صحيح أن الاختناقات المرورية، وخصوصا في فترتي الصباح والظهيرة تشكل هاجسا لدى المواطن لما لها من آثار اجتماعية واقتصادية ونفسية، مع ذلك فنحن نستطيع أن نتحملها لأننا نعرف الأسباب، والتي من أهمها «خروج الناس للدوام أو من الدوام»، إلا أن الحفريات والتي أكاد أجزم بأنه لا توجد منطقة واحدة في البحرين تخلو منها، باتت هي الهاجس الأكبر، إذ أصبح سائق السيارة هذه الأيام بدل أن ينظر أمامه لينتبه للسيارات ولعابري الطريق، بتنا نراهم ينظرون للأرض ليتفحصوا الطريق ويتجنبوا وقوع سياراتهم في الحفريات، وهو الأمر الذي قد يسبب للمواطنين، الله يبعد الشر عن الجميع، ارتفاع ضغط الدم والأمراض التي تأتي ملحقة به وكأنها هدية للمواطنين، وكأنهم «ناقصين أمراض وهموم»!!

هل نبالغ إذا قلنا إن الحفريات بدأت في شوارع البحرين وأحيائها منذ 1998، وربما أكثر ولم تنتهي حتى الآن؟! فها نحن اليوم في أواخر العام 2008، ومازالت البحرين تحفر... وتحفر... وهو ما يذكرني بسؤال طرحه أحد أبناء زملائي في العمل، وهو يبلغ من العمر 7 أعوام، على والده وهم في طريقهم إلى السعودية، إذ قال له: «بابا تدري ليش البحرين كل فيها حفريات؟!»، فرد عليه والده: ليش؟!. فأجاب: يقولون إن في مره واحد راح إلى ساحر يكشف ليه حظه، فقال له الساحر إن في كنز مدفون وأنت لازم تحصله، علشان جديه، قام يحفر البحرين... ويحفر... ويحفر، لن ما عجز ودخل على حدود السعودية وقام يحفر.

إذ كانت هذه هي فكرة الصبي البالغ من العمر سبعة أعوام، فما بالك بنا نحن الذين نكبره بسنوات، والذين منذ أن وعينا على الدنيا ونحن نرى الحفريات منتشرة في شوارعنا، ترى متى سننتهي؟! هذا السؤال، أتمنى أن تكون إجابته بعد يومين أو ثلاثة سننتهي، لأنني ويا خوفي لين طاح المطر، كيف ستكون حالنا مع هذه الحفريات؟!، فيكفي أننا نخشى أن تمتلي تلك الحفر المنتشرة بماء المطر، فتأتي أنت بسيارتك وتنزل فيها، من سيخلصك منها؟!، وكيف ستكون حال سيارتك بعد هذا الحادث؟!. منظر آخر يكفي أن ترى أطفالك وهم قادمين من المدارس وملابسهم متسخة بالطين، الذي لا تحبه ربات البيوت، لأنه يهلكهم وغسالاتهم في التنظيف، فإلى متى سنستمر عاما بعد آخر نعاني من هذه المشكلة، فقط لأن قطرتي مطر ملأت تلك الحفر؟!.

إن قلت لي الحفريات، تأتي لتطوير الشوارع والتي ستساعد في التنمية، سأقول لك، أنا معك ولكن فلننهي هذه الموضوع بسرعة، لأنها إن طالت المسألة فلن تجد مواطنا واحدا على وجه هذه الأرض حيّا ليتنعم بهذه التمنية، لما ستسببه تلك الحفريات والتطويرات، من هلاك للمواطنين