العدد 1836 - السبت 15 سبتمبر 2007م الموافق 03 رمضان 1428هـ

يحتاج الإسلام لعصر من المنطق

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

لا يختلط الحب مع الدين دائما. لا عجب في أن أكثر الأسئلة شيوعا التي يتسلمها موقعي على الإنترنت هذه الأيام من شباب مسلمين في أمريكا وأوروبا، يائسين لمعرفة ما إذا كان باستطاعتهم التزوج من غير المسلمين.

يخبرهم آباؤهم وأئمتهم أن الإسلام يمنع التزوج من خارج الدين. ولكن هذا ليس صحيحا بالضرورة. فقد كتب الباحث خليل محمد وهو إمام أميركي تقدمي حصل على ثقافته من جامعات تقليدية في الشرق الأوسط، دفاعا واضحا عن الزواج عبر الأديان من منظور إسلامي. وقد قمت بنشر «مباركته» على موقعي الإلكتروني.

والآن تشكل هذه المباركة عبر الديانات مادة مرغوبة للتنزيل لدرجة أنني اضطررت لترجمتها إلى عدة لغات لمواجهة الطلب عليها. أهلا بكم في قضية ساخنة للقرن الحادي والعشرين، إذ يولد المزيد من المسلمين في الغرب أو يهاجرون إليه، ثم يتعرفون على أناس من أديان أخرى.

ما فعله هذا الإمام يذهب إلى ما وراء قضايا القلب. إنه يعكس سلطة استخدام العقل لإعادة تفسير القرآن الكريم لأيامنا المعاصرة. لقد أمسك بروح الاجتهاد، ذلك التقليد الإسلامي في التفسير المنطقي الإبداعي. فبينما تستمر العولمة وتنتشر التعددية، يحتاج كل من المسلمين وغير المسلمين لأن يدركوا أنّ الإسلام يوفر بديلا إيجابيا للعقلية القبلية.

للاجتهاد تاريخ من الإنجاز. في القرون المبكرة للإسلام ترعرعت 135 مدرسة في التفسير. في إسبانيا الإسلامية قام العلماء بتدريس تلامذتهم الابتعاد عن آراء «الخبراء» حول القرآن الكريم إذا كانت حواراتهم مع القرآن الحي الذي يتنفس تنتج إثباتات لأفكارهم المسالمة. وقد ضمت قرطبة إحدى المدن الأكثر تقدما وعلما ومعرفة في إسبانيا الإسلامية حوالي سبعين مكتبة. وهذا يضاهي عدد المكتبات العامّة في معظم المدن الكبرى اليوم.

بقيت «بوابات الاجتهاد» والحوار والنقاش والجدل والمعارضة بين القرنين الثامن والثاني عشر مشرعة على مصراعيها. تلك كذلك هي الفترة التي قادت فيها الحضارة الإسلامية العالم في النبوغ والإبداع. إذا احتجنا نحن المسلمين في يوم من الأيام أن نجدد التزامنا بالاجتهاد فقد حان ذلك الوقت الآن. اسمع هذا السؤال بشكل متواصل من الجيل الجديد: «هل هنالك من أسلوب للتوفيق بين عقيدتنا وحرية فكرنا؟».

نعم هناك طريقة. يضم القرآن الكريم عددا من الآيات التي تحثنا على التفكير تبلغ ثلاثة أضعاف الآيات التي تخبرنا بما هو ممنوع أو مقبول. من هذا المنطلق تعتبر إعادة تفسير، أو ما يعني إعادة التفكير بالآيات القرآنية، وليس إعادة كتابتها، مسؤولية إسلامية. وتصل مؤسسة النواوي في ولاية إيلينوي حد وصف ذلك على أنه «واجب ديني من الدرجة الأولى».

لذلك أطلقنا أنا وغيري من الشباب المسلمين مشروع الاجتهاد، وهو جهد لإحياء التفكير النقدي في الإسلام من خلال إطلاق جدل صادق عبر الإنترنت وبشكل شخصي. وكما تُظهر قصتي عن الإمام الأميركي يوجد المسلمون في الغرب في موقع مثالي لإعادة اكتشاف الاجتهاد. ففي دول مثل الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا نتمتع بحريات عالية للتفكير والتعبير والتحدي والتعرض لتحدي الآخرين حول قضايا التفسير. يا لها من هبة غالية.

ولكن حتى لو أطلق مشروع الاجتهاد من الغرب، فإنه لا يمكن أن يتوقف في الغرب. يجب أن يعلم البشر في أنحاء العالم الإسلامي كافة بالحق الذي أعطاهم إيّاه الله تعالى ليفكروا بأنفسهم.

في العالم الإسلامي، قد تبدأ عملية استئناف الاجتهاد مجددا بتحرير المواهب الإبداعية للنساء المسلمات من خلال قروض لأعمال متناهية الصغر. فالقرآن الكريم ينص على أن النساء يخضعن لسلطة الرجال فقط إذا كان الرجال ينفقون الأموال على رعاية النساء. لذا إذا كانت المرأة تحصل على موجوداتها بنفسها كما فعلت زوجة الرسول (ص) الأولى المحبوبة خديجة، فإنها تستطيع اتخاذ قراراتها بنفسها.

هل يبدو ذلك وهما؟ اذن فكر بالمثال التالي. أخبرني صحافي عن مقابلة أجراها مع امرأة في كابول، أخذت قرضا صغيرا جدا من منظمة غير حكومية. بدأت صناعة صغيرة للشموع وأصبحت من خلال دخلها تعرف القراءة والكتابة. للمرة الأولى في حياتها تمكنت تلك المرأة من قراءة القرآن الكريم وحدها بدلا من الاعتماد على الأئمة المحليين لاختيار السور التي تريدها. تعلمت أنّ القرآن الكريم يعطي جميع النساء الحق برفض الزواج. وإذا اختارت المرأة الزواج فإنّ القرآن ينصحها بكتابة عقد يحميها ويحفظ حقوقها كمخلوقات متساوية أمام الله.

قامت بتلاوة تلك السور أمام زوجها الذي كان يسيء معاملتها لسنوات طويلة. منذ ذلك الوقت لم يقم حتى بلمسها دون رغبتها. هل من المحتمل أن ما حددته الأمم المتحدة كنواقص رئيسية في العالم العربي المسلم - كالنواقص في المعرفة والحرية وتمكين المرأة - قد تستفيد جميعها من إعادة اكتشاف الاجتهاد؟ الاحتمال يطالب باهتمامنا.

تعمل أصوات الآخرين الذين يشجعون المسلمين على التغيير على تشجيع الاجتهاد. خذ بالاعتبار كلمات الباحث تاج هرجي رئيس المركز الثقافي الإسلامي في أكسفورد بالمملكة المتحدة. أثناء الخلاف الذي جرى مؤخرا حول ما إذا كان يتوجب على المرأة المسلمة في بريطانيا أن تتحجب، كتب الباحث تاج: «مقارنة بالقبول الأعمى للمعايير الثقافية وأسلوب اللباس للقبائل العربية في القرن السابع والتي لا توجد لها موافقة دينية أبدية (حيث لا يتوجب على المؤمن إلا أن يكون متواضعا) يتوجّب على المسلمين في العصر الحديث إعادة إحياء مبدأ الاجتهاد الإسلامي لتفسير العقيدة لأنفسهم».

يقوم المسلمون الشباب في أميركا وأوروبا بعمل ذلك بالضبط من خلال توزيع مباركة الزواج عبر الديانات عبر منظماتهم الرسمية وشبكاتهم غير الرسمية. نتمنى لهم جميعا حفلات زواج سعيدة.

* الزميلة الرئيسة في المؤسسة الأوروبية للديمقراطية هي مؤلفة كتاب «النيويورك تايمز » الأكثر مبيعا «مشكلة الإسلام اليوم»، ومعدة البرنامج الوثائقي على الخدمة الإذاعية العامة «الإيمان دون خوف»، وكذلك مؤسسة مشروع الاجتهاد وهو شبكة عالمية من المسلمين ذوي التفكير الإصلاحي، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1836 - السبت 15 سبتمبر 2007م الموافق 03 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً