يرن الهاتف طويلا... ويرن، من دون إجابة، ثم يصدر صوت تحويل المكالمة على هاتف آخر، ليرد عليه شخص غير الذي كان من المفترض أن يرد، إنه مكتبه الخاص، من اختصاصاته أن يسجل الرقم والمشكلة التي اتصلت من أجلها، ليعاود الاتصال بك مرة أخرى. ولكن لو عاودت الاتصال، ولو ألقيت بما يثقل قلبك من مشكلات، فلن تتوقع حلا عاجلا واستجابة سريعة، وليس بمستبعد أن تنضم إلى المئات من أهالي دائرتك الآخرين الذين لا يتصلون بالنائب الممثل لهم في المجلس الوطني، والذي منحوه أصواتهم يوما، ثم فقدوا الإيمان به وبما يمكن أن يفعله مجلسه، حتى جهل بعضهم رقم هاتفه، بل حتى اسمه.
تبدو العلاقة بين الناخبين ونواب مناطقهم علاقة إشكالية، فمن جهة نسمع الكثير من الشكوى من إهمال بعض النواب مكالمات المواطنين، وعدم ردهم عليها، ومن جهة أخرى نجد شكوى كثير من النواب من كثرة المكالمات التي تردهم من المواطنين وسط يومهم المزحوم بالاجتماعات، وابتعادها في كثير من الأحيان عن تخصص النائب البرلماني لقربها من اختصاصات عضو المجلس البلدي. ناهيك عن يأس الغالبية العظمى من المواطنين من حصولهم على حل عاجل للمشكلات التي يعانون منها، ما يدفع غالبيتهم إلى مقاطعة الاتصال بنوابهم لإيمانهم «بعدم جدوى ما يقومون به».
للمواطن حسن أحمد علي من منطقة الديه قصة لايزال حزينا لأجلها، إذ يقول «أنا شاب مقبل على الزواج، ولذلك فكرت في بناء منزل والدي الآيل للسقوط منذ فترة طويلة، نصحوني باللجوء إلى نائب منطقتي الذي استمع إلى مشكلتي وأعطاني من الوعود الكثير، لكن ستة أشهر مرت على ذلك الكلام الجميل وتلك الوعود، ولم أر شيئا بعد، ومازلت أنتظر كغيري الذين ملوا الانتظار».
أما المواطن سلمان أحمد من منطقة كرانة فبدا أكثر يأسا، إذ قام بالاتصال بنائب منطقته ليساعده في مشكلة تعرض لها بخصوص أرض عامة في المنطقة يحاول أن «يخلصها» منذ فترة طويلة، استجاب نائب المنطقة له أيضا وعاين مشكلته، غير أنه فشل في إيجاد حل حقيقي لها، ومازال موضوعه معلقا.
أما سيدمصطفى عباس من منطقة سترة، فيتحدث من ناحيته بحماس قائلا «عانينا طويلا من مشكلة انقطاعات الكهرباء في منطقتنا، اتصلنا بنائب المنطقة الذي استجاب لنا وجاء معنا ليعاين بنفسه معاناة الأسر، بدأ النائب يتجاوب معنا في البداية ثم خفت فاعليته كثيرا حتى فقدنا الأمل فيه، واستمرت انقطاعات الكهرباء من دون حل».
أم حسين التي تقطن المحرق عانت هي وعائلتها الأمرين في التعامل مع نائب منطقتها، تقول أم حسين: «الكل يشتكي من نائب منطقتنا الذي لا يستجيب لأي كان، أحد أقربائي الذين يقطنون بالقرب من منزلي اتصل به لمعاينة منزله الآيل للسقوط، غير أنه لم يتابع الموضوع، ففقدنا الأمل فيه. أما زوجي فلم يفكر للحظة أن يلجأ إليه لحل المشكلة التي نعاني منها والمرتبكة بموضوع الإسكان، بل إنه اضطر للالتجاء إلى نائب دائرة أخرى قريبة لأن نائبها أكثر فاعلية. نشعر في المنطقة أن نائبنا لا يركز إلا على مشكلات منطقته الخاصة (الحالة) فيما يهمل بشكل واضح باقي المشكلات في باقي مناطق الدائرة في المحرق».
ولا يختلف رأي أم حمد التي تقطن مدينة حمد كثيرا عن أم حسين، بل إن أم حمد لا تعرف أصلا من هو نائب منطقتها، ولم تفكر يوما لا هي ولا أحد أفراد أسرتها في الالتجاء إليه بخصوص أي مشكلة، وتقول «ليس لدينا ثقة في النواب، فنحن نعرف أن هذا المجلس منقوص الصلاحيات، ولو أردنا أن نحل مشكلاتنا فسنحلها بأنفسنا وسنرفع أصواتنا».
ووصلت إلى نجيب المخرق الذي يقطن المنامة الكثير من المؤاخذات على نائب منطقتهم، إذ سمع كثيرا أنه لا يرد على المكالمات التي ترد إليه، غير أنه لم يحاول شخصيا أن يتصل به، وعوضا عن ذلك يزوره أحيانا في مكتبه في المنطقة ليناقش معه بعض الأمور التي ترد بشأن أدائه في البرلمان، ويجد منه استجابة حقيقية في النقاش، ولكن «الإنجاز لا يعدو حدود القول»، على حد تعبير المخرق.
العدد 1843 - السبت 22 سبتمبر 2007م الموافق 10 رمضان 1428هـ