العدد 2534 - الخميس 13 أغسطس 2009م الموافق 21 شعبان 1430هـ

بين كلينتون وفضل الله

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من المواقف السياسية المهمة التي سُجّلت هذا الأسبوع، تصريحان بالغا الأهمية، تزامن إطلاقهما الأحد الماضي، كأنهما كانا على ميعاد.

التصريح الأول أدلت به وزيرة الخارجية الأميركية لقناة «سي ان ان»، واعترفت فيه بأن بلادها بذلت جهدا كبيرا من وراء الكواليس لدعم حركة الاحتجاجات في طهران. وهذا الاعتراف سيضر كثيرا بموقع المعارضين، وهو ما كانت تدركه كلينتون جيدا، إذ قالت «لو تدخلنا مبكرا وبشكل قوي جدا لاستخدمتنا السلطات لتوحيد البلاد ضد المعارضين».

الاعتراف الأميركي بمواصلة دعم رموز المعارضة، سيضعف حتما قضيتهم لدى رجل الشارع، الذي أخذ ينظر إليهم في صورة متكالبين على السلطة، في مجتمعٍ يشهد صراعا طبقيا وتنافس أجنحة وتيارات، ويتطلع إلى توزيع عادل للثروة، وهو ميدانٌ لا يملك فيه الإصلاحيون أرصدة كبيرة يمكن أن يفخروا بها خلال ستة عشر عاما من الحكم. فليس من المبالغة القول إنه لو أعيدت الانتخابات فلن يكسب موسوي نصف الأصوات التي ربحها قبل شهرين، وسيهبط نصيب كرّوبي إلى أقل من الـ 0.5 في المئة من الأصوات.

الموقف الآخر أطلقه السيد محمد حسين فضل الله، وهو رجلٌ له رؤيته المعمّقة للأحداث، واللافت أنه جاء في هيئة بيانٍ مطوّلٍ نسبيا وجّهه للشعب الإيراني، استهله بالإشارة إلى ما تمثله إيران من تجربةٍ حديثةٍ للحركيين الإسلاميين في الحكم، وسندٍ للقضايا العادلة في العالم، يفرض على قادتها التفكير بأبعد من مشاكلهم الداخلية... باتّساع تأثيرها في العالم الإسلامي كلّه.

فضل الله من موقع مسئوليّته الإسلامية، ومتابعته لمسرح السياسة الدولية، أورد نقاطا اعتبرها أساسيّة لما أسماه «حركة ضبط الواقع في إيران»، أولها أن الولايات المتّحدة ليست معنيّة بأيّ عمليّة ديمقراطيّة انتخابيّة وما تفرزه من نتائج، وإنّما تأمل وتعمل على إخراج الأمور في إيران عن طورها لتسقط فريسة للفوضى، التي قد تتحوّل إلى فوضى دامية، كما حدث في أفغانستان والعراق. ولذلك نصح من أسماهم بالقيادات المخلصة، إصلاحيّين ومحافظين، بالتنبّه إلى هذا الواقع الخارجي، دون إغفال أي استحقاقٍ داخلي أو نقدٍ مشروعٍ للنظام.

في هذا السياق، يرى فضل الله أن المشكلة ليست في إمكانيّة امتلاك إيران السلاح النووي كما يقال، وإنّما لما تمثله من قوّة علمية تحقّق الاكتفاء الذاتي، وتسهم في الخروج من حالة الاستضعاف والتبعية للدول المستكبرة التي تتحكّم في ثروات منطقتنا وحاضرها ومستقبلها. لذلك فإن قراءته للحدث الإيراني وتداعياته السلبية، تذهب إلى التذكير بـ «عودة حكم الديكتاتوريات البائدة التي عانى منها الشعب الإيراني قبل غيره»، والذي لن يسمح بعودتها أو بفتح ثغرةٍ لتسلل النفوذ الغربي لبلاده، وعودة سيطرة الكارتلات النفطية التي سبق أن أطاحت بمصدّق.

فضل الله لا يرى بأسا في نقد «النظام الإسلامي»، فهو إغناءٌ للواقع، ولكن بشرط أن لا يركب من هم ضدّ هذا المبدأ موجة الأحداث، لقلب الطاولة فوق رؤوس الجميع. ولذلك حذر القيادات، من أن يكونوا جسرا يعبر الآخرون من خلاله للانحراف بالثورة عن مسارها التاريخي. وهو لا يخشى على إيران من التحدي الخارجي «لأنه يوحدها»، تماما كما قالت كلينتون، وإنما من الداخل حين يُسمح للاعبين بالعبث بواقعها كما قال.

كلينتون سمعناها تخطب في القاهرة قبل أسابيع، وهي تُلقي الأوامر أمام مندوبي دولنا العربية وتطالبهم بالتطبيع المجاني مع «إسرائيل»، وفضل الله يذكّر الأمة بالإسلام، مكمن عزتها بين الأمم.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2534 - الخميس 13 أغسطس 2009م الموافق 21 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 6:51 ص

      التأييد السماوي

      عن الصادق(ع): (وان البلايا مرفوعة عن "قم " وأهلهاوسيأتي زمان تكون قم وأهلها حجة على الخلائق , وذلك زمان غيبة قائمنا الى ظهوره). يوماً بعد يوم تثبت الجمهورية الاسلامية انها الأقوى مهما حدثت من زلازل ومؤمرات فسوف تكون هي المنتصرة .. وفي المقابل نرى هيلاري كلينتون أخبث وأدهى من كوندليزا رايس ولكن مكرهم سيرجع بالمآسي على بلادهم.

    • زائر 3 | 6:16 ص

      اليس الصبح بقريب

      ستنقشع الغمامه عما قريب و سيعلم من تأمرو مع الغرب ايمنقلب سينقلبون ، وستزداد الجمهوريه قوة و صلابه و ستنكشف جميع عورات المنافقين المدعومين من الغرب و الدول العربيه اصحاب البترودولار ( ستبقى دولة المهدي مهما عصفت الرياح و ستنخل الطيب من الخبيث )

    • زائر 2 | 1:38 ص

      المنظر الحركي

      يعتبر العلامة فضل الله من المنظرين الإسلاميين القدامى على الساحة... , ولذلك يجب دراسته كرمز من رموز الأمة ... , وهو لا زال يحارب دكتاتورية الولايات المتحدة الإرهابية .... , لذلك ليس من المستغرب أن تطلب راسه السي آي إيه بسبب فضحه سياساتها اللأخلاقية .
      شكرا للأستاذ قاسم وحفظ الله فضل الله

    • زائر 1 | 11:35 م

      إمعة مربوط ومقاد حر !!

      وما بين هيلاري وبين فضل الله ُيرى البعض يتلونون حسب مواقعهم، فتجدهم يقرأون ويعون ويحسنون التحليل طبعاً في تصوراتهم ، وفي موقف آخر يكونون أميون وبلا وعي بشكل غير إردي وحسب سجيتهم.

اقرأ ايضاً