العدد 2260 - الأربعاء 12 نوفمبر 2008م الموافق 13 ذي القعدة 1429هـ

دافعت عن فيلمها «سكر بنات» •• نادين لبكي: الإقناع أهم من كوني كاتبة ومخرجة وممثلة في الفيلم

تحت شعار «للكبار فقط» عرضت المخرجة اللبنانية الشابة نادين لبكي أول تجاربها السينمائية «سكر بنات» والذي أثار جدلا واسعا عند عرضه. البعض رأى فيه نماذج حية من الواقع تم تجسيدها على الشاشة دون تزييف أو ابتذال، هذه النماذج تقول إن المرأة هي محور الأحداث في أي مجتمع، بينما رأى البعض عكس ذلك.

وأيا ما تكون وجهات النظر، إلا أنه من المؤكد أن لبكي استطاعت أن تقدم عملا سينمائيا استطاع أن يكسر الحاجز التجاري ليقدم إلى المشاهد العادي بعيدا عن أماكن العرض العتبة المخصصة، كما تم عرض الفيلم في العديد من المهرجانات وعلى رأسها مهرجان القاهرة السينمائي ومهرجان أبو ظبي. هذه التجربة تفتح العديد من التساؤلات عمن هي هذه المرأة الجريئة التي قدمت هذا العمل، وما إمكاناتها في المجال السينمائي بعد أن نجحت أيما نجاح في مجال الفيديو كليب، هذا ما سنتعرف عليه من خلال ضيفتنا... فإلى التفاصيل.

تجربة أولى

* كيف تقدم نادين لبكي نفسها للجمهور؟

- بدأت حياتي العملية في مجال الفيديو كليب وهو مجال فني جميل، ومتميز، ومن خلاله تعرف عليَّ الجمهور، وانعقدت بيننا صلة حب واحترام، وقد استطعت أن أحقق شهرة كبيرة في هذا العالم الذي يتطور ويتغير كل يوم بل كل لحظة، وأثناء رحلتي في الحياة قدمت مشروع تخرجي وهو الفيلم الروائي القصير «11 شارع باستور» الذي حصل على عدة جوائز عند عرضه محليا وعالميا، مما زرع بداخلي الرغبة في تجربة خوض عالم جديد تماما وهو عالم السينما، ولكنني بقيت لفترة طويلة مترددة في تغيير مجال عملي، لأن الفيديو كليب له تقنيات مختلفة تماما عن تقنيات الفيلم السينمائي ومع هذا ظل الحلم يراودني.

* وكيف جاءت تجربتك السينمائية الأولي «بوستة»؟

- صديقي المخرج اللبناني فيليب عرقتنجي كان يستعد العام قبل الماضي لإخراج فيلمه الروائي الطويل «بوستة» وهو أحد الأعمال التي تقوم على فكرة شديدة التميز والجاذبية، ويمثل واقعا جديدا على السينما اللبنانية، وطلب مني المخرج أن أشارك في الفيلم كإحدى بطلاته فقبلت فورا ومن دون أي تردد، أولا لإعجابي الشديد بالعمل، وثانيا لأجرب نفسي في ذلك العالم الجديد، ونجحت التجربة على المستويين الفني والجماهيري؛ فردود الأفعال كلها كانت إلى جانب العمل وليست ضده مما شجعني أكثر على تحقيق حلمي الخاص في تقديم سينما روائية تعبر عن قضايا المرأة، والتي تتشابه مشاكلها في كل المجتمعات العربية.

عالم خاص

* وكيف جاءت فكرة فيلم «سكر بنات»؟

- بالتأكيد للمرأة عالم خاص، وسر خاص قد لا يطلع عليه أحد إلى أن تموت، وقد يعرفه أقل عدد من المحيطين بها، والمرأة هي التي تمسك بين أصابعها خيوط الحياة؛ لأنها الأم والزوجة والأخت والصديقة والحبيبة وبالتأكيد تعاني صانعة الحياة من مشاكل لعل أهمها نظرة المجتمع إليها إذا ما تجرأت وأخطأت، أو حتى حاولت مجرد الإفصاح عن مشاعرها والمطالبة بحقها الطبيعي في أن تحيا كما تشاء وأن تختار بإرادتها الحرة الأسلوب الأمثل الذي تتعامل به مع الأشياء من حولها. من هنا جاءت الفكرة، فهذا الحلم الذي يقدم عدة نماذج نسائية من داخل المجتمع العربي وليس اللبناني فقط، صحيح أنهن لبنانيات ولكن مشاكلهن وهمومهن واحباطاتهن وأحلامهن يتشاركن فيها مع كل امرأة تعيش في أي مجتمع عربي آخر، وتدور أحداث حياة بطلات الفيلم داخل «صالون التجميل» وقد اخترت هذا المكان تحديدا فهو أفضل الأماكن التي تتعامل فيها المرأة بكامل حريتها لأنها تكون على طبيعتها في عالم أنثوي خاص بها.

* وكيف قدم الفيلم هذه النماذج الأنثوية؟

- لا يوجد إنسان إيجابي كله أو سلبي كله؛ فطبيعة البشر تجمع بين النقيضين، وعندما قررت اختيار الشخصيات اخترت نوعيات مختلفة من المجتمع اللبناني ورغم حالة المرح التي ظهرن بها في صالون التجميل فيبقي بداخل كل منهن سرها الخاص الذي يؤرقها، وجميعهن في حيرة حقيقية بين تقاليد مجتمعهن وبين رغبتهن في الحياة بحرية أكثر، ورغم أنني قادمة إلى عالم السينما من أكثر المجتمعات الأخرى الأكثر تزمتا، فالحرية الاجتماعية لها حدود وهي تبقي دائما محكومة بعادات وتقاليد نابعة من الدين أو من الموروثات القديمة التي يصعب جدا أن تتغير، وأحيانا هي لا تحتاج إلى التغيير الكامل بقدر ما تحتاج إلى شيء من المرونة في التعامل مع المرأة بالذات.

للكبار فقط

* وما حكاية لافتة للكبار فقط؟

- مصر هي الدولة الوحيدة التي وضعت لافتة «للكبار فقط» على الفيلم، وربما يكون السبب في هذا جرأة الشخصيات، فعلى سبيل المثال هناك «ليال» الفتاة المسيحية المتدينة والتي يظهر تدينها واضحا من خلال صليب تعلقه دائما في عنقها، ومع هذا تعيش علاقة عاطفية مع رجل متزوج، و«نسرين» التي كانت لها علاقات قبل الزواج ولا تجرؤ على البوح بها لأحد، ثم «ريما» الفتاة التي تعاني مرض التعلق بالنساء دون الرجال، وهو ما يطلق عليه «الشذوذ»، وكلهن نماذج حقيقية نراها في مجتمعاتنا ونتعامل معها، ولكننا نحاول دائما تجاهلهن إعلاميا وكأننا نعامة تدفن رأسها في الرمال أو كأننا نرغب في إقصائهن ونبذهن لأنهن مخطئات من وجهة نظر تقاليد المجتمع الصارمة التي قد تتجاوز عن أخطاء الرجل ولكنها أبدا لا تتسامح مع أخطاء المرأة، وهذا عكس الغرب الذي يتعامل مع المرأة في أية مرحلة عمرية على أنها صاحبة كيان مستقل، وأنا لا أريد تقليد المجتمعات الغربية، فهي مهما أعجبنا بها بعيدة كل البعد عن ثقافتنا وهويتنا العربية، ولكنني أبحث عن موضوعات ونماذج حقيقية وقضايا قد تصدم المشاهد ولكنها بعد الصدمة تمنحه المعرفة بما يدور حوله، وعندما تضع السينما يدها على موضع الجرح ستفتح الطريق لمناقشة أفضل السبل لعلاجه؛ فالفن يطرح المشكلة ولكن لا يستطيع أن يقدم لها حلا.

نماذج حقيقية

* وهل كان الاعتماد على مجموعة من المواهب الشابة التي ربما يخوضون المجال لأول مرة متعمدا؟

بالفعل تعمدت التعامل مع مجموعة من المواهب الذين يمثلون لأول مرة، باستثناء ممثل واحد هو «عادل كرم» وهو أحد الكوميديانات الكبار في السينما اللبنانية، وفكرة الاعتماد على هؤلاء المواهب كانت ضرورية، فتقديم الحياة الحقيقية يحتاج إلى ممثلين يمنحون المشاهد الإحساس الطبيعي من دون تصنع.

العدد 2260 - الأربعاء 12 نوفمبر 2008م الموافق 13 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً