العدد 1863 - الجمعة 12 أكتوبر 2007م الموافق 30 رمضان 1428هـ

سفينة الدراما بلا ربان

أحد أكثر المشاهد التي علقت في ذاكرتي من العام الماضي، هو مشهد من مسلسل محلي عرض في شهر رمضان، تجسد فيه حنان الجد وقد اشترى سريرا لحفيده الأول من ابنته الوحيدة المدللة و(غير المتزوجة)، في حين كانت الجدة تنافس الجد في الحنان وتعد لابنتها شرابا ساخنا يعينها لتستكمل دراستها، وقد اقترب موعد وضع المولود على ما يبدو.

هذا المشهد أثار من الاستغراب في نفسي والاشمئزاز مالا يمكن وصفه، لأنه يتناقض مع واقع المجتمع منذ زمن وأد البنات قبل الإسلام خوفا من العار وحفاظا على الشرف، والأهم ما جاء به ديننا الكامل الصحيح في قوله تعالى: «الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين» ( النور:2).

تمنيت كفتاة مسلمة وفرد من المجتمع البحريني أولا، وكفرد من جمهور المتابع للدراما ثانيا، أن تكون المادة الدرامية التي ستقدم هذا العام أكثر واقعية ورقيا، وأن تليق بمستوى الجمهور، إلا أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن.

إن ملامح الانحلال الأخلاقي تجسدت في غالبية الأعمال الدرامية المحلية، والتي لا يمكن الشك في أنها تروج لجملة من السلوكيات المحرمة المخلة بالآداب العامة كالعلاقات المشبوهة وشرب المسكرات والدعارة، ويتخلل ذلك غياب للاحتشام تنافست فيه الوجوه الشابة الجديدة وتلك المخضرمة التي يبدو أنها تجاري التيار الذي يتلاعب بالسفينة الدرامية التي لم يراع ربانها حرمة الشهر الكريم.

كما أن تصوير المجتمع البحريني بهذه الصورة هو جريمة بحق الوطن، فالمجتمع على رغم التغيرات التي طرأت عليه، لايزال متمسكا بالتقاليد والقيم، التي يمكن قياسها في أي من المجتمعات المصغرة داخل المجتمع البحريني، فوجود فتاة بحرينية في شقة نذرتها للدعارة، بلا والدين ولا عم أو خالة أو قريب أو جار يخاف الله عز وجل كأضعف الإيمان أمر غير وارد في مجتمعنا، وإن كان فهو حالة نادرة لا تستحق العرض، لما للترابط الأسري من فعالية في مملكة البحرين المحدودة المساحة، ولما لصلة الرحم من أهمية الأثر في ديننا العظيم.

إن التجربة الدرامية وانعكاساتها على سلوك المجتمع لم تؤخذ في الاعتبار، وذلك على رغم تفاقم بعض الظواهر في المجتمع بعد عرضها من خلال الدراما في الأعوام الماضية، كالعنف الأسري والبويات وغيرهما.

ولكن على رغم أن طرح المشكلات التي يعاني منها مجتمعنا هو أمر في غاية الأهمية، ويحقق أهدافا في غاية السمو للدراما من خلال رسم الواقع، إلا أسلوب الطرح ونموذجه من جهة، والتقنيات المتبعة أو المقترحة للمعالجة من جهة أخرى هما بمثابة سلاح ذو حدين، قد ينقذ السفينة وينجو بالركاب من الجمهور، إن لامس واقعهم وعالج مشكلاتهم.

وقد يتسبب ثقب في السفينة، بتغلغل الماء لها، وبالتالي غرق العاملين في الدراما والجمهور معا، إذا ما تم توظيفها بشكل صحيح.

سارة نجيب حسن

طالبة في جامعة البحرين / قسم الإعلام

العدد 1863 - الجمعة 12 أكتوبر 2007م الموافق 30 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً