العدد 1639 - الجمعة 02 مارس 2007م الموافق 12 صفر 1428هـ

بنك الأسرة... التمويل من أجل التنمية (2)

عاطف الشبراوي comments [at] alwasatnews.com

بنظرة سريعة عن أهم اختلافات برامج جرامين مع برامج التمويل متناهي الصغر التقليدية هي في تركيز البرامج على المرآة، وفي إعطاء القروض الجماعية الهادفة إلى خلق مجموعات ضغط لضمان نجاح المشروعات، وفي طرح نظام فعال لاستعادة الأموال تسمح بتأخر دفع الأقساط دون أن تزيد قيمة ما يرد عن 100 في المئة من المبلغ الأصلي المقترض، وفي النجاح في توظيف التمويل متناهي الصغر في مشروعات متعددة الأهداف (اتصالات، تعليم، إسكان، ...)، وكذلك في ربط البرامج بعدد من البنوك الدولية (سيتي بنك، البنك الدولي، الأمم المتحدة، مؤسسات رعاية دولية)، وفي الأخير في ابتكار نظام توفير إجباري على المقترضين من البنك لزيادة مدخراتهم، وقد نجح البنك في تغطية نحو 8 ملايين مقترض منذ إنشائه غالبيتهم في بنغلادش. والإضافة الذي نتوقع ان يقدمها بنك الأسرة تتركز على خلق ظروف مساعدة، ومشجعة، حيث يستطيع كل مواطن، بغض النظر عن وضعه الاجتماعي والاقتصادي، أن يمتلك الأصول والاستثمار والانخراط في نشاطات مدرة للدخل، وهذه الفكرة أثبتت نجاحات في عدة دول ونأمل أن تنجح في البحرين.

تستند مبادرة وزارة التنمية الاجتماعية في نهجها لإقامة «بنك الأسرة» في البحرين على عدد من المبررات منها رغبه الوزارة في تنشيط وتفعيل الأنشطة المدرة للدخل للأفراد والأسر التي تعاني من العوز الاقتصادي وتهيئة البيئة المؤسسية الداعمة لها والعمل على سد الفجوة التمويلية حيث ان مشروعات الأسر المنتجة المقامة حاليا في البحرين لا تستطيع الحصول على القروض والخدمات التمويلية من البنوك التقليدية بالشكل المطلوب، والتي تركز على المؤسسات الأكبر حجما. ولا تقدم قروضا تقل قيمتها عن خمسة آلاف دينار، كذلك لا يقدم مشروع الميكروستارت أكثر من 600 دينار كحد أقصى للقرض، والبنك المقترح سيعمل على تطوير أنشطة التمويل متناهي الصغر في المملكة، بالإضافة إلى رغبة الوزارة في تأهيل عدد من الأسر التي تحصل على مساعدات وتوفير فرص النمو لها حيث أوضح توزيع الفئات المستفيدة من مساعدات وزارة التنمية أن نحو 40 في المئة من الأسر التي تتلقى المساعدات بسبب العوز الاقتصادي، وتستطيع العمل في حالة توافر البيئة والتحفيز لذلك ومن المتوقع أن يستفيد من خدمات هذا البنك الشريحة العريضة التي يتعامل جزء منها مع مشروع الميكروستارت (عدد عملاء المشروع تعدى 13 ألف عميل) وكذلك شريحة ربات البيوت الراغبات في بدء نشاط مدر للدخل، والوزارة في انتظار الدراسة التي ستقوم بها مؤسسة جرامين من اجل وضع التصور الكامل لبنك الأسرة في البحرين، والتي ستشمل كل تفاصيل آلية العمل والمستفيدين وأنواع وحجم القروض.

بنك الأسر كمبادرة لم تلجأ إليه الوزارة كي يصبح «بنكا للفقراء» فالبحرين لا يوجد بها الفقر المطلق المتواجد في الدول النامية، والوزارة تقوم حاليا بمبادرة لإخراج عدد من الأسر التي تتلقى المساعدات الاجتماعية بسبب العوز الاقتصادي من هذا الوضع وإذا نجحت التجربة فستعمم وتتقلص هذه القائمة إن شاء الله.

كذلك لا يأتي البنك ليتنافس مع المؤسسات الخيرية كما تخوف البعض بل على العكس سيمثل انتقالا من مرحلة تقديم المساعدات الخيرية إلى مرحلة توفير بيئة صالحة للعمل والرقي للآسر المحتاجة، وتجميع الأفراد غير المستفيدين من الخدمات المصرفية التقليدية في إطار تنظيمي يمكنهم أن يجدوا فيه قوة ويسمح لهم بالوصول إلى استقلالية فردية وجماعية ذاتية وبالتالي الانتقال من قوائم «متلقي المساعدات» والانضمام إلى قوائم «أصحاب المشروعات» متناهية الصغر ثم الصغيرة والكبيرة.

البنك المقترح سيتعاون بالتأكيد مع مبادرات الصناديق الخيرية والجمعيات الأهلية المساندة للأسر المحتاجة في شتى المجالات التنموية والاجتماعية، وأشير إلى تجربة تعاون مؤسسة جرامين في إقامة شبكة للتمويل متناهي الصغر في الصين تجمع كل المؤسسات والجمعيات التي تساعد الفئات المحتاجة، هذه التجربة يمكن دراستها والوقوف على مدى إمكان استفادة الصناديق الخيرية منها، ذلك لان الإقراض وسيلة سهلة وغير مكلفه لمواجهة الفقر، فكل دولار تم الحصول عليه كمساعدة خارجية لصندوق إقراض بنك جرامين تم تدويره ست مرات على الأقل.

ومن خلال هذا الإقراض، من السهل تحديد مدى استفادة كل مقترض من حيث تحقيقه لدخل أعلى، وتملكه لموجودات مدرة للدخل جديدة، وتحسين المسكن وتحسين في مستوى تعلم الأبناء وصحتهم... إلخ.

البنك المقترح إقامته في البحرين سيمثل حلقة وصل في نظام متكامل لتنمية الأسر الأكثر احتياجا للدعم، هذا النظام يشمل مكونات منها الحماية الاجتماعية ومنها المشروع الوطني لتنمية الأسر المنتجة وعدد من المكونات الأخرى التي تعمل الوزارة فيها جنبا إلى جنب مع وزارات ومؤسسات الدولة والقطاع الأهلي والخاص وتستهدف زيادة اتساع الطبقة الوسطى عبر تعظيم الاستفادة من فوائد التنمية اقتصادية وإتاحة الفرص أمام كل مواطن للمشاركة والرقي.

إقرأ أيضا لـ "عاطف الشبراوي"

العدد 1639 - الجمعة 02 مارس 2007م الموافق 12 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً