العدد 1759 - السبت 30 يونيو 2007م الموافق 14 جمادى الآخرة 1428هـ

تطبيق العملة الخليجية في 2010 مستحيل!

عمان أحدثت شرخا في الاتحاد عند خروجها

هل يمكن للدول الخليجية أن تقابل الموعد المحدد في 2010 لإطلاق العملة الخليجية الموحدة أم أن ما حققته منذ العام 2001 لحد الآن لا يبشر بذلك؟ وما تأثير إعلان سلطنة عمان خروجها من الاتحاد النقدي على صدقية الاتحاد؟ وهل أن الدول الخليجية «الغنية منها» راغبة في تحمل كلفة الوحدة النقدية وقادرة على ذلك هذا ما ستحاول هذه الندوة الإجابة عنه من خلال استضافتها رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينية أحمد اليوشع والباحثين الاقتصاديين عبدالجليل النعيمي ومحمد الصياد.

خلال الندوة أكد الجميع أن الدول الخليجية لا يمكن لها أن تصل إلى تطبق العملة الخليجية الموحدة في الموعد المحدد بالعام 2010. وقالوا: «إن دول الخليج تواجه عوائق جمة تؤخر إقامة الاتحاد النقدي الخليجي و أن ما تم في هذا المجال لحد الآن لا يحقق المستوى المطلوب بعد لقيام الاتحاد النقدي».

وقالوا: «ان لدى الدول الخليجية مشكلات مرتبطة بعدم وجود إنتاج محلي جاهز للتبادل البيني كما أن لديها معوقات كثيرة لاستكمال السوق الخليجية المشتركة والتي من المفترض أن يكون دشنها الاتحاد الجمركي في 2003 و تم تأجيله لأكثر من مرة بسبب وجود مشكلة فنية».

ما مدى إمكان تطبيق العملة الخليجية الموحدة في الوقت المحدد، خصوصا بعد إعلان بعض الدول الخليجية أنها لن تتمكن من مقابلة هذا الموعد وتشكيك صندوق النقد الدولي بالقدرة على الوصول إلى العملة الخليجية الموحدة في 2010؟

- أحمد اليوشع: إذا أردنا أن نوحد عملة مجموعة من الدول فإن ذلك يتطلب من الناحية النظرية ثلاثة أمور ضرورية، أولا إزالة العوائق أمام تدفقات رؤوس الأموال وثانيا إزالة العوائق أمام تدفق السلع والخدمات الإنتاجية وتوحيد الجمارك بين هذه الدول وثالثا إزالة العوائق أمام تدفق العمالة ما بين هذه الدول. وعند إزالة هذه العوائق تنشأ سوق مشتركة ما يؤهل هذه الدول لإقامة عملة موحدة.

ما تم ليس في المستوى المطلوب

إن ما تم في دول مجلس التعاون الخليجي في هذا المجال لم يحقق المستوى المطلوب بعد لقيام الاتحاد النقدي. وحتى لو قامت الدول الخليجية الآن بالالتزام بمعايير الوحدة النقدية فانه لا يزال هناك عوائق تحد من وجود سوق موحدة، فحتى الآن لا يعامل المستثمر الخليجي في الدول الأخرى كمستثمر مواطن إذ توجد الكثير من العوائق أمام المستثمرين الخليجين كما يوجد الكثير من العوائق أمام انتقال العمالة المواطنة من دولة لأخرى وحتى الآن هناك عوائق في دخول السلع من دولة لأخرى.

ولذلك ما لم يتم إزالة العوائق لخلق سوق خليجية مشتركة وخلق الأرضية المطلوبة لإقامة الاتحاد النقدي فإنه من الصعب جدا تحقيق ذلك في الوقت المحدد. فعندما نريد أن نصدر عملة موحدة فإنها يجب أن تمثل سوقا مشتركة وليس لدينا الآن في الخليج سوق واحدة وإنما معوقات كثيرة ولذلك لابد التفكير بشكل جدي لإزالة هذه القيود.

لقد تم وضع جدول زمني لكل خطوات الاتحاد النقدي بما في ذلك الاتحاد الجمركي الذي كان من المفترض أن يكتمل بحلول العام 2005 وتم تأجيله لنهاية العام الجاري ومع ذلك ليست هناك بوادر مؤكدة لتحقيق الاتحاد الجمركي خلال العام الجاري.

- احمد اليوشع: مع ذلك لا يجب أن نهضم حق دول مجلس التعاون، فإن مجلس التعاون هو التجربة العربية الوحيدة الناجحة كما انه لا يجب أن نقلل من قدر ما تم انجازه لحد الآن, لكن طموحنا كخليجيين أكبر مما هو حاصل الآن, كما أن ما هو حاصل الآن أقل بكثير مما هو مطلوب حتى رسميا هناك اتفاقات وقعت من قبل قيادات الدول تلزم كل الأطراف بتنفيذها ولكن هناك للأسف المصلحة القطرية التي ما زالت مسيطرة على تفكير الدول الخليجية. ومن دون تحيز فإن البحرين هي الدولة الوحيدة التي تستجيب لجميع قرارات مجلس التعاون فيما البقية ما زالت أمامهم تنفيذ الكثير من المطالب لتحقيق عدد من القرارات.

ليس بالإمكان مقابلة الموعد المحدد

- محمد الصياد: سأتناول الموضوع من ناحية فنية والسؤال المطروح هنا هل أن دول مجلس التعاون بإمكانها أن تقابل التاريخ المحدد؟

من الناحية الاقتصادية فإن تحقيق ذلك صعب. ولو نظرنا كيف تأسست العملية النقدية لوجدنا انه في البداية كانت هناك سوق لتبادل السلع وبعد ذلك تم اختيار سلعة لتكون مثبتا وبعد ذلك تم صك العملة فإن صك العملات هو السقف والاقتصاد هو الأساس ولذلك يجب أن تكون هناك سوق لتبادل السلع من خلال العملة.

ولو نظرنا إلى حجم التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون لوجدنا انه لا يشكل حتى 20 في المئة من إجمالي تجارتها الخارجية، بينما الاتحاد الأوربي الذي انشأ عملة موحدة بعد سنوات طويلة تشكل التجارة البينية بين دوله أكثر من 60 في المئة. لدينا مشكلة في الدول الخليجية مرتبطة بعدم وجود إنتاج محلي جاهز للتبادل البيني, كما لدينا معوقات لاستكمال السوق الخليجية المشتركة والتي من المفترض أن يكون دشنها الاتحاد الجمركي في 2003 والذي تم تأجيله لأكثر من مرة بسبب وجود مشكلة فنية متعلقة بعدم استكمال جداول السلع التي سيشملها الاتحاد الجمركي للتحرير.

اللجان الفنية تعمل الآن على إنهاء عدد من الأمور من بينها إنشاء نقطة تجميع واحدة وكيفية توزيع الإيرادات الجمركية ولكن ذلك يوضح أن هناك قضايا فنية يجب التركيز عليها, كما أن الأمانة العامة لمجلس التعاون أصبحت مثقلة بالكثير من العمل, فعلى المستوى السياسي يمكن تحديد موعد معين لتطبيق الوحدة النقدية كما حددنا موعدا لإنهاء مفاوضاتنا مع الاتحاد الأوروبي، والذي كان من المفترض أن تنتهي في شهر مايو/ أيار من العام الماضي، إذ ان مسئولين كبارا صرحوا بذلك في حين أننا في اللجان الفنية نعرف استحالة تحقيق ذلك فلا تزال هناك الكثير من الأمور التي يتحفظ عليها الأوربيون كما أن لدينا تحفظاتنا على عدد من القضايا وفي بعض شروط التفاوض, فعندما يتم تحديد موعد معين فان ذلك لا يعني بالضرورة إمكانية تحقيقه.

اعتقد أن الأمانة العامة بهيكلتها وموظفيها لا تستطيع أن تقابل هذا الموعد بسبب تراكم حجم العمل الملقى على عاتق الأمانة العامة, لقد تم فتح الآن الكثير من خطوط التفاوض لتوقيع اتفاقات تجارة حرة مع الكثير من الدول والتجمعات الاقتصادية. اللجنة الفنية أنهت المرحلة الأولى من العملة الخليجية الموحدة وانتقلت إلى المرحلة الثانية الخاصة بوضع معايير موحدة للأداء الاقتصادي والمتضمنة الاتفاق على مستويات موحدة من أسعار الفائدة والاتفاق على مستويات متقاربة من التضخم والاتفاق على ألا يزيد العجز في الموازنات الخليجية عن 3 في المئة والاتفاق نسبة العجز في الدين العام إلى GDP ولكن من الصعب جدا تحقيق ذلك عمليا.

ولكن البعض يرى أن هذه المعايير صارمة جدا...

- محمد الصياد: لقد تم التوافق على هذه المعايير بالتنسيق مع البنك المركزي الأوربي باعتبار أن الأوروبيين كانت لديهم تجربة ناجحة في مجال الاتفاق على توحيد أسعار صرف العملات الوطنية ونقلها إلى مستوى صرف عملة موحدة.

هناك مشكلة أخرى مرتبطة بإنشاء سلطة النقد الموحدة ومقر هذه المؤسسة، إن ذلك يحتاج إلى تقديم تنازلات فيما يتعلق بشروط المعايير وتقديم تنازلات قطرية أيضا فيما يتعلق بالموقع وحقوق التصويت في المجلس فهل سيقبل الأعضاء الأقوياء أن يكون لهم حق التصويت في البنك المركزي كباقي الأعضاء.

لا اعتقد أن اللجان الفنية المعنية بإتمام المرحلة الثالثة من إطلاق العملة الخليجية الموحدة سيكون لديها الوقت الكافي لانجاز ذلك في الوقت المحدد, وعندما تنتهي فربما يأتي دور المستوى السياسي إذ ان الموضوع له أبعاد أخرى.

هل يجب تأخير الموعد

هل الاستنتاج أن الوقت المحدد لإنجاز العملة الخليجية الموحدة في 2010 غير عملي ويجب تأخير هذا الموعد صحيح؟

- عبد الجليل النعيمي: طبعا. إن عملية السعي إلى إيجاد عملة موحدة تحتاج إلى وقت لكي تنضج ولكن الوقت أيضا مرهون بجدولة للوصول إلى الوقت المحدد. هل نجحنا أو فشلنا في ذلك من الواضح أن دول مجلس التعاون لم تنجح في تطبيق الخطة التي توصلها إلى الاتحاد النقدي بعد. صحيح أن الجوانب الفنية تشكل عائقا كبيرا ولكن هناك عوامل أخرى مساعدة منها الوفرة النقدية التي تشهدها المنطقة والتي توجد قاعدة مالية لحماية العملة الخليجية الموحدة كما أنني اعتقد بان التجارة البينية بين دول مجلس التعاون قد ازدادت في الفترة الأخيرة والسوق المحلي فيه تشابه الآن أكثر من أي وقت مضى, ولكن بالإضافة إلى الموعد المحدد والتحضير له بشكل جدي هناك موضوع النموذج الذي ستأخذ به الدول الخليجية فالدول الخليجية مركزة على تجربة الاتحاد الأوروبي على رغم أن هناك الكثير من التجارب التي يمكن الاسترشاد بها. فالنموذج الأوروبي به مركزية صارمة جدا واعتقد أن تقرير المصرف المركزي الأوروبي الذي نصح في مطلع هذه السنة دول مجلس التعاون بالتمهيد إلى إلغاء المصارف المركزية الخليجية وإقامة مصرف مركزي خليجي موحد أدى إلى إيجاد قلق عند بعض الدول وبالدرجة الأولى لدى سلطنة عمان... ما أريد قوله إن الاتحاد الأوروبي ليس النموذج الوحيد ففي الولايات المتحدة الأميركية هناك المجلس الاحتياطي الفيدرالي وهناك استقلالية نسبية للمصارف المركزية في الولايات الأخرى, كما أن دول الخليج مرت بتجارب سابقة على رغم أنها كانت بدائية, لقد كنا نستخدم الروبية الهندية ولم يكن بيننا مصرف مركزي وفي الستينات استخدمت إمارة أبوظبي الدينار البحريني.

- محمد الصياد: كما أن الريال السعودي يتداول في البحرين والدينار البحريني يتداول في السعودية بنفس سعر الصرف.

عبد الجليل النعيمي: هناك تجارب في التاريخ الخليجي بالإضافة إلى التاريخ العالمي حتى انه في بعض الأحيان عند حدوث الكوارث مثلا فإن بعض الدول تستخدم عملات دول أخرى لوقت محدد وأحيانا على مدى طويل.

ما أحب أن أوضحه هو أن السياسة الصارمة التي نتمسك بها في الوقت الذي تكون ظروفنا فيه غير ناضجة تماما, ذلك ما يربك عملية إيجاد العملة الخليجية الموحدة بشكل جدي.

ما تأثير خروج سلطنة عمان من الاتحاد النقدي الخليجي؟ وهل سيكون دائما أم مؤقتا؟ وهل هناك احتمال خروج دولة أخرى وماذا لو حدث ذلك؟

تقديم التنازلات

- أحمد اليوشع: اعتقد أن عمان خلقت سابقة، بدليل ما اتخذته دولة الكويت لاحقا من قرار فك ربط عملتها بالدولار. كما اعتقد أن قضايا الوحدة تتطلب تقديم تنازلات وتحمل مسئولية كبيرة, وحتى أنها في بعض الأحيان تسبب خسارة لبعض الدول، فألمانيا على سبيل المثال قدمت ثمنا كبيرا جدا للوصول إلى الوحدة الأوروبية فهي الآن الممول الرئيس بجانب فرنسا للنشاط النقدي، ولكن ذلك يعتبر ثمنا تدفعه الدول مقابل تحقيق مكاسب إستراتيجية ستحققها على المدى البعيد وهذه المكاسب قد لا تكون اقتصادية وإنما سياسية أو عسكرية فليس المهيمن على الوحدة الأوربية ليس البعد الاقتصادي فقط وإنما هناك البعد التاريخي لهذه الدول والصراعات العسكرية بينها والتي دفعت بهذا الاتجاه.

في رأيي الشخصي ان خروج عمان من الاتحاد النقدي أحدثت شرخا في هذه المنظومة وأدت إلى قيام دولة الكويت بفك ارتباطها بالدولار حتى أن تبرير الكويت لقيامها بهذه الخطوة بسبب التضخم ليس مبررا مقنعا. فالدولار الأميركي هابط في هذه الفترة ولكننا نعرف أن الدولار يمر بدورات ففي سنوات يهبط وفي سنوات أخرى يرتفع, وهذا ثمن يجب أن يدفع للوصول إلى الوحدة النقدية, لقد اتفقت جميع الدول الخليجية على تثبيت عملتها بالدولار سواء ارتفع الدولار أو هبط فإن ذلك شيء آخر هناك اتفاق يجب الالتزام به. ومن المؤسف أن نتراجع عن التجربة حين نصطدم بالواقع، إن ذلك اثبت بأننا لم نكن قادرين على أن نتحمل مسئولية كلفة الوحدة النقدية إذ ان الدول الغنية في هذه المجموعة عليها أن تضع في اعتبارها أنها ستتحمل مسئولية كلفة الوحدة وذلك ما حدث في جميع دول العالم حتى في أميركا فإن الولايات الغنية دفعت أكثر من الولايات الفقيرة.

- محمد الصياد: أحب أن أوضح بأن عمان لم تنسحب من الوحدة النقدية ولكنها أعلنت فقط أنها لا تستطيع أن تقابل هذا التاريخ ولم تنسحب من الآلية كما أنها مستمرة في حضور اجتماعات اللجان الفنية، بل بالعكس فإن عمان ملتزمة بجميع القرارات الخاصة بالمرحلة الأولى كالاتفاق على مثبت واحد للعملات كما أنها مستمرة في الوفاء بالمعايير المحددة في المرحلة الثانية.

- عبدالجليل النعيمي: لقد ذكرت سابقا أن دراسة المصرف المركزي الأوروبي والنصح بحل المصارف المركزية في دول الخليج وإنشاء مصرف مركزي خليجي افزع عمان إذ انها أحست بأنها غير مستعدة للتخلي عن مصرفها المركزي ولكنها لم تعلن انسحابها.

البنك المركزي

لقد أكدت سابقا أن الدول التي تريد أن تدخل في اتحاد نقدي يجب أن تقدم تنازلات في حين يتحدث المختصون عن تنافس ثلاث دول هي البحرين وقطر والإمارات لاستضافة مقر المصرف الخليجي المركزي. ما تعليقكم على ذلك ومن هي الدولة الأكثر حظا في استضافة المقر؟

- أحمد اليوشع: عادة ما يكون البنك المركزي في الدولة الرئيسة في الاتحاد ولكن إذا تخلت هذه الدولة عن ذلك ففي هذه الحالة يتم البحث عن أي دولة لديها أفضل بنك مركزي وفي الحالة الخليجية فإن أفضل بنك مركزي هو في البحرين, فوفقا لتقييم صندوق النقد الدولي فان أفضل بنك مركزي في منطقة الشرق الأوسط هو مصرف البحرين المركزي.

هل ذلك يعني إمكان تنازل الدول الأخرى؟

- محمد الصياد: لا اعتقد ذلك لأن ذلك يعتبر حقا سياديا ولا أظن أن أي من الدول الأخرى ستتنازل للبحرين عن حقها في احتضان البنك المركزي الخليجي.

وعلى رغم أن البحرين متقدمة كثيرا في مجال تحرير قطاع الخدمات المالية والمصرفية وأنها مؤهلة تماما لاحتضان مقر البنك المركزي الخليجي ولكن يبقى القرار سياسيا في الدرجة الأولى.

ومن تجربة الاتحاد الأوروبي فإن ألمانيا تنازلت عن المارك الألماني وعن رئاسة البنك المركزي ولكنها لم تتنازل عن مقر المصرف الذي يقع في فرانكفورت, ولكن هذه الأمور يمكن أن تسوى في وقت لاحق.

- عبدالجليل النعيمي: في هذا الإطار نحن أمام عاملين هما حجم الاقتصاد ودوره في التكامل الخليجي ومن ناحية أخرى كفاءة الأداء المصرفي ويمكن ترجيح المملكة العربية السعودية أو الإمارات العربية المتحدة إذا أخذنا معيار حجم الاقتصاد بينما إذا أخذنا معيار الكفاءة المصرفية فإن البحرين يمكن أن تقدم نفسها. ولكن هناك عاملا ذاتيا ثالثا يمكن أن يضاف هنا هو الأنانية السياسية.

في السنة الماضية حضرت ورشة عمل أقامها المركز الأوروبي في أبوظبي عن العملة الخليجية وقد طرحت خلال هذه الورشة مجموعة من الأسئلة المشروعة من بينها هل الدول الخليجية محتاجة في الوقت الحالي إلى مصرف مركزي خليجي أم إلى سياسة نقدية موحدة وهل بإمكان المصارف المركزية في كل دولة أن تمارس سلطاتها السيادية في ظل سياسة نقدية موحدة، وارى انه على المدى البعيد ان وجود بنك مركزي خليجي هو ضرورة ولكن في هذا الوقت ربما لن نحتاج إلى هذا المصرف وقد نلجأ إلى سياسة نقدية موحدة في ظل وجود المصارف المركزية في كل دولة وذلك يمكن أن يحل إشكال مكان مقر البنك المركزي الخليجي.

- محمد الصياد: اعتقد أن هذا الموضوع قد حسم إذ تم الاتفاق على إنشاء المجلس النقدي الخليجي الذي يعتبر المحطة الأولى لإنشاء البنك المركزي, والبنك المركزي يجب أن يوجد إذا أردنا أن نضبط السياسة النقدية الموحدة وضبط المعايير مثلما يحدث ذلك بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي الذي يضبط المعايير ويطبقها بصرامة على ألمانيا وايطاليا التي تململت في عهد برلسكوني وأبدت رغبتها في الانسحاب لأنها ضغطت كثيرا فيما يخص تطبيق معيار العجز في الموازنة والدين العام كما لم تستطع ألمانيا وفرنسا الالتزام بنسبة عجز الموازنة, وهناك عقوبات يفرضها البنك المركزي إذا لم تعدل هذه الدول وبسرعة المعايير المطلوبة لآن ذلك مرتبط بمؤشر التضخم ولذلك لابد أن تكون هناك سلطة نقدية مستقلة تراقب الأداء الاقتصادي وتطبق معايير الأداء الاقتصادي الخمسة.

اعتقد انه من الأفضل لحل قضية المقر الاسترشاد بتجربة الاتحاد الأوروبي على رغم أن بروكسل دولة صغيرة فإنها اختيرت كمقر للاتحاد ولحلف الناتو وبصفة البحرين أول مركز مالي في الشرق الأوسط ولديها تقاليد في إدارة السياسة المالية والنقدية فيمكن أن تكون حلا لهذا التنافس المتعلق بدولة المقر.

صدقية المشروع

هل هناك ملامح للبنك المركزي الخليجي؟ وكيف سيتم احتساب نسبة الأصوات في المصرف؟

- أحمد اليوشع: بالطبع أن أية دولة ستدخل الاتحاد النقدي يجب أن يكون لها ممثل في البنك المركزي بجانب الحفاظ على مصرفها المركزي لسبب رئيسي هو انه لو تراجعت أي دولة فإن مصرفها المركزي يكون موجودا وفي رأيي انه لا بد أولا من وجود بنك مركزي خليجي وفيما يخص تاريخ إنشائه فإن ذلك سيترك لتحدده اللجان الفنية بحسب الجدول الزمني لإصدار العملة الموحدة ولكن لابد أن يكون هناك تمثيل عادل للدول واهم شيء ليس هو نسبة التمثيل ولكني أظن أن الدول الخليجية ستواجه في المرحلة المقبلة قضية صدقية هذا المشروع أمام السوق المالية العالمية فصدقية هذا المشروع الآن على المحك والسؤال الذي يطرح نفسه على من سيدخل هذا المشروع أن يكون جادا في قضية الالتزام والا هناك تجارب إن السوق العالمية ستجد في هذه التجربة مشروعا استثماريا وقد تهجم على العملة الخليجية وتفشل هذا المشروع.

ما هو موجود الآن لدى المضاربين في الأسواق العالمية من سيولة يفوق ما لدى الدول الصناعية الرئيسية من احتياطات بعشرات المرات وهؤلاء المضاربون مستعدون للدخول في أية فرصة استثمارية يرونها مربحة، وأنهم في الوقت الحالي يضعون هذه المنطقة تحت المجهر وسوف يهجمون بكل شراسة متى ما رأوا الفرصة سانحة لهم كما فعلوا في دول شرق آسيا التي فقدت مليارات الدولارات في لحظات قليلة.

إن مسالة الصدقية مهمة جدا فألمانيا مثلا تواجه في الوقت الحالي نسبة بطالة لم تواجهها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية والسبب هو الوحدة النقدية وهي مستعدة لدفع هذا الثمن لآن الحكومة الألمانية مقيدة بعدم ضخ أموال إضافية لأنها مقيدة بوجود نسبة عجز فلا تستطيع أن تضخ أموالا إضافية لتنشيط الاقتصاد وذلك ما أدى إلى وجود بطالة عالية ولكن هذا هو الثمن لوجود الوحدة, ونحن عندما نتحدث عن حصول تضخم بـ 2 أو 3 في المئة ونتخلى عن بعض القرارات التي تم الاتفاق عليها فماذا سيحدث غدا إن حصلت مشكلات أكبر من ذلك بكثير.

هناك أكثر من تصور للصيغة النهائية للعملة الجديدة ولكن المختصين يحصرون ذلك في أن تكون مربوطة بسلة من العملات الرئيسة أو مربوطة بالدولار الأميركي. ما الأنسب برأيكم؟

- محمد الصياد: من الواضح أن هناك فلسفتين لدى دول مجلس التعاون فهناك دول ترى انه يجب إعادة النظر في الالتزام بالمثبت والتحول من عملة واحدة إلى سلة من العملات كما أن هناك دول تؤكد أهمية الالتزام بالدولار وهذه قضية كبيرة يجب إن تحل وكان ذلك من ضمن المرحلة الأولى وهي قد نسفت عمليا.

وارى انه يجب أن تكون للبنك المركزي الخليجي صدقية فلننظر إلى الواقع الحالي, فانه في الوقت الذي نعيش فيه في قمة الإيرادات النفطية فما هو حجم الاحتياطات النقدية لدول الخليج مجتمعة 50 مليار دولار, الصين لوحدها لديها أكثر من 800 مليار دولار كاحتياطي نقدي ولحماية عملتها الوطنية فان الـ50 مليار لا تساوي شيئا في السوق العالمي,ولذلك يجب أن يكون لدول المجلس سدا قويا ومنيعا ضد أي محاولات للمضاربة بعملتها.

- عبدالجليل النعيمي: أحب أن أوأكد على ما طرحه الأخ أحمد اليوشع من أن العملة الخليجية ستكون أمام تحديات عالمية كبيرة جدا، ولذلك نلاحظ أن الكويت عندما لجأت إلى فك الارتباط بالدولار لم تعلن عن تناسب العملات في سلة عملاتها وذلك تحوطا من هجمة المضاربين على العملة وكان هذا الإجراء واعيا ومدروسا. أما بالنسبة للعملة الخليجية فان هذا الإجراء مطلوب بشكل أكبر بان تكون هناك سياسة نقدية موحدة وواعية وحذرة تجاه المضاربات التي أضرت كثيرا ببلدان مثل بريطانيا وشرق آسيا.

المعوقات التي تصادف البحرين

بحسب المعلومات المتوافرة تعاني البحرين صعوبة في التقيد بشرط الاحتفاظ باحتياطي نقدي يغطي قيمة الواردات لفترة أربعة أشهر حدا ادنى فهل ستتمكن البحرين بالوفاء بهذا الشرط مع دخول العام 2010؟

- أحمد الصياد: إن ذلك من ضمن المعايير الموضوعة للوصول إلى الوحدة النقدية ولذلك نرى أن الإمارات لديها 20 مليار دولار في حين أن لدى قطر 4.5 مليارات دولار ولذلك على البحرين أن تعمل منذ الآن لتوفير الاحتياطي المطلوب كما أرى بأنه من المفترض أن يشرع ذلك من خلال مجلس النواب وخصوصا ما يتعلق بسقف حجم الاحتياطات ومعدل تراكم هذه الاحتياطات وذلك ليس فقط لمقابلة المعايير المطروحة للاتحاد النقدي ولكن لمواجهة ما يدور في العالم من أزمات مالية فالهند الآن تسابق الصين في هذا المجال وتراكم مبالغ كبيرة وبشكل شهري لمواجهة أي تقلبات أو هجمات على عملتها الوطنية.

أحمد اليوشع: اعتقد أن ذلك جانبا فنيا من موافقة الشروط والمعايير المطلوبة, كما اعتقد أن ذلك شيئا مؤقتا وليس بالقضية الكبيرة التي تجعل البحرين تنسحب من الاتحاد.

ولكن هل يمكن أن تؤخر البحرين دخولها للاتحاد لهذا السبب؟

- أحمد اليوشع: اعتقد أن السياسة النقدية البحرينية تتميز بصدقية كبيرة, فعندما يتم الإعلان عن التزام ما فإنها دائما ما تنفذ هذا الالتزام, هناك من يتفق أو يختلف مع السياسة النقدية البحرينية ولكن ما يطرحه المصرف المركزي البحريني يلتزم به وذلك مهم جدا بالنسبة للسوق العالمية, إن السلطة النقدية في البحرين ملتزمة بالاتحاد النقدي واعتقد أن صانع القرار يمكنه التعامل مع هذا الموضوع ولا اعتقد أنها تمثل مشكلة كبيرة.

عبدالجليل النعيمي: اعتقد أن البحرين حققت في العام 2006 قياسا بـ 2005 تقدما في الاحتياطي إذ ارتفع إلى 670 مليون دينار وكان هذا الارتفاع بنسبة 2.9 في المئة وهذا الارتفاع بحد ذاته يبعث على التفاؤل ولكن لن يحل المشكلة وذلك بسبب ارتباط الدينار البحريني بالدولار والانخفاض الحاد في سعر الدولار وذلك ما يؤثر بشكل سلبي على أسعار الواردات ولذلك ستظل هذه المشكلة قائمة وبحاجة إلى حل. السياسة النقدية ليست بأيدينا الآن للأسف وذلك ما أكده رئيس مجلس التنمية الاقتصادي الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة خلال المنتدى الاقتصادي عندما قال بان سياستنا النقدية غير مستقلة لأنها مرتبطة بسعر صرف الدولار وسعر الفائدة على الدولار. وبالفعل فان حل هذه المشكلة مرتبط بتصحيح السياسة النقدية القائمة.

محمد الصياد: نقطة مهمة أحب الإشارة إليها وهي أن هيكلة وحجم الأمانة العامة لمجلس التعاون لا يتناسب مع حجم العمل الملقى على عاتقها والتحولات والتطورات الحاصلة ومن هذه الأعمال الوحدة النقدية و إنشاء اتفاقات تجارة حرة مع مجموعات كثيرة, كيف يمكن أن تنشئ عملا ضخما كبنك مركزي وعملة موحدة من خلال أمانة عامة ليس لديها صلاحيات كبيرة ولذلك يجب تحويل الأمانة العامة إلى مفوضية تمتلك كامل الصلاحيات كما هو موجود لدى الاتحاد الأوربي.

اليوشع: البحرين الدولة الوحيدة التي تستجيب لقرارات المجلس

احمد اليوشع

- مواليد 1961

- رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينية.

- المدير العام للبحوث والتنسيق والمتابعة بالديوان الملكي.

- دكتوراه في الاقتصاد من جامعة «هول» البريطانية 1995.

- له الكثير من البحوث والدراسات الاقتصادية في عدد من الدوريات المحكمة في داخل الوطن العربي وخارجه.

- متخصص في الاقتصاد الكلي والسياسة النقدية والاقتصاد القياسي.

- متزوج وله أربعة أطفال.

الصياد: يجب تحويل الأمانة العامة إلى مفوضية بكامل الصلاحيات

محمد الصياد

- مواليد 1954.

- مدير إدارة الأبحاث الاقتصادية في الهيئة الوطنية للنفط والغاز.

- ماجستير في العلوم الاقتصادية من جامعة «كييف» 1982.

- يحضر للدكتوراه في جامعة روسيا للصداقة.

- عضو جمعية الاقتصاديين البحرينية.

- عضو في فريق مفاوضات منظمة التجارة العالمية لتحرير قطاع الطاقة.

- عضو فريق مفاوضات مجلس التعاون الخليجي والتجمعات الاقتصادية العالمية.

- له الكثير من البحوث والدراسات الاقتصادية قدمها في داخل البحرين والخارج.

- كاتب صحافي في عدد من الصحف والمجلات الاقتصادية البحرينية والخليجية.

النعيمي: إنشاءبنك مركزي خليجي ليس ضروريا في هذا الوقت

عبد الجليل النعيمي

- مواليد 1948 .

- باحث اقتصادي بمركز البحرين للدراسات والبحوث.

- ماجستير في العلوم الاقتصادية من موسكو 1974.

- عضو جمعية الاقتصاديين البحرينية وعضو اللجنة المركزية لجمعية المنبر الديمقراطي.

- كاتب صحافي في صحف «الوقت» البحرينية و«البيان» و«الإداري» الاماراتيتين.

- له الكثير من الدراسات والأبحاث الاقتصادية والسياسية.

- متزوج وله ولد واحد.

العدد 1759 - السبت 30 يونيو 2007م الموافق 14 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً