العدد 1751 - الجمعة 22 يونيو 2007م الموافق 06 جمادى الآخرة 1428هـ

عُمان جنة يقصدها السياح العرب والأجانب

على رغم الضرر الكبير جراء إعصار جونو

ألوان الوسط - المحرر الفني 

22 يونيو 2007

أمطار صيفية، جو لطيف، مياه نقية، مساحات خضراء شاسعة، أناس لطفاء، متاحف، حدائق غناء، تاريخ عريق... هذه ليست أوروبا، تلك سلطنة عُمان، في المدن والبوادي العمانية لا تكتفي بسبي عقل السائح وإبهاره بطبيعتها الخلابة بل تخبئ في ربوعها معالم تاريخية تشهد على عراقة الماضي.

«ألوان الوسط» وفي صفحتي قافلة لهذا الأسبوع اختارت أن تعرفك إلى بعض من الأماكن السياحة في سلطنة عُمان، التي مازال الناس يقصدونها للاستجمام على رغم ما حلّ بها من دمار بسبب إعصار جونو الذي أصابها مطلع الشهر الجاري.

نجحت سلطنة عُمان في استقطاب السياح العرب والأجانب الذين تعودوا في السابق على شد الرحال إلى مصايف أوروبا هربا من حرارة الصيف وبحثا عن جمال الطبيعة واعتدال الطقس. فمنذ سنوات قليلة تحولت مدن عمانية كثيرة منها صلالة إلى مصايف جميلة بفضل مناخها المعتدل حتى في الأشهر الآتية: يونيو/حزيران ويوليو/تموز وأغسطس/آب وباتت حديث المصطافين من دول الخليج والدول المجاورة خصوصا.

حبا الله سلطنة عُمان بمقومات ومناطق سياحيّة طبيعيّة ذات مناظر خلابة، تشمل مياه البحر الممتدة، والشواطئ النظيفة والجذابة، والأفلاج والوديان والينابيع المنسابة، والجبال الشامخة تكسوها الخضرة اليانعة من أشجار وزهور ومزروعات، وكذلك الأنواع المتعدِّدة من الحيوانات والطيور والأسماك، والرمال الشاسعة والكهوف الجبليّة، والوديان الكثيرة والعيون والمدن التاريخيّة والمحميّات الطبيعيّة التي تمثِّل مواقع جذب قويّة للسائحين على اختلاف اهتماماتهم وشرائحهم، خصوصا مع تنظيم فعاليات رياضيّة وترفيهيّة جذابة، مثل رالي عُمان الصحراويّ، وسباق القوارب الشراعيّة.

صلالة... جنة خضراء

عندما تلتقي السماء بالأرض حاضنة كرة بلورية حمراء وتكشف عن ثوبها الأخضر النضر والسهول والجبال تكون قد وصلت إلى صلالة مدينة الشمس والمطر. وللمرء أن يتصور روعة هذا المكان عندما تشهد معظم مناطق شبه الجزيرة العربية ارتفاعا في درجات الحرارة التي تصل إلى 45 درجة مئوية في فصل الصيف أو أكثر بينما لا تزيد في صلالة عن 25 درجة مئوية.

نبدأ جولتنا السياحية في ربوع سلطنة عُمان، بزيارة منطقة «صلالة»، سنجدها عبارة عن مصيف بالغ الجمال والروعة، يتمتّع بمناخ لطيف يتخلله رذاذ المطر - بينما كانت حرارة الصيف الشديدة على امتداد المناطق الأخرى-، ثم لا تنسى زيارة «الجبل الأخضر» الذي ستشاهد تنوع منتجاته الزراعيّة، لاسيما الفواكه مثل الرمان والخوخ والمشمش واللوز والجوز ونباتات الزينة كالورد والزهور، التي لا يمكن أن تنمو في أي مكان آخر في الخليج العربي عدا هذا الجبل، نتيجة للطقس المتميز الذي تتمتّع به المنطقة.

بعد زيارة الجبل الأخضر عليك زيارة «رمال الشرقيّة» التي تُعدُّ واحدة من أروع الصحارى الرمليّة التي تجذب الزوّار، وهناك ستلاحظ أنها عبارة عن كثبان متعددة الألوان من الأحمر إلى اللون البنيّ تمتد على مدى البصر، بعد الصحراء لابدّ لك من زيارة واحة «الحويّة» وهي واحدة من أكبر الواحات في عُمان، يكثر فيها النخيل وأشجار الموز والمحاصيل الزراعيّة الأخرى، ويخترقها فلج اكتسبت منه شريان الحياة ، وتتوافر بها أمكنة ظليلة ورائعة للرحلات.

مهرجان الخريف

يبدأ موسم الخريف في صلالة من شهر يونيو حتى نهاية شهر سبتمبر/ أيلول من كل عام يتخلله مهرجان خريف صلالة الذي ساهم إلى حد كبير في الترويج والتعريف بهذه المدينة على نطاق واسع تعدى الدول المحيطة. ويتضمن المهرجان فعاليات فنية وثقافية وترفيهية مختلفة.

سحر وجمال

تجمع مدينة صلالة أصالة الماضي وحداثة الحاضر. المدينة القديمة ملاصقة للبحر والميناء تتمازج مبانيها بأشجار جوز الهند وفي أطرافها مزارع الحبوب والموز، أما ميناؤها فيعد من أكبر الموانئ العربية.

وبما أن صلالة تقع في السهل الظفاري بين البحر والجبل، فقد كان لهذا الموقع اهمية بالغة في مجال السياحة والتجارة على مر العصور مما اكسب اهلها وداعة وطيبة وكرما كما اكسبها هذا التباين في الطبيعة بين البحر والجبل، السهول والأودية سحرا خاصا.

وخلال زيارتك لصلالة لابدّ أن تزور سهل اتين والنوافير الطبيعية والخيران المزدحمة بالطيور والسوق الشعبي الذي يمتلىء بالمنتجات والصناعات التقليدية ولا سيما فيما يتعلق بمستلزمات النساء من عطور وبخور ومكاحل وحلي، بالاضافة إلى المباخر الظفارية التي تتميز بزوايا مدرجة في الاعلى وهو شكل هندسي يستخدم كثيرا في البناء بمحافظة ظفار.

وهناك الكثير من الأودية والعيون القريبة من صلالة وتعد من أجمل الأماكن الطبيعية مثل: عين رزات وعين صحنوت وعين حمران. وقد اقيمت بالقرب من هذه العيون متنزهات وحدائق، فيستمتع الزائر بمناظر العيون الجارية والخضرة الجبلية الاخاذة ونسمة الهواء العليل في فصل الصيف الذي يعرف محليا بموسم الخريف... فعلا أنه خريف يرفد الروح بالجمال والراحة والمطر المنعش.

قلاع وحصون

لابدّ لمن يزور «عُمان» من مشاهدة قلاعها وحصونها، فهناك ما يربو على الألف من القلاع والحصون وأبراج المراقبة، تُطل شامخة تحرس سهول ووديان وجبال عمان، وكل منها شاهد على ماض يدعو للفخر، ولكل منها قصته الخاصّة التي يرويها، إذ سيطلعك المرشدون السياحيون أنّ هذه المباني التاريخية الضخمة - بجانب توفيرها للحماية - أدّت دورا حيويا في التعريف بتاريخ عُمان، كمراكز للعلم والإدارة والأنشطة الاجتماعيّة. وستلاحظ أنت بنفسك أنها تضم أسواقا تضج بالحيويّة والحركة، ومساجد وأحياء حرفيّة وسكنيّة جذابة، وفرت لنا فرصة لمعايشة التاريخ، ومن هذه القلاع المشهورة قلعتا «الجلالي والميراني» اللتان تقعان على مدخل خليج عُمان في محافظة مسقط، وتُعدان من أشهر القلاع العمانيّة، إذ إن قلعة «الميراني» بُنيت قبل قدوم البرتغاليين إلى عُمان، وكانت على شكل برج كبير، وفي العام 1588م أعاد البرتغاليون بناءها، وذلك على أنقاض المبنى القديم. أما قلعة «الجلالي» التي تطل على خليج عُمان (في الجهة الشماليّة الشرقيّة من مدينة مسقط) فقد أكمل البرتغاليون بناءها العام 1587م، كما تمّ تجديدها وتهيئتها لتصبح متحفا، وكذلك من القلاع المشهورة ، قلعة «نزوى» التي تقع في ولاية نزوى في المنطقة الداخلية، وتُعتبر ضمن أقدم القلاع في سلطنة عُمان إذ تنفرد بشكلها الدائريّ الضخم المطمور بالتراب، وبها سبعة آبار وفتحات متعددة لمرابطة المقاتلين المدافعين عن القلعة والمدينة خلال العصور القديمة، وبداخلها مواقع مختلفة للسجون، إذ كانت مقرا للحكم، كما عرجنا أيضا على قلعة «بهلا»، والتي تقع في ولاية «بهلا» بالمنطقة الداخليّة، وتشتهر بسورها الذي يمتد لمسافة (12) كم، وهي واحدة من أبرز معالم التراث الحضاري في شبه الجزيرة العربية، ويعود تاريخها للألف الثالث قبل الميلاد، وقد ارتبطت بالكثير من الحضارات القديمة في بلاد ما بين النهرين وبلاد فارس.

ويحرص كل من يزور عُمان، على زيارة حصونها التاريخيّة التي تشتهر بها، وتحكي بطولات وقصص كفاح وصمود العمانيين في وجه الغزاة والمستعمرين، ومن هذه الحصون حصن «مطرح» وهوحصن عتيد يقف شامخا فاتحا صدره للبحر، مستنشقا هواءه المُحمّل بعبق ذكريات السفن التي جابته جيئة وذهابا، وفي طيها حوادث ووقائع كان الحصن شاهدا أمينا عليها، كما يجب أن تزور حصن «قريات» الذي يقع بوسط مدينة «قريات»، وهو مبنيّ منذ (200) سنة تقريبا، في عهد السيد حمد بن سعيد البوسعيديّ الذي كان واليا عليه، وتمّ ترميمه العام 1987م وتحول إلى متحف، كما ستشاهد في ولاية «بهلا» بالمنطقة الداخليّة، حصن «جبرين» الذي هو مزيج رائع من فنّ البناء الدفاعيّ والذوق الرفيع ، وكان قصرا للإمام وعائلته، وحصنا دفاعيّا وقت الحروب، بالإضافة إلى ما يضمه من قاعات دراسيّة لتعليم الفقه الإسلاميّ، وفي ولاية «نزوى» على بعد نحو (24) كم منها، توقفنا عند حصن «بيت الرديدة» الذي لاحظنا أنه يجمع بين عناصر فن البناء المعماري الدفاعي، والمحلي التقليدي، وتخفي أجزاء جدرانه السميكة ذات الأبراج المشيّدة من آجر الطين في داخلها معمارا أنيقا يكشف عن أقواس متعدِّدة الأشكال، وسقوف مطليّة، ونقوش من الجص متقنة ورائعة. وختام جولتك للحصون قم بزيارة حصن «الحزم» الذي يقع في ولاية الرستاق في منطقة الباطنة، ويعد من أروع بدائع الفن المعماري العماني الإسلامي، وفيه عدد من الغرف التي كانت تُستخدم لتدريس القرآن الكريم والعلوم والمعارف الدينيّة، ويخترق الحصن فلج (مياه متدفقة).

شاطئ البستان

من الشواطئ الجميلة بمسقط شاطئ البستان... ذلك الشاطئ النموذجي الذي يقع فيه فندق قصر البستان والشاطئ يمتد لمسافة كبيرة على ساحل البحر وتحيط به الجبال من كل ناحية عدا الطريق المؤدي إليه والشاطئ المطل على البحر.. وهذه الطبيعة تزيد الشاطئ خصوصية على خصوصيته.

وهناك الكثير من الشواطئ الجميلة التي تقع على ساحل محافظة مسقط، منها شاطئ الطريق البحري بالقرب من ميناء السلطان قابوس والذي تطل عليه أشكال صخرية جبلية جميلة وتمثل خلفيته أشكالا جمالية متعددة وتنتشر المقاعد والمظلات على طول الشاطئ حتى ميناء السلطان قابوس... ومثبتة بسور الشاطئ لوحات فنية مجسمة لطيور وحيوانات وأسماك... وتوجد بالشاطئ الخدمات والمرافق كافة التي أقيمت من أجل راحة الزوار. إذ تهتم إدارته بتنظيم المسابقات الرياضية والمائية كسباق الزوارق والمراكب الشراعية والتجديف وغيرها.

كهف «الهوتة»

يقع كهف «الهوتة» الذي يعد أول مشروع سياحي من نوعه على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي والثاني في منطقة الشرق الأوسط في ولاية الحمراء على بعد 220 كلم من العاصمة العمانية (مسقط).

لقد قامت بعض المجموعات المعنية بتطوير القطاع السياحي في عمان بزيارة هذا الكهف التي يتميز بمساحات واسعة في مختلف أنحائه والتقطت بعض الصور الفنية له. ويمكن للمرء بزيارة الكهف عند التوجه إلى ولاية نزوى ومنها إلى ولاية الحمراء في مسافة لا تزيد عن 230 كيلومترا من العاصمة مسقط إذ تحيط بالكهف البساتين الجميلة والجبال الشامخة والبيوت العامرة.

وعن المدخل الأصلي للكهف نقلت بعض المجموعات التي قامت بزيارته خلال الفترات الماضية أنه عبارة عن فتحة صغيرة وعميقة تقع بالقرب من قرية الهوتة وتسمى هذه الفتحة فتحة الهوتة، أما الفتحة الثانية المسماة فتحة الفلاح فهي فتحة من صنع الإنسان بها خطوات صخرية توفر مهبطا آمنا بمساعدة حبل، وبخطوات قصيرة تمشي ويقودك الحبل إلى طريق سهل وآمن على الجانب الغربي يوصلك لفم الكهف ولقاعة الكهف الأرضية عبر أجواء مظلمة تمنعك من رؤية تلك الأشكال الجميلة والمثيرة التي أبدعها الخالق سبحانه وتعالى، وسمي الكهف بالهوتة نسبة إلى القرية الموجودة بالقرب منه.

ونتيجة لعلميات التطوير التي يحظى بها هذا الكهف فلم يصبح الكهف كما نعرف الكهوف في العصور الغابرة، وإنما تمشي في تلك الجسور والممرات الجديدة والإسمنتية وكأنك تمشى في مدينة تحيط بك مباني صخرية من كل جانب، والممر ممتد من بداية الكهف ويمشي فيه الزائر متنقلأ من قاعة إلى قاعة حتى يصل إلى منبع الماء، وهو يمشي في هذا الممر سالكا طريقة بسلام وبأمان متجنبا الغبار والأوساخ الموجودة على الصخور ومن ثم يتقدّم إلى الأمام متبعا طريق الممر من دون الرجوع إلى الطريق نفسه حتى يصل إلى نقطة النهاية.

وتمت إنارة الكهف إنارة كاملة بحيث يشعر الزائر أنه بداخل متحف طبيعي لأشكال الصخور المتدلية والجبس المتكون عبر مئات السنين نتيجة قطرات الماء الهابطة من أعلى والتي أثرت في تركيبة أرضية الكهف فتكونت الأحواض المائية المنتشرة في الكهف، كما توجد جداول ماء صخرية نحتتها المياه خلال فترة زمنية تقدر بالآف السنين. التي تدل على قدرة الخالق.

العدد 1751 - الجمعة 22 يونيو 2007م الموافق 06 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً