العدد 1759 - السبت 30 يونيو 2007م الموافق 14 جمادى الآخرة 1428هـ

العملة الخليجية الموحدة... الفشل غير مسموح... ولكنه مسموح!

الوسط - محرر الملف السياسي 

30 يونيو 2007

في المقابلة التي خص بها الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبدالرحمن حمد العطية «الوسط» في 29 مايو/ أيار الماضي، أكد فيها أن دول المجلس قطعت شوطا كبيرا بالنسبة إلى العملة الموحدة وتُجرى حاليا دراسة مسودة الإطارين التشريعي والتنظيمي للسلطة النقدية وبحث الوضعين المؤسساتي والقانوني للمصرف المركزي الخليجي والتشريعات الإشرافية والرقابية اللازمة لإقامة الاتحاد النقدي.

ورفض العطية في الحوار الذي نشرته «الوسط» بمناسبة مرور 26 عاما على تأسيس مجلس التعاون احتمال فشل مشروع الاتحاد النقدي وإصدار العملة الموحدة قائلا إن ذلك «غير مسموح به»، مؤكدا أن «هناك حرصا من قادة دول المجلس على أن تحل أية عقبة تواجه العملة الخليجية الموحدة جريا على العادة في مجلس التعاون بالبحث دائما عن الإجماع في اتخاذ القرارات»، مشيرا إلى أن قادة دول مجلس التعاون خلال قمة الرياض (ديسمبر/ كانون الأول 2006) قد كلفوا لجنة التعاون المالي والاقتصادي ولجنة محافظي مؤسسات النقد والمصارف المركزية باستكمال بحث كيفية حساب معايير تقارب الأداء الاقتصادي والنسب المتعلقة بها وفوضوا وزراء المالية الاتفاق عليها ووجهوا اللجان المعنية إلى تكثيف الجهود لاستكمال الخطوات والاتفاق على الأنظمة والوثائق اللازمة لإقامة الاتحاد النقدي وإصدار العملة الموحدة لدول المجلس وفق البرنامج الزمني وهو العام 2010.

وأضاف «تُجرى حاليا مناقشة واقتراح مسمى العملة الموحدة وفئاتها ومواصفاتها وأسلوب طرحها للتداول وآلية سعر صرف العملة الموحدة والاتفاق على ذلك؛ ما يعني أننا في مرحلة متقدمة وأن الاتحاد النقدي في إطار البرنامج الزمني يسير بشكل مدروس ولا مجال للفشل بمشيئة الله وسيتم إطلاق العملة الموحدة كما هو محدد ولن تطلق العملة إلا بعد اتخاذ الإجراءات وإصدار التشريعات الكفيلة بنجاحها» فالفشل في اتحاد نقدي غير مسموح.

وكانت الكويت قد قررت في اكتوبر/ تشرين الأول 2002 ربط سعر صرف الدينار الكويتي بسعر صرف الدولار الأميركي تنفيذا لقرار المجلس الأعلى لقادة دول مجلس التعاون الخليجي الصادر بشأن التثبيت المشترك لعملات دول المجلس مقابل الدولار الأميركي تمهيدا لإقامة الاتحاد النقدي وإطلاق العملة الموحدة لدول المجلس.

غير أن الفشل غير المسموح به رسميا قد يكون واقعا مسموحا به فعليا، فسلطنة عمان أعلنت أنها غير مستعدة لدخول الاتحاد النقدي، والكويت فكت ارتباطها بالدولار وأصبحت عملتها تحتوي على نحو 80 في المئة من الدولار، والبقية تتوزع بين اليورو والجنيه الإسترليني، والحديث عن مصرف مركزي واحد، بإدارة واحدة لجميع دول التعاون تعترضه التفاصيل المعروفة التي لا يمكن تخطيها بكل سهولة.

محافظ بنك الكويت المركزي الشيخ سالم بن عبدالعزيز الصباح علق في حديث له في 22 مايو الماضي بشأن قرار الكويت فك الارتباط بالدولار بالقول: «إن خطوة الكويت لا تعني أنها لن تسير على خطى الوحدة النقدية بل على العكس... نحن متيقنون أن هذا المشروع ينبغي أن يُدعم حتى النهاية». وأضاف «ليس هناك علاقة بين فك الارتباط بالدولار والعملة الخليجية الموحدة؛ لأن الموضوعين مختلفان تماما»، موضحا أن قرار الكويت السابق، التخلي عن سلة العملات والاتجاه إلى الدولار «كان برغبة الانسجام مع بقية دول الخليج التي تربط عملاتها بالدولار».

غير أنه قال أيضا: «تبيّن أن الارتباط في هذه المرحلة لم يكن في صالح الكويت وبالتالى عادت مرة أخرى إلى ربط الدينار الكويتي بسلة عملات رئيسية وهي السلة التي تتغير مكوناتها وفق أحدث البيانات التي تتوافر للبنك بالنسبة إلى العلاقات التجارية مع الدول الأجنبية».

رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت علي ثنيان الغانم علق على الموضوع بالقول: «إن الوقت لايزال مبكرا للتفكير في إطلاق العملة الخليجية الموحدة». ورأى الغانم في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية في 21 مايو «أن هناك أمورا كثيرة يجب أن تؤخذ في الاعتبار فيما يتعلق بالعلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي قبل التفكير في أمر العملة الموحدة».

أما محافظ المصرف المركزي بدولة الإمارات العربية المتحدة سلطان ناصر السويدي فقد قال في 7 يونيو/ حزيران الجاري: «إن تبني العملة الخليجية الموحدة يجب أن يتم بعد استكمال السوق الخليجية المشتركة»، مشيرا إلى أن الجدول الزمني المحدد في العام 2010 من قِبل مجلس التعاون لدول الخليج العربية قد لا يكون كافيا ويستغرق وقتا أطولَ يتجاوز الموعد المحدد».

الموضوع أصبح واضحا بالنسبة إلى كثير من المراقبين، وهو أن العملة الخليجية الموحدة «ماتت فعلا» قبل ولادتها، وأن محاولة إخراج الجنين الميت لن تعطي الحياة للعملة التي تفتقد المتطلبات الضرورية لتحقيقها.

إلا أن هناك من الواقعيين ممن يشيرون إلى أن وجود عملة خليجية موحدة ليس ضروريا البتة، بل إننا لسنا بحاجة إلى مصارف مركزية، وكل ما نحتاج إليه وكالة أنباء تخبرنا قرارات المصرف الاحتياطي الفيدرالي الذي يتحكم في الدولار وفي عملاتنا الخليجية، وهذا يعني أننا متوحدون فعلا، ولكن أسماء العملات مختلفة، وهذا يشبه كثيرا ما كان الوضع عليه في السابق، إذ كانت الروبية الهندية هي العملة الخليجية الموحدة حتى العام 1965.

العدد 1759 - السبت 30 يونيو 2007م الموافق 14 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً