العدد 1633 - السبت 24 فبراير 2007م الموافق 06 صفر 1428هـ

تقرير «الشفافية»... توصياته وتناقضاته وإداناته للانتخابات (2)

عبدالله جناحي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في الجزء الاول من موضوع «تقرير الشفافية... ايجابياته وقصوره وتناقضاته وادانته للانتخابات» تحدث الكاتب عن «إيجابيات التقرير وإداناته لنزاهة الانتخابات»، وفي هذا الجزء وهو الثاني والاخير يستمر الحديث عن ايجابيات التقرير وتوصياته قبل التطرق الى نواقصه «الواضحة، وعدم الدقة».

في شأن كشف التقرير عن المشادات بين المصلين وخطباء مسجد بزة في المحرق ومسجد أبوعبيدة في قلالي دوائر تنافس فيها مترشحو «وعد» ومترشحو «الأصالة» و «المنبر الإسلامي»، بل أشار التقرير بوجود خطيب جمعة وهو نائب فائز في الجولة الأولى قد نقل بحسب تصريحه للمصلين بأمر من وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف إلى مسجد قلالي.

وهو الأمر الذي يفضح انحياز وزارات الحكومة وأجهزتها لتيارات سياسية محددة ضد تيارات أخرى وعدم التزامها بالقوانين وتغاضيها عن التجاوزات وسكوتها عن الخروقات بل وتشجيعها لذلك خدمة لأهداف مسكوت عنها على رغم وضوحها للجميع.

- أشار التقرير وفي أكثر من محور وموقع عن وجود أدلة وعن وجود تجاوزات وخروقات للقانون.

التوصيات:

- يبدو واضحا أن غالبية التوصيات من حيث المضمون توضح عدم رضا التقرير والجمعيتين لنزاهة الانتخابات وعدم وجود إجراءات وآليات سليمة وفق المعايير الدولية.

فالتوصيات تؤكد غياب الثوابت الآتية:

- المرسومان بقانون رقم (12)، (15) لسنة 2002 وتعديلاتهما بشأن ممارسة الحقوق السياسية وبشأن مجلسي الشورى والنواب لا يغطيان كل ما تحتاجه العملية الانتخابية وغياب اللوائح التفسيرية، وهذا ما أدى إلى بروز اجتهادات وتصرفات فردية سواء من قبل وزير العدل أو المسئولين باللجنة العليا للانتخابات أو رؤساء اللجان في المراكز.

- غياب هيئة مستقلة دائمة للانتخابات، وهي من مقومات نزاهة أي انتخابات.

- عدم عدالة الدوائر الانتخابية وهي إحدى ضرورات النزاهة والعدالة، وما يوصيه التقرير بتشكيل لجنة مؤلفة من ممثلين عن الجمعيات السياسية والقضاة وخبراء الإحصاء والجغرافيا والديموغرافيا لإعداد مهمة تحديد الدوائر الانتخابية إلا دليل على ذلك، ومؤشر لغياب التشاركية بين أطراف الحقل السياسي ومركزية اتخاذ مثل هذه القرارات من قبل الحكم لوحده.

- حينما توصي اللجنة بإلغاء المراكز العامة من أجل تعزيز ثقة الرأي العام في نتائج الانتخابات، فهي توصية تكشف التشكيك لدور هذه المراكز وعدم صحة وجودها، وتقدم التوصيات بدائل قابلة للحوار بشأنها كوجود مركزين رئيسيين في الدوائر ذات الكثافة في الكتلة الانتخابية.

- تبرز توصية إعادة النظر في آلية تصويت كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، وجود استغلال لهذه الفئة لصالح تيارات سياسية من قبل رؤساء اللجان.

- تكشف التوصيات الخاصة بوجود أرقام متسلسلة على بطاقات الاقتراع وجود شبه التلاعب في نتائج الانتخابات أو ممارسة التخويف والضغط على بعض الناخبين وخصوصا العسكريين منهم.

- إشارة التوصيات إلى أهمية وجود قانون للسقف الأعلى للإنفاق على الحملات الانتخابية تكشف عن وجود مصادر تمويل ضخمة لبعض المترشحين الذين لا يمتلكون هذا التمويل الذاتي وهو شبهة أخرى.

- تأكيد التوصيات على أهمية وجود رقابة دولية كإحدى الشروط الضرورية لصدقية الانتخابات ونزاهتها، ورفض الجهات الرسمية السماح لطلب بعض المنظمات المتخصصة الدولية للقيام بالرقابة مؤشر على الشبة والنوايا في السلطة التنفيذية في هذا الشأن.

التناقضات والمتطلبات في التقرير:

مما سبق سرده عن مضمون التقرير ينكشف وجود تناقض بين بعض الفقرات مع مضمون الفقرة، فعلى رغم الايجابيات والإدانات الواضحة التي كشفتها محاور وتوصيات التقرير، فإن العيب والقصور برز في دقة بعض الفقرات والتي أثارت الجدل وردود الفعل، وكان أجدى لمعدي التقرير ممارسة المزيد من الدقة والحيادية لينسجم مضمون التقرير مع تلك الفقرات، وعلى سبيل المثال برز في التقرير نواقص واضحة وسلبيات نابعة عن عدم دقة الفقرات.

النواقص الواضحة:

ـ عدم التطرق نهائيا لممارسة المتجنسين الجدد، حق التصويت والاقتراح، على رغم أن هذا الأمر واضح ويتعارض مع قانون الجنسية، بل إن بعض الحالات قد خالفت القرارات التي صدرت بتحديد الحاصلين على الجنسية الذين لهم حق التصويت قبل شهر يوليو/ تموز 2006.

ـ عدم بيان أحقية العسكريين في التصويت والاقتراع وذلك بالاسترشاد بالتجارب الديمقراطية العريقة منها والعربية من جهة، وتناقض وجود هذا الحق للعسكريين والعاملين في أجهزة الأمن مع القوانين المنظمة لهذين القطاعين التي تشير إلى عدم ممارستهم للنشاط السياسي، والمنطق السياسي يقول إن مسألة التصويت والاقتراع للمواطن هي المرحلة الأخيرة في سلم الديمقراطية البرلمانية، إذ لابد من تفاعل ومشاركة وحضور بل وانخراط في الحملات الانتخابية، ومتابعة البرامج الانتخابية وحضور الندوات والمحاضرات للمترشحين والتأييد والانحياز لمرشح ضد الآخر، وبشكل عام التفاعل السياسي للعسكري ورجل الأمن وهو ما يتعارض مع قوانينهم، وكان الأجدى للتقرير توضيح ذلك.

ـ النقيصة المهمة هي قيام التقرير بمساواة المتجاوزين والمخالفين مع الملتزمين بقوانين وقرارات ولوائح ومعايير الحملات الانتخابية، سواء المترشحين منهم أو الجمعيات السياسية أو آلية الحملات الانتخابية، وفي هذا إجحاف لمن يحترم ويلتزم بالقوانين، ولذلك فإنه الأجدى في هذا الشأن الإشارة إلى الأسماء التي التزمت بالقانون.

ـ عند التطرق للمراكز الانتخابية ومدى التعاون مع لجنة الجمعيتين من الأجدى الإشارة إلى المتعاونين منهم.

ـ عند الإشارة للصحافة ومدى تدني مستوى الشفافية، سواء فيما يخص الإعلانات التحريرية للمرشحين أو أساليب الإساءة للمرشحين أو كتاب الأعمدة الصحافية من الذين رشحوا أنفسهم، كان الأجدى الإشارة لأسماء الصحف والمرشحين الذين التزموا بهذه الإجراءات.

ـ عند الإشارة إلى المراقبين ومدى قربهم لمتابعة عمليتي التصويت والفرز من المفيد الإشارة إلى المراكز المتعاونة المتجاوبة مع المراقبين وضمن المعايير المتفق عليها.

ـ عند الإشارة لأعضاء البرلمان الذين فازوا في الجولة الأولى وقاموا بحملات دعائية لصالح أحد المترشحين، سواء في خطب الجمعة أو أثناء الجولة الثانية من الأجدى الإشارة إلى أسمائهم، فهم نواب مسئولون عن سلوكاتهم ولابد من كشف أي تجاوزات يمارسونها.

نواقص عدم الدقة وخلق التناقض:

برزت نقيصتان أساسيتان في فقرات التقرير، وهي التي أثارت الجدل وردود الفعل الانتقادية في الصحافة، وهما:

ـ وجود توجيهات للمنتسبين للسلك العسكري والأمني بالتصويت لبعض المترشحين، «إلا أن اللجنة لا تمتلك دليلا يؤكد صحة هذه الأنباء» إذ إن كثير من الملاحظات والتجاوزات الواردة في التقرير لا تمتلك اللجنة أدلة ملموسة وإنما هي من واقع الاتصالات أو مشاهد أو غيرها، وبعضها وإن حدثت واقعا غير أنها أصبحت حقائق لا أدلة لإثباتها، فلم يحدد التقرير في هذه الجزئية فقط فقرة تطلب الأدلة، والتي استغلتها الصحافة الموالية أيما استغلال، على رغم وجود شواهد كثيرة وعلى رغم معرفة اللجنة عن ظروف العسكريين وخوفهم من قطع الأرزاق وعلى رغم معرفتهم لمستوى الديمقراطية والشفافية البحرينية المتدنية، وكان الأجدى ممارسة الحيادية التامة أو الإشارة إلى أن مثل هذه الأنباء المتواترة كانت بحاجة إلى إعلان صريح من قبل الجهات الرسمية بتأكيدها أو نفيها والسكوت عند هذا الحد.

ـ النقيصة الأخرى لها علاقة بالمراكز العامة، بحيث أشار التقرير في موقعين فقرات غير دقيقة على رغم أن جميع محاور وعبارات التقرير ذات العلاقة لهذا الموضوع قد انحازت إلى وجود تباين في النتائج، وهو تناقض بين واقع وحقائق أسردت وبين فقرات لم تكن موفقة ولم تخدم مسار التقرير بمجمله وبالتالي لم تعكس هذه الفقرة الخلافية واقع التقرير.

ـ وختاما أغفل التقرير بعض الحالات التي كشفتها لجان المراقبة في بعض المراكز عن التوجيه للعسكريين، سواء ما تم تصويره من كيس خاص لجوازات العسكريين كتب عليها اسم مرشحين هما عيسى القاضي (بلدي) وصلاح علي (نيابي)، وكذلك إبراز أحد العسكريين صورة مرشح إحدى دوائر مدينة حمد أمام رئيس اللجنة وإعلانه بأنه طلب منه التصويت له وتم تسجيل الحادثين للجنة، وعلى رغم أن التقرير تضمن الكثير من الحالات الفردية فإن إغفال هذين الحادثين قد أضعف التقرير خصوصا أنه مرتبط بمؤشرات عن التوجيه العسكري.

خلاصة القول بشأن هذا التقرير الذي أثار ما لا يتحمله لابد أن نمارس بحقه التأمل القائل «على الشجرة ألا تعمينا عن رؤية الحديقة والزهور».

إقرأ أيضا لـ "عبدالله جناحي"

العدد 1633 - السبت 24 فبراير 2007م الموافق 06 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً