العدد 1786 - الجمعة 27 يوليو 2007م الموافق 12 رجب 1428هـ

تجاوب إيجابي ولكنه غير شجاع

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

عندما تحدثت في أحد المقالات السابقة عن كادر المعلمين ووصفته وقتها بأنه البندول الذي لا ينفع، وعن حركة المعلمين السلحفائية وموقف الوزارة من الكادر، وقلت ما قلته، كان له صدى كبيرا جدا وتفاعلا إيجابيا على الأرض ولكنني قد أصفه بأنه لا يزال غير شجاع، وأن الطبقة التي تغلف حركة المعلمين حتى لحظة كتابة المقالات لا تزال تمتاز بكونها هشة، كان حجم التفاعل إنني تلقيت عددا من التعليقات الالكترونية الملتهبة والمؤيدة للطرح والمقهورة على أوضاع المعلمين، وعلى حركتهم البطيئة في نيل المطالب والحقوق، جاءت غالبيتها بأسماء مستعارة والبعض الآخر بكنيات والأخرى بألقاب أو أسماء وهمية ولكم أن تزوروا موقع صحيفة «الوسط» الالكتروني وتتطلعوا على ما كتب من تعليقات بأنفسكم. كما تلقيت الكثير من الرسائل النصية على هاتفي الجوال، كما لم يفت البعض بأن يجرى بعض المكالمات الهاتفية بغرض المناقشة.

كل ذلك الحراك بحد ذاته جيد ومثير للغاية، وحقيقة دهشت كل الدهشة من مواقف بعض المعلمين، وجدت هناك حرقة وحرارة وأن هناك مواقف مبنية على أسس تحليلية راقية ولكنها تنقصها الشجاعة للبوح بها، وكل ما استخلصته هو الإحباط ثم الإحباط القاتل الذي جعل من شريحة المعلمين جثة هامدة والضرب في الميت حرام يا جماعة، عرفت حينها لماذا وصفت حركة المعلمين بالحركة السلحفائية لكون الإحباط أخذ مأخذه من فكر ومن صحة المعلم فلم يعد يقوى الحراك وكفاية عليه حركة سلحفائية تبقيه حيا وينتقل من مكان إلى آخر.

الموضوع يا جماعة مهم وحساس وخطير لا نحتاج إلى مجهر لرؤيته فهو يرى بالعين المجردة وبالمقابل لا نحتاج إلى غطاء للمداراة عليه، بل يحتاج إلى جرأة وشجاعة في الطرح من قبل المعلم الواقع بين المطرقة والسندان ومن الوزارة ولية الأمر وصاحبة القرار ولسان حال المعلم، ويحتاج إلى شجاعة في المعالجة، كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، ومن مسئولياتي أجد أن أثير الموضوع للمناقشة لا بغرض الإثارة، وانما من أجل إيجاد الحلول المناسبة.

لا أظن بأن الحل يتم بالتكتم أو الهروب من المشكلة القائمة، فكما هو معروف أن التشخيص نصف العلاج، وعلينا إتمام العلاج، ونتمنى أننا لا نحتاج على الدوام إلى جراحة وغرفة عمليات في كل مرة، وأيضا لا نحتاج في كل مرة نذهب فيها إلى الطبيب نجد الوصفة الطبية قد كتبت وملئت بالمسكنات للألم من دون السماع إلى المريض الشاكي من الوجع والألم فالدواء في حد ذاته ليس هدفا بقدر القضاء على المرض والألم، أحيانا تبرز هناك حاجة إلى إصدار وصفة طبية تتضمن مضادات حيوية لاستكمال العلاج وإن كانت غالية الثمن وغير متوافرة بنوعيات جيدة، كما أن طعم الدواء عادة ما يكون مرا وغير مستساغ ولكن نضطر حينها إلى تجرعه لأن هدفنا الصحة، والصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى، حتى السرطان والعياذ بالله إذا أصاب أحدا قد يضطر حينها المرء أن يتخلص من بعض أجزائه الحيوية، لا يسمى ذلك تنازلا ولكن من الممكن تسميته تضحية، المهم من خلال التشخيص الحالي أشعر بأن هناك حاجة ماسة إلى مبادرات إيجابية تتبناها وزارة التربية لصالح عصب العملية التعليمية وهو المعلم الذي يمثل أساس وعمود المشروعات والبرامج التربوية والمرسل الحقيقي الذي لا يمكن أن تكون هناك عملية تعليمية من دونه، حتى مع التحول الإلكتروني والاتجاه إلى مدارس المستقبل، لا يمكن التفريط بالعنصر البشري فإذا كان التلميذ يمثل محور العملية التعليمية وجوهرها ولا يمكن أن تتم أركان العملية التعليمية من دونه باعتباره المتلقي فإن المعلم يعد الأبرز أهمية لكونه المرسل للرسالة التعليمية وعليه أن يبقى سليماومعافى وليس معلول الجسم والفكر.

وأرى أنه مع كادر يكدر صفو المعلمين ولم يتغير سوء حالهم إلى حال أحسن يرجونه اللهم إلا من بضع دنانير معدودة أصبحت لا قيمة لها في زمن الغلاء المعيشي ومع الجمود الحاصل لاسيما أن الخطوات التالية للكادر غير مفعلة، ومع السكوت المطبق بات في حكم المؤكد أننا بحاجة إلى جرعات تنشيطية لإنعاش الحقل التربوي من جديد وليكن المعلم رمز العطاء قادرا على القيام بدوره ومسئولياته وهو راض ومرتاح نفسيا وإلا فإن مشروعات الوزارة على كف عفريت وأظن بأن أنسب ما يمكن فعله حاليا التجاوب مع مطالب المعلمين واعتماد زيادة رواتبهم بنسبة لا تقل عن 30 في المئة فليس بكثير أن يصرف لهم بعد أن أصبح راتب العامل في دول مجاورة لنا يعادل راتب المعلم في الدولة النفطية الرائدة في التعليم والتطور، فقليل من التفاتة وطنية تستحق أكبر قطاع وليكن دليلا بينا بأن الوزارة بقيادة ربان سفينتها ماجد بن علي النعيمي أبو المبادرات والإنجازات القادر على إعطاء المعلمين الحقوق التي لم تصر عليها حركة المعلمين كثيرا ولكنها تعد مطالب حقيقية ومشروعة، ولنتذكر له على الدوام مناصرته لقطاع وزارته. لا أزايد على حرصه ولا على إخلاصه ولا على كرمه وربما على حكمته ورؤيته، ولكن ربما أزايد على التفاته إلى قضايا دون أخرى لكون وزارته من أكبر الوزارات الخدمية وجهازه من أكبر الأجهزة وبدورنا نلفت عنايته ونترقب الخطوات الإيجابية الجريئة وليس ذلك بغريب عليه.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1786 - الجمعة 27 يوليو 2007م الموافق 12 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً