العدد 1863 - الجمعة 12 أكتوبر 2007م الموافق 30 رمضان 1428هـ

فرحة العيد بين أحلام الصغار وأحاديث الكبار

«عيد بأي حال جئت يا عيد»

مقولة تصر على تقديم نفسها منذ عصر شاعرها العباسي حتى يومنا هذا. فبعد شهر من الصيام والعادات والتقاليد يأتي يوم واحد يحفل بالكثير من العادات الخاصة أيضا ويختص بطقوس تبدأ قبله بعدة أيام. يأتي العيد ليعيد الحياة إلى طبيعتها وإلى ما كانت عليه قبل شهر رمضان، مضيفا إليها ما تم تحقيقه من فوائد طوال شهر كامل.

تبدأ الاستعدادات للعيد مع بداية العشر الأواخر من رمضان بشراء الملابس الجديدة والتجهيز لها ويحتل الأطفال المساحة الأكبر من عملية الشراء فلا فرحة للعيد من دون ملابس جديدة للأطفال الذين يتفاخرون بشرائها أمام أقرانهم، وتكتمل فرحتهم يوم العيد عند لبسها، إذ لا يختلف والدان في أنه ليس هناك ما يدخل السعادة على قلبيهما مثل رؤية طفل ونظرات الفرحة تكاد تقفز من عينيه مثل الزغرودة، والتباهي بملابسه الجديدة تارة، ثم وهو يتلقى «عيديته» ويحسبها تارة أخرى.

يقول أحمد العرادي إن فرحته في العيد لا تكتمل إلا بفرحة الأطفال بملابس الجديدة، ويصف فرحته بأنها «لا توصف» فـ «أمام ابتسامتهم يمكن اختصار الكون بكامله بل إن العيد هو عيد الأطفال في الحقيقة». أما عن استعداه فيقول إنه يبدأ توفير المال المخصص لشراء مستلزمات العيد من ملابس والأهم توفير «خردة» العيدية التي ستوزع منذ الصباح الباكر، بعدها يبدأ العيد بما يخص الكبار من الصلاة والتزاور بين الأهل والأصدقاء. تعامل أحمد مع العيد يشاركه الكثيرون فيه فالعيد عيدان عيد الصغار وما يحمل من بهجة ومرح وسعادة وعيد الكبار بما يحمل من قيم ومبادئ وطقوس عبادية واجتماعية.

طقوس العيد من وجهة نظر دينية هي طقوس اجتماعية تتكون من الكثير من العناصر منها الصلاة الجماعة والدعوة إليها بمكبرات الصوت إذ يجتمع أهالي المنطقة صغارا وكبارا والعنصر الثاني هو الزيارات بين الأهل والأصدقاء التي هي استكمال لما كان عليه شهر رمضان؛ ما يجعل من العيد تظاهرة اجتماعية يشارك فيها الجميع في كل البلاد. إلا أن هذا لا يمنع اختلاف البلاد الإسلامية فيما بينها في الاحتفال بالعيد.

أما العنصر الثالث فهو المخصص للبر والإحسان وتوزيع صدقات على الفقراء والمحتاجين، أما مظاهر الاحتفال بالعيد فهي متروكة للزمان والمكان. فالعيد في زمن الأجداد يختلف في مظاهره عن العيد في زمن الأبناء، فمهدي السويف من السعودية يرى أن العيد هذه الأيام «اختلفت مظاهره وطريقة إظهاره ففي السابق كان العيد يحفل بمظاهر الفرح والسعادة وتبادل التهاني فقط أي أنهم يخلقون أحاديثهم الخاصة، أما اليوم فإن الأحاديث تدور كما تريد وسائل الإعلام فالأحاديث هي أحاديث التلفزيون والصحف الصادرة في اليوم نفسه».

وإذا كانت العقلية السائدة في الأحياء الشعبية مازالت هي إدخال الفرحة في قلوب الصغار بالممكن، غير مبالين، أو ربما لم يسمعوا، بالماركات العالمية، انطلاقا من قناعتهم أن المهم أن تكون الملابس جديدة وتدخل السعادة في قلوب الصغار، فإنها في أوساط أخرى تخضع لإملاءات الموضة العالمية، ولا تتنازل عن كونها بأسماء مصممين يفضلهم الآباء والأمهات ويلبسون لهم.

اختلاف مظاهر العيد مسألة تكاد تكون مزية من مزيا العيد، إذ كما يتحسر السويف فإن صاحبه أبوقاسم يؤكد هذا الاختلاف بين عيد الصغار الفرح والمرح وعيد الكبار الذي بات مخلوطا بالسياسة، ويضيف أن «مرد هذا الاختلاف هو اختلاف العصر والحياة نفسها»، ولكنه يؤكد وجود مظاهر قديمة وعادات لا يمكن الاستغناء عنها وخصوصا ما يتعلق بفرحة الأطفال وتزاور الكبار.

وسواء اختلف العيد في أحاديثه أو مظاهره فسيبقى عيدا يرتقبه الناس كل عام بشوق حتى لو تعكر بأحاديث السياسة التي ما من شك في أن ابتسامة الأطفال ومرحهم وفرحهم ورقصهم تنسي هموم الكبار لبرهة من الوقت.

العدد 1863 - الجمعة 12 أكتوبر 2007م الموافق 30 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً