أينما تولي وجهك في أرجاء المعمورة سترى أنواعا وأشكالا للهموم تزداد هنا وتزداد أكثر هناك، إلا أنه من المفترض ألا تكون أكثر من المعقول على الأقل إذا ما قُورنت بالدول التعيسة من غير ذكر أسماء. لن تستغرب لأنه صار من المُسلمّات عندما تسير أنت/أنا في أي مكان بأن تسمع حجم التذمر من أي شيء وكل شيء وعلى قولة الوالدة «حتى من الهواء إللي يهب» وليست السياسة فقط، فقد وصل بالبحريني القديم منهم والجديد بأن يتشاركوا في الفضفضة وطرح ما عندهم من هموم مشتركة وغير مشتركة. حيث لم يتميز البحريني حتى في مشكلاته، وباختصار ان التجنيس لم يطل فقط الهوية وسوء أو تدهور الخدمات من صحة وتعليم بل أثر حتى على خصوصية وتميز مشكلاتنا ... تصوروا. لم يتصور صديقي الخليجي الزائر لأول مرة ذات يوم وهو يرافقني الى أحد المطاعم العادية في البلد (وليس هذا بخلا مني بل طلبا منه، فقد ملّ المطاعم الكشخة).. بأن يرى البحريني يخدمه في المطعم وقبلها في الفندق وبعدها في محطة الوقود وعندما دخل البرادة وعلى سكلات البنايات وعلى أرصفة الشوارع حاملا مكنسته ينظف... حاولت بكل ما أوتيت من حصافة في الحديث وقوة حجة وبرهان، مستخدما ما أحفظ من الآيات تارة والأحاديث تارة أخرى، وألجأ أحيانا لنماذج من سير الأنبياء والأئمة، بل وحتى التصريحات الرسمية من الوزراء لم تفارق مقاطع حديثي... إلا أنني وبحسب تعبيره لم أستطع إقناعه! كانت ردود الفعل هي الفيصل وهي الدليل عن عدم الرضا، فقد صار الناس يشكون حالهم وأوضاعهم لأي أحد يصادفهم على سبيل الفضفضة لا أكثر، بل أعرف أناسا كثيرين (وأنا منهم) نفضفض مع روحنا في السيارة، وهذا دليل على انعدام ثقة في الناس المحيطين بك، إلى درجة أنك تجلس مع الناس لا تريد حلا، ولكن تكتفي بأن تطلّع القهر إللي في جبدك لا يصيدك ضغط أو سكري أو حتى القلب! ويقول أحدهم والعهدة على الراوي ان هذه الحالة هي الطريق الصحيح في الوصول الى الجنون، وما هذه الحالة إلا نتاج يأس من أن يعرضوا (أنا وأنت) مشاكلهم على المسئولين والمختصين كي يروا لهم حلا.
فهل يا ترى سنظل على هذه الحالة طويلا!!!
العدد 1870 - الجمعة 19 أكتوبر 2007م الموافق 07 شوال 1428هـ