العدد 1760 - الأحد 01 يوليو 2007م الموافق 15 جمادى الآخرة 1428هـ

رحمة وفضيلة ورشيدة... مسلمات بأروقة الاليزيه

بتعيينه لـ «رحمة ياد» و«فضيلة عمارة» في صلب الحكومة الفرنسية الجديدة بقيادة رئيس الوزراء فرنسوا فيون يصبح عدد الفرنسيات من أصول مهاجرة اللاتي عينهن الرئيس الفرنسي «نيكولا ساركوزي» في الحكومة 3 نساء بعد تعيين «رشيدة داتي» في وقت سابق بمنصب وزيرة للعدل.

ومثّل تعيين الفرنسيات الثلاث في مناصب سياسية مهمة بالنسبة للكثير من الشخصيات الفرنسية بمثابة «الثورة» في حياة السياسة الفرنسية في التعامل مع قضية اندماج المهاجرين وأبنائهم على رغم التحفظات التي رافقت تعيين «فضيلة عمارة» باعتبارها وجها عدائيا للمهاجرين ومظاهر التدين.

وعينت «رحمة ياد» السوداء من أصول سنغالية مسلمة (30 سنة) - وهي أصغر أعضاء الحكومة الجديدة سنا - في منصب مستشارة دولة مكلفة بالعلاقات الخارجية وحقوق الإنسان التابعة لوزارة الخارجية الفرنسية.

ونشطت «رحمة» قبل تعيينها في هذا المنصب في مكتب الأمانة العامة لحزب «الاتحاد من أجل الحركة الشعبية» الحاكم وبرزت منذ الأيام الأولى للحملة الرئاسية كمساندة لساركوزي.

وعلى رغم انخراطها في اليمين الحاكم فإن «رحمة» - قدمت إلى فرنسا سنة 1987- لا تخفي انتصارها لحقوق الأقليات في المجتمع الفرنسي، وخصوصا السود وأبناء المهاجرين؛ إذ ألفت في إطار أطروحتها في العلوم السياسية كتابا عن «السود في فرنسا»، كما تزوجت من ناشط في «الحزب الاشتراكي» وتعتبر من الجناح اليساري في الحزب الحاكم.

«فضيلة عمارة»

وإذا كانت «رحمة ياد» قادمة من رحم الحزب الحاكم فإن «فضيلة عمارة» (43 سنة) - والتي عينت مستشارة دولة مكلفة بسياسة المدينة «التابعة لوزارة السكن والمدينة» - جاءت من الأوساط اليسارية.

فالمرأة التي تعود أصولها إلى منطقة القبائل الجزائرية -ونشأت بأحد أحياء الضواحي الفرنسية لأسرة تتكون من 11 فردا - انضمت إلى الحزب الاشتراكي ونشطت في أهم منظماته وهي «النجدة عنصرية» (إس إس راسيزم).

ولكن برز اسمها في المجتمع المدني الفرنسي عندما أسست منظمة «لا عاهرات ولا خاضعات» والتي اختصت في الدفاع عن الفتيات المضطهدات في ضواحي المدن الفرنسية، وعرف عنها توجهاتها النسوية والمعادية للحجاب والظاهرة الإسلامية في الضواحي الفرنسية عموما.

ثورة في تاريخ فرنسا

وجاء تعيين «رحمة ياد» و»فضيلة عمارة» بعد نحو شهر من تعيين «رشيدة داتي» وزيرة للعدل وهو التعيين غير المسبوق في تاريخ فرنسا، والذي اعتبره مراقبون فرنسيون دلالة واضحة على إرادة ساركوزي إعطاء الأقليات والفرنسيين من أصول مهاجرة مكانتهم في الساحة السياسية الفرنسية.

واعتبر الأمين العام المكلف بجمعيات الهجرة في الاتحاد من أجل الحركة الشعبية الحاكم عبدالرحمن دحمان «أن هذه التعيينات في صفوف مسلمي فرنسا تعتبر ثورة في تاريخ الجمهورية في التعامل مع أبناء المهاجرين».

وقال دحمان لـ «إسلام أون لاين.نت»: «هذه التعيينات لم يقم بها أي من الحكومات الاشتراكية التي تتشدق بإعطاء الحقوق للأقليات طوال 50 سنة، وقام بها ساركوزي باعتباره يؤمن بأن السياسيين الفرنسيين يجب أن يعكسوا صورة فرنسا المتعددة».

وأضاف: «أعرف جيدا وزيرة العدل رشيدة داتي ورحمة ياد لأني واكبت دخولهما إلى الحزب الحاكم، غير أن لي تحفظات على تعيين فضيلة عمارة لأن لها أفكار معادية للمسلمين، وهي ليست الصورة الجيدة للأقلية المسلمة ولا تمثلهم».

من جهته، يطرح رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا - التهامي إبريز- سؤلا عن تعيين «فضيلة عمارة» في منصب حكومي باعتبارها معروفة بعدائها للتدين ولكنه يقول: «بالتأكيد نحن أمام جرأة كبيرة وشجاعة وانفتاح من قبل الرئيس الجديد».

«تجميل سياسي»

لكن الكثير من المحللين قللوا من شأن هذه التعيينات في مجملها واعتبروها «تجميلا سياسيا».

وقال الباحث فانسون جيسير: «إذا تركنا جانبا قضية تعيين (رشيدة داتي) التي كانت دائما تحمل أفكار اليمين وتعتبر امرأة ذات كفاءة فإن تعيين (فضيلة عمارة) و(رحمة ياد)، أي عربية، وسوداء في الحكومة الجديدة هو مشهد لتزيين الصورة فحسب، ولن يغير من واقع الفرنسيين من أصول مهاجرة كثيرا».

ويضيف جيسير: «إن اختيار فضيلة عمارة مثلا كان عملا مدروسا من قبل ساركوزي، فالمرأة معروفة بتصريحاتها المعادية بشدة ضد أبناء الضواحي، وهي التي ساهمت بشكل كبير في تطوير الخطاب الأمني الذي يقصد قمع شباب الضواحي ويضرب ظاهرة التدين الإسلامي».

بل إن فضيلة عمارة - بحسب جيسير - تتبنى أطروحات تعتبر فيها أن الظاهرة الإسلامية أخطر من الجبهة اليمينية المتطرفة.

ويختم جيسير قائلا: «إنه لا يجب الانخداع بهذه التعيينات، وهي تعيينات سياسية يقصد بها اللعب بورقة التعددية، وهي محاولة من ساركوزي للتلطيف من الجو الذي أثارته حملته الانتخابية باللعب على أنغام الهوية الوطنية، وأطروحات اليمين المتطرف عموما».

العدد 1760 - الأحد 01 يوليو 2007م الموافق 15 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً