العدد 1808 - السبت 18 أغسطس 2007م الموافق 04 شعبان 1428هـ

العلاقات العربية - الأوروبية على مختلف المحاور

أيام في إشبيلية(4-4)

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

نستكمل الحديث الذي تناولناه على مدى ثلاثة مقالات بشأن المؤتمرالذي عكف على امتداد يومين كاملين على تفحص العلاقات العربية الأوروبية أو كما عرّفها المؤتمر العلاقات الأوروبية - المتوسطية - الخليجية، وللإحاطة بمختلف جوانب هذه العلاقات فقد نُظِّم المؤتمر بحيث تعقد ثلاث جلسات عامة للقضايا الشاملة، واجتماعات لمجموعات العمل المتخصصة السبع، وجلسة ختامية يتم فيها استعراض أعمال مجموعات العمل وقراءة توصيات المؤتمر...

ندوة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي

تحدث في هذه الندوة عن الجانب الفلسطيني ليلى شهيد، التي تناولت بشكل لاذع ازدواجية السياسة الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وتبعيتها أخيرا للسياسة الأميركية. وعلى رغم أن شهيد تنتمي إلى «فتح» وسفيرة لمنظمة التحرير الفلسطينية ثم السلطة الوطنية الفلسطينية لأكثر من عقدين فإنها دافعت عن حق الشعب الفلسطيني في اختيار برلمانه وحكومته ورئيسه والذي ترتب عليه ثنائية السلطة لـ «حماس» ومحمود عباس واستعرضت دور الاتحاد الأوروبي في إفشال حكومة «حماس» ثم حكومة الوحدة الوطنية.

أما ناعومي جازان، فقد استعرضت تجربة معسكر السلام وقوى السلام في «إسرائيل» وأكدت حلا يقوم على وجود دولتين متجاورتين ذواتي سيادة لكل منهما. ولكنها اعترفت أن معسكر السلام - على رغم هزيمة «إسرائيل» في الحرب الأخيرة ضد حزب الله ولبنان - هو في أضعف حالاته. ودعت بجرأة إلى فرض عقوبات على «إسرائيل» كما فعلت مع جنوب إفريقيا.

لقد كان هناك اتفاق من خلال النقاش. انه في ظل استمرار الصراع العربي - الإسرائيلي وسياسة الاحتلال والتوسع والعدوان الإسرائيلية المدعومة أميركيا والمتغاضى عنها أوروبيا فإن الشراكة الأوروبية - المتوسطية - الخليجية ستظل في حال قلقة، وخصوصا في ظل حال التذبذب الأوروبي تجاه الصراع وانه من دون حل شامل ودائم وعادل فلا يمكن أن تتطور هذه الشراكة.

التحديث الاجتماعي وإشكالاته

من ضمن ورش العمل الست، اخترت المشاركة في التحديث الاجتماعي والتي ترأسها الأكاديمي المغربي (عبدالسلام بودرار).

عرض مقرر ورشة «التحديث الاجتماعي» خلال مؤتمر باريس في سبتمبر/ أيلول 2006 ما توصلت إليه اللجنة من استنتاجات وضرورة البناء عليه في مداولات اللجنة الحالية.

1 - حكم القانون إذ إن ذلك يتطلب تحديث التشريعات ليس في البلدان العربية بل أيضا في البلدان الأوروبية المتوسطية، بما يتوافق مع معايير حقوق الإنسان وحقوق الشعوب العالمية، ولكن حكم القانون يتطلب أيضا قضاء مستقلا ونزيها وسلطة تشريعية ورقابية فعالة. وبالتالي فإن حكم القانون غير ممكن إلا في ظل نظام ديمقراطي يكون فيه الشعب مصدر السلطات وفي ظل ثقافة حقوقية متجذرة.

2 - يشكل إصدار قانون الأسرة ضرورة ملحّة لغالبية البلدان العربية إذ إن غياب هذا القانون والتشريعات المرتبطة سبب رئيسي لما تعانيه المرأة والأسرة من ظلم شديد ومصدر أساسي لانتهاكات حقوق الإنسان.

3 - لا يمكننا الحديث دائما عن قيم متطابقة ولكن هناك قيما إنسانية مشتركة وكلما تلاحقت وتفاعلت الثقافات وتعزز التبادل فإنه يمكن تعزيز القيم المشتركة، وفي هذا الصدد تفاعل في اتجاهين عدد من المشاركين في الحوار وأكدوا أنه لا يمكن الفصل بين التحديث الاجتماعي وعليه الإصلاح الديمقراطي الشامل في البلدان العربية، وهذا التحديث يجب أن يشمل الدولة والمجتمع. وبعد تداول عدد من الأفكار اتُّفِق على مناقشة القضايا الجوهرية في عملية التحديث الاجتماعي والمترابطة مع بعضها بعضها.

1 - هناك خلط بين التقاليد البالية وتعاليم الدين الإسلامي، فكثير ما يتم الاستناد إلى هذه التقاليد باعتبارها تعاليم دينية، فيما هي إفرازات بقايا المجتمع القديم ومن ذلك النظرة الدونية للمرأة وما يعرف بالقتل من أجل الشرف والتمييز بجميع أشكاله، والعصبية القبلية والطائفية أو غيرها، والذي يتوجب على رجال الدين المتنورين إجلاء هذه الحقائق، كما أن على الدولة ألا تنصاع لاعتبارات التقاليد البالية.

2 - المواطنة المتساوية: لايزال يُنظر إلى المواطن في الدولة العربية على أنه رعية، يتكرم عليه الحاكم أو الدولة ببعض الحقوق ويمنعها عنه متى يشاء، وهذا ما يولد شعورا بضآلة المواطن تجاه الحاكم الذي يُرفع إلى مرتبة الإله أو الإنسان الخارق.

كما أنه وفي كل دولة هناك درجات من المواطنة استنادا إلى معايير اعتباطية. إن ترسيخ فكرة المواطنة وحقوق المواطنة هي مركز الثقل في عملية التحديث الاجتماعي.

3 - إن عملية التحول الديمقراطي عملية معقدة ومترابطة وتتطلب تحولات عميقة في الثقافة العامة والقيم والمؤسسات والآليات دينية في الدولة والمجتمع والعائلة وهي عملية مستمرة من دون توقف. فحتى البلدان الأوروبية التي وصلت في نظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي إلى درجة متقدمة جدا من الديمقراطية فإنها تعمل على مراقبة وتطوير نظامها وتكتشف كل يوم عيوبا في هذا النظام أو قصورا في أدائه. ويمكن للدول الأوروبية أن تفيد بتجاربها في التحولات الديمقراطية الدول العربية.

4 - حكم القانون: من الملاحظ ترداد مقولة حكم القانون وأن لا أحد فوق القانون وخصوصا من قبل رجالات الدولة في الدول العربية. ولكن شرعية غالبية القوانين مشكوك فيها فالقانون يكيف للحق، فإذا ما أضحى القانون أداة لحرمان الإنسان أو المواطن من حقوقه الطبيعية، لم يعد شرعيا، وأداة لتكريس الظلم وليس تحقيق العدالة. كما انه يلاحظ أن تطبيق القانون في الدول العربية انتقائي، واعتباطي، فهو يطبق على المواطن العادي، ولكنه يستثني أصحاب النفوذ ورجالات الدولة.

وفي حين أن التشريعات ذات طابع وطني، فإن القانون الدولي بمختلف تفرعاته أضحى مصدرا أساسيا للقانون الوطني، وأضحى القانون الدولي معيارا أساسيا في صوغ التشريعات الوطنية، ومرجعية لمدى اقترابها من العدالة. تواجه البلدان العربية معضلات في مجال التشريعات. ومن أهم هذه المعضلات تراجع دور التشريعات المدنية لصالح تشريعات عرفية (قبلية أو غيرها) أو تشريعات الطوارئ أو تشريعات دينية تقليدية، وهنا أكد المشاركون ضرورة تعزيز التشريعات المدنية والمحاكم المدنية واستقلالية القضاء، كما أكدوا ضرورة تشريع قانون للأحوال المدنية يرفع العسف والتمييز عن المرأة ويصون الأسرة والمجتمع. وأدلى المقرر السابق (أمادو) بملاحظة جوهرية بشأن التمييز في تطبيق القانون من قبل «إسرائيل» التي تكرس التمييز ضد الفلسطينيين بمن فيهم مواطنو «إسرائيل»، وتكيف القوانين لتكريس احتلالها واضطهادها للفلسطينيين وعرب الجولان، واغتصاب أراضيهم ومواردهم لصالح أقلية من المستوطنين. عرضت إحدى الباحثات الاجتماعيات ورقة عن القتل من أجل الشرف في الأردن واليمن وفلسطين والصحراء الكبرى ومناطق القبائل الجبلية في المغرب، حيث اتسعت هذه الظاهرة بشكل خطير، وفي الوقت ذاته إن الدول في هذه البلدان متواطئة سواء في تشريع هذه الظاهرة أو تقبلها؛ لاسترضاء قطاعات في المجتمع على حساب مجموع المجتمع.

5 - الهوية: جرى نقاش معمق عن الهوية، والهوية قد تكون عنصرا لتوحيد الأمة إذا كانت عنصرا جامعا ولكنها يمكن أن تتحول إلى عنصر تناحر وخصوصا عندما يفتقد المواطن الهوية الوطنية المقبولة طوعيا، ويُدفع إلى اللجوء إلى الهوية القبلية والدينية أو المناطقية والإثنية ليحمي نفسه من جور الدولة أو طغيان المجتمع كما في حال الأقليات.

المحطة القادمة الإسكندرية

كما كان متفقا عليه، إن محطة الحوار القادمة في مكتبة الإسكندرية من الفترة 3 إلى 5 ديسمبر 2007، ولكنها لن تكون المحطة الأخيرة، إذ عرض الإيطاليون استضافة دورة متخصصة في التعليم في ميلانو ويمكن أن تعقد اجتماعات أخرى لقضايا أخرى.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 1808 - السبت 18 أغسطس 2007م الموافق 04 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً