العدد 1779 - الجمعة 20 يوليو 2007م الموافق 05 رجب 1428هـ

أفا على ربع حسبتهم إرجال

علي محمد جبر المسلم comments [at] alwasatnews.com

يمر الإنسان خلال فترة حياته بمحطات متقلبة بعضها جميلة ومفرحة للغاية وأخرى حزينة أو سيئة ورديئة جدا تنقلب فيها حياة الفرد رأسا على عقب وتنتهي بسببها صداقة حميمة وعلاقة وثيقة. وآخرون يمنحهم الله القدرة فيتمكنون ولو بيد واحدة من الإمساك بحبال العربة المقلوبة ويستكينون في لحظة وجوم لإصلاح الأمور ويستعينون بمشورة الشقيق وكل أخ وصديق للتعرف إلى الأسباب، وحين تنجلي الغشاوة عن العين وتتضح لك الأمور والأسباب من غدر صديق ليس لك إلا أن تتقبل العزاء في صداقة العمر الطويلة.

هذه الرسالة وصلت إليّ من صدوق يعتب فيها على زملاء لي فقال:

«أفا على ربع حسبتهم إرجال. عشرة عمر معاك يابومحمد باعوها قدروها بالمال. يا خسارة لين خاب الظن فيهم وإنثال، ترجع بك الأفكار تبحث من شدة عجبها وتسأل عن الأسباب وعمّا جرى وصار، فيأتيك الجواب من وحي الطبيعة حاضرا في الحال، ما يصح إلا الصحيح مهما الزمن طال ولزما ولو بعد حين ينكشف المستور وتبان لك حقيقة الأمور أن من يبني ساسه على هيام يحسب إطياحه أكيد. وإن الكريم فقط إذا أكرمته ملكته».

أخي علي، هذا الزمن ما عاد كما كان، وما عاد يُعرف فيه الأصيل من الرديء أو الأصحاب من الذئاب. التبس فيه كل شيء، أكثرهم كالثعالب يعطوك من طرف اللسان حلاوة وما إن تلوح الفرصة لهم حتى يعودوا إلى طبيعتهم القديمة وعلى قول المثل: «أبوطبيع ما يجوز عن طبعه»، فالمشعوذ يعود إلى الشعوذة والابتزاز، والسارق يعود إلى السرقة والاستحواذ واللوتي يعود إلى لواته والكذب، المهم يصل إلى غرضه أو مراده بأية طريقه أو أي أسلوب.

لا تهتم فالله معك ولن يضيع حقك ولا تزعّل نفسك عليهم هذه هي طبيعتهم انكشفت لك الآن وهي ديدن من يعبد المال والمصالح الدنيوية ويجهل نواميس الدنيا الزائلة ويرفض الإقرار بالحقيقة الناصعة، أن المال مثل العمر زوّال ولا يبقى إلا وجه الله الواحد القهار أما حقك فهو باقٍ لك دنيا وآخرة.

مع الأسف كل محاولاتي لإصلاح ذات البين معهم باءت بالفشل لقد غيّب المال وعيهم فغاب عنهم أن الدين معاملة، وأن لا المال ينفع ولا الزمن يشفع في الآخرة إلا من أتى الله بقلب سليم وقليل ما هم ممن يؤثرون الناس على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.

فاللهم لك الحمد على أن منحك تلك الخصلة ونعمة الإيمان ونعمة القناعة ونعمة الزهد في هذه الدنيا وصلِّ وسلمْ على سيدنا آدم وأمنا حواء والأنبياء والمرسلين والأولياء الصالحين.

اللهم ثبتنا معك بالقول الثابت وأبعد عنا الهم والحزن والضنك والغضب والألم واجعلنا من عبادك المكرمين بالحكمة وسعة الصدر والقول الحسن واجعلنا من عبادك الذاكرين الشاكرين لنعمك اللهم آمين.

وأنا بدوري أشكر الأخ الفاضل على هذا الإحساس الكريم تجاهي وعلى نصائحه لمن له قلب وأكرر هنا قول المولى عز وجل: «إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور» (الحج: 38).

نسألك اللهم اللطف بنا.

إقرأ أيضا لـ "علي محمد جبر المسلم"

العدد 1779 - الجمعة 20 يوليو 2007م الموافق 05 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً