود بيئة عدائية تحيط بها في البلدات والمدن الهندية. وللأسباب الاقتصادية والاجتماعية فإن أكثر النساء يجبرن على حمل المسؤولية والأعباء في عول عوائلهن، والغريب أن القليل من منتجي الأفلام اهتموا بهذا الموضوع.

في رأي بارنجباي أن هناك أفلام قليلة خدمت وناصرت قضية المرأة الهندية، والمرأة التي قدمت في السينما التجارية الهندية المعاصرة، هي مخلوق أحادي البعد، بكلمة أخرى هي مضحية بالنفس أو هي غاوية متبرجة، تريد أن تفسد كل رجل وكل مؤسسة زوجية. وتقول بارنجباي: إننا نحتاج إلى إظهار المرأة بصورة واقعية لها مصداقية كبيرة، حتى في الأفلام البسيطة. لا يجب أن تكون شخصيتها في الأفلام المعاصرة ثنائية، إما أبيض وأسود، أو شر وخير، ولكن يمكننا تقديمها على أنها متعددة الألوان، هذه المرأة التي يمكن رؤيتها من كل الزوايا الحياتية، هي التي يريد منك أكثر الجمهور تقديمها، وعلى الخصوص النساء منه؛ لأن المرأة تطمح أن ترى شخصية المرأة في الأفلام الهندية أكثر واقعية، وتحمل مصداقية كبيرة.

* مترجمة وكاتبة بريطانية

العدد 1595 - الأربعاء 17 يناير 2007م الموافق 27 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً