العدد 1648 - الأحد 11 مارس 2007م الموافق 21 صفر 1428هـ

فتيات يتامى ضائعات بين الفقر والقهر ... ومنزل آيل للسقوط

«الوسط» تفتح ملف «الفقر»...(5)

سماهيج، المصلى - مالك عبدالله 

11 مارس 2007

البحرين لا تحمل على رقعتها الجغرافية جبالا غير أنها تحمل على رقعتها الاجتماعية جبالا راسيات من قصص الفقر الذي لم ينل من وطنية أصحابه، وولاءهم لهذا التراب العربي المسلم، الذي تحدّوا الصعاب حبا فيه، ولم يتمنوا أبدا أن يعيشوا خارجه ليكونوا في حال أفضل، هؤلاء هم فقراء الوطن الذين تحسبهم أغنياء من التعفف، فهم أغنياء بعزتهم ووطنيتهم وتضحياتهم كل يوم، وهم يتحدون الحرمان من أجل البقاء على أرض وطنهم البحرين.

أولئك المعدمون الذين يعيشون في مقابر تسمى في أحيانٍ «منازل» وأخرى «فلل»، كما يدوّن ذلك في البطاقة الشخصية، يعيشون حقيقة على أرض «نفطية» كما تصفها التقارير الاقتصادية العالمية، وطالما سمع أولئك المعدمون عن ارتفاع أسعار النفط التي بلغت ذروتها من 18 دولارا إلى 70 دولارا قبل أن تتراجع قليلا، كما سمعوا أن الارتفاع حقق فائضا كبيرا في الموازنة العامة وصل بحسب الأرقام الرسمية للدولة في العام 2004 إلى 145 مليون دينار، وارتفع في العام 2005 إلى 382 مليون دينار، وبحسب مراقبين اقتصاديين فإن الفائض بسبب ارتفاع أسعار النفط سيكون أكثر من 400 مليون دينار، وقد بلغ دخل البحرين النفطي بحسب اقتصادي عربي 2.2 مليار دينار غير أنهم «في عافية من ذلك كله»!

لم يروا ذلك في واقعهم، كما أن فقرهم ازداد وتهالكت «فللهم» حسب رواية الجهاز المركزي للإحصاء أكثر مما كانت عليه من التهالك! فهي خرائب لا تقي من الحر فضلا عن البرد! نحن نتحدث عن أناس يعيشون بيننا عن أناس يعيشون في البحرين بعد 70 عاما من اكتشاف النفط، نعم في البحرين التي تشيّد فيها عشرات المباني الضخمة، البحرين التي يزداد فيها الغني غنى بينما يزداد الفقير فقرا.

«الوسط» تفتح هذا الملف من منطلق رسالتها الإنسانية والمبدئية والوطنية رافعة صوتهم علها تستطيع أن تغير من حالهم الذي أقل ما يوصف بأنه مأسوي، عبرنا اليوم جسر الشيخ عيسى بن سلمان متوجهين إلى منطقة سماهيج لزيارة إحدى العوائل التي تعيش غربة في وطن، دخلنا سماهيج... وجدناها مثلها مثل غيرها من القرى والمناطق البحرينية التي تفتقد البنية التحتية اللازمة من طرقات ومجار، كما أن منظر البيوت الآيلة للسقوط أو التي تكاد تسقط على أهلها موجودة فيها، وما أن وصلنا إلى منزل العائلة التي كنا نقصدها حتى كان في استقبالنا بدر الطفل الصغير الذي لم يتجاوز عمره الثالثة، كانت براءته تملأ المكان وهو يبتسم لنا.

زيارة حملت بين طياتها الألم لا غيره إذ إن العائلة المكونة من 7 فتيات وشاب في السابعة عشرة من عمره هو أخ غير شقيق لهن بالإضافة إلى الأم، وابنين لإحدى شقيقاتهن، رحل عنها عائلها الوحيد الحاج علي الملا منذ ما يقرب من 30 عاما إذ الفتيات صغيرات، تركهن يتامى أمام صعوبات الحياة وغياب الدولة والمجتمع عنهن فلم يجدن إلا رحمة الله يلتجئن إليها.

منزل لا يصلح لـ «سكن الإنسان»

منذ أن يقع نظرك على المنزل الذي تقطنه الفتيات اليتامى، تستبعد أن يكون هذا منزلا للسكنى، فالمنزل المسجل باسم الشقيقة الكبرى سكينة علي الملا يتكون بحسب سكينة من «غرفتين ومطبخ وحمام وتم إلغاء المطبخ القديم ليتم تحويله إلى غرفة ثالثة نطلق عليها غرفة الجلوس»، مشيرة إلى أن «المجلس البلدي والمحافظة زاروا المنزل وقاموا بتصويره وأخذ المعلومات لكنهم بمجرد خروجهم لا يرجعون ولا يردون علينا أي خبر»، مضيفة أن «المنزل مسجل ضمن مشروع جلالة الملك للمنازل الآيلة للسقوط منذ أكثر من عامين لكننا مازلنا ننتظر، على رغم أن هناك الكثير من الحالات التي تعتبر أفضل منا تم البدء بها، كما أن لهم عائلا ولكننا مجموعة من النساء لا نستظل بظلال رجل ولا عائل».

وأكدت أن «المنزل لا يحمينا من المطر أبدا و يصبح «خريسة» إذا تساقطت الأمطار» مطالبة بسرعة «إيجاد حل لنا حتى لو بإيجاد شقة نسكن فيها بصورة مؤقتة حتى تتم إعادة بناء المنزل وهذه أولى الأولويات»، مردفة «ساعدونا بسرعة لأننا متأدين واجد حتى لو كان ذلك بإخراجنا إلى شقة بصورة مؤقتة».

نهاية الشهر من دون أكل والعيد بلا جديد

لا تجد العائلة التي لا دخل ثابتا لها نهاية كل شهر ما تقتات به، ومازاد المعاناة الارتفاع الكبير للأسعار، إذ تشير فاطمة إلى أن «ارتفاع الأسعار أثر علينا بصورة كبيرة إذ إننا في الأيام العادية لا نجد في بعض الأحيان ما نسد به حاجتنا إلى نهاية الشهر إذ لا دخل شهريا ثابتا لنا ونحن نعتمد على المساعدات فقط لا غير»، موضحة أن «ارتفاع الأسعار زاد معاناتنا كثيرا وأثر على حياتنا بصورة سلبية، وجعل تلك المعاناة تتعمق وتزداد».

عائلة عبدالأمير تتساقط عليها حجارة السقف

أما العائلة الأخرى التي زرناها فهي عائلة عبدالأمير أحمد هلال يوسف الذي عمل في الحكومة منذ 18 عاما إلا أن راتبه لم يتعد 300 دينار ومثله مثل أي إنسان على هذه الأرض امتدت إليه الأزمة الإسكانية وهو يعيش في منزل تملكه أخته، والمنزل مسجل ضمن مشروع المنازل الآيلة للسقوط، ويشير يوسف إلى ان «المنزل مبني بالطريقة القديمة وهو مرمم من أجل أن نعيش فيه»، موضحا أن «السقف المبني من الطين تسقط منه حجارة بين الحين والآخر، كما أن تسليك الكهرباء بالطريقة القديمة خطير للغاية»، مؤكدا أنه يخشى على «بناته و أبنائه من سقوط الحجارة و من الكهرباء».

العدد 1648 - الأحد 11 مارس 2007م الموافق 21 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً