العدد 1840 - الأربعاء 19 سبتمبر 2007م الموافق 07 رمضان 1428هـ

ولاية الفقيه و «الدولة»

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في العام 1979 انتقلت نظرية «ولاية الفقيه» من كتب الحوزة الدينية الى الواقع السياسي الايراني، وعلى نهجها تأسست الجمهورية الاسلامية الايرانية... والاسم الثلاثي الأخير يوضح حدود وآفاق النظرية عندما نفذت في الواقع. فلدينا نظام «جمهوري» على النمط الغربي برئيس منتخب وبرلمان منتخب، ولكن هذا النظام «اسلامي» على المذهب الشيعي الاثني عشري وبحسب وجهات النظر الفقهية المتعلقة بولاية الفقيه، والنظام أيضا «ايراني»، بمعنى انه مؤطر بالسيادة القومية الايرانية بحسب التعريف الحرفي للسيادة وهو التعريف المطروح في الأمم المتحدة.

التأطير الثلاثي (الجمهوري- الاسلامي- الايراني) يعني ان ولاية الفقيه لديها افق محدود لايتعدى الحدود الجغرافية الايرانية، وإن تعداه فإنه يعتبر إخلالا بالنظم المعمول بها والمعترف بها في عالم اليوم. وايران وقعت اتفاقات ملزمة، وصرحت انها تلتزم بكل اصول السياسة الدولية، وحتى سياستها في لبنان والعراق له علاقة مباشرة بالحسابات الاقليمية والدولية لحماية السيادة الايرانية من احتمال الاعتداء عليها أميركيا أو اسرائيليا.

ولاية الفقيه «مطلقة» داخل ايران، فهي «دولة قومية ذات سيادة ضمن حدودها الجغرافية»، وهذه الدولة هي مجموعة من المؤسسات الكبرى، من بينها الحكومة والبرلمان والقضاء والجيش والحرس الثوري والمخابرات والبسيج، ولكنها ليست مطلقة خارج ايران.

خرجت ولاية الفقيه من الحوزة الدينية (النجف وقم) وانتقلت إلى الحكم في عاصمة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، طهران، وأصبحت قراراتها نافذة، بحكم توافر المؤسسات التي تنفذ القرارات، داخل حدود وسيادة الدولة الإيرانية.

وعندما خرجت النظرية من قم إلى طهران أصبحت محكومة بالنظم السياسية المعمول بها في عالم اليوم... فالدولة هي الدولة في أي مكان وأي زمان كان، وهي تدافع عن حدودها الجغرافية وعن سيادتها، وهي تستخدم كل ما هو متوافر لديها من أجل حماية مصالحها ومصالح الشعب الذي تحكمه.

وعليه فإن القرارات الصادرة من ولاية الفقيه (في طهران) تخضع لاعتبارات السياسة بكل حذافيرها، وأي حديث عن «عالمية» الولاية، بمعنى عبورها حدود الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى بلدان أخرى، يعتبر في لغة السياسة المعاصرة «تدخلا غير مشروع» في شئون الآخرين. كما ان أية محاولة لمجموعات خارج ايران للارتباط بقرارات صادرة من دائرة الحكم في طهران (ولاية الفقيه) تعتبر في لغة عصرنا «خيانة عظمى» للوطن، وهذا أمر مرفوض ولايمكن ان تقبل به أية حركة سياسية تعمل لصالح بلادها. وهذا يعني ان أي تعاون بين النظام ومؤسسات أخرى خارج حدود إيران يجب أن يمر عبر القنوات الرسمية للبلد الآخر. بمعنى آخر فإن ولاية الفقيه لم تعد مطلقة في عصرنا وإنما هي محدودة بحدود جغرافية تابعة لدولة قومية، وأية محاولة لتجاوز هذه الحدود لها عواقب كارثية .

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1840 - الأربعاء 19 سبتمبر 2007م الموافق 07 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً