العدد 1880 - الإثنين 29 أكتوبر 2007م الموافق 17 شوال 1428هـ

أدونيس يناقش واقع الترجمة... وشعبان يدعو إلى إصلاح عربي

مقتطفات من جلسات مؤتمر المعرفة الأول بدبي

ناقشت جلسة واقع التعريب والترجمة من فعاليات اليوم الأول من مؤتمر المعرفة الأول الذي تنظمه مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم بحضور نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، التراجع الواضح في حركة الترجمة من اللغة العربية وإليها في عصرنا الراهن، بعد أن كانت الإنجازات العلمية والفكرية للحضارة العربية الإسلامية توصف بأنها قامت على الترجمة من الحضارات الأخرى وأنها كانت الوسيط بين تلك الحضارات في عصرها الذهبي.

وتحدث في الجلسة الشاعر والمفكر العربي المعروف أدونيس، ومدير عام المنظمة العربية للترجمة في بيروت الطاهر لبيب حيث قدم كل منهما ورقة عمل أوجز من خلالها أفكاره واقتراحاته بخصوص واقع الترجمة والتعريب وآفاقهما المستقبلية.

بدأ الشاعر أدونيس ورقته بالتساؤل: لماذا نترجم؟ ماذا نترجم؟ كيف نترجم؟ مؤكدا انّ ثقافة تكتفي بذاتها وتعزف عن الترجمة يصحّ أن توصف بأنها شبه ميّتة. وقال: «سيكون ذلك، في الحالة العربية، مدعاة للاستغراب. فكيف يستجلب العرب جميع الوسائل التي ابتكرتها تقنية الآخر ولا يخططون أو يعملون على ترجمة الأعمال الفلسفية والعلمية والأدبية التي كانت وراء تلك التقنية.

وشدد أدونيس في ورقته على أهمية المحتوى في الترجمة وقال إن سؤال «ماذا نترجم؟» يفترض وجود رؤيةٍ وتخطيطٍ وراء الترجمة. وإنّ الترجمة في هذا السياق حاجة ثقافية وحضارية، وإنّها أوسع وأكثر تعقيدا من أن تُترَك لأهواء الفرد.

وقال متابعا: «إن الأفق الذي ينبغي أن تسير فيه ترجمة الأعمال العربية إلى اللغات الأخرى هو الأفق الذي يضيف إلى آفاق هذه اللغات أشياءَ مختلفة تزيدها معرفة بالإبداع العربي، وتزيدها غنى في تكوّنها الثقافي».

وأضاف «أما الأفق الذي تسير فيه ترجمة الأعمال الأجنبية إلى اللغة العربية فهو كذلك الأفق الذي يضيف إلى هذه اللغة ما لا تعرفه، وما يغنيها فنيّا، ولُغويا، علميا وإنسانيا. فلا يقتصر تأثير الترجمة على الفكر وحده، أو الثقافة وحدها، وإنما يشمل اللغة كذلك».

وفي صدد إجابته عن سؤال: كيف نترجم؟ يشير ادونيس إلى أهمية النظر في مستوى اللغة الناقلة، وان تكون اللغة التي تتم الترجمة إليها، اللغة - الأم للمترجم، فاللغة ـ الأمّ هي وحدها، التي تعرف كيف تستقبل. ليخلص إلى القول إنّ لغة الإرسال لا تحيا حقّا إلا في لغة استقبال عالية. ولن تكون لغة الإرسال إلاّ جثة في لغة استقبال لا يتقنها صاحبها إتقانا متفرّدا. من جهته، أشار لبيب إلى أن الطموح الحقيقي إلى الترجمة في بناء مجتمع للمعرفة، وفي أن تكون فاعلة في تنمية المجتمع والإنسان، لا يستقيم إلا بإدراجها في استراتيجية تَعتَبر، في حدها الأدنى، ثالوثَ اللغة والتعريب والترجمة: ثلاث مسائل مترابطة، لا ينفصل بعضها عن بعض، ويفضي بعضها إلى بعض.

وأكد لبيب في ورقة عمله المقدمة إلى المؤتمر، ضرورة وجود رؤية استراتيجية للترجمة، يجعل منها عملا تنمويا، بعيد المدى ويستبعد - تماما - أي تواطؤ مع رداءة الترجمة السائدة اليوم عربيا، لافتا إلى أن أي مشروع عربي جدي للترجمة عليه أن يحدث قطيعة واضحة مع هذه الترجمة السائدة التي تشوه غالبيتها المعرفة، وبالتالي تساهم في تخلفها، عوضا عن تطويرها.

إلى ذلك، شهدت «جلسة التنوع الثقافي في المجتمعات العربية مصدر غنى... لا فتيل أزمات» جدلا ساخنا واشتباكا من جانب المشاركين وتعمد معظمهم عدم القراءة من الورقة التي أعدوها والتي تم توزيعها على الصحافيين.

وقال رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عبدالمنعم السعيد إن «التنوع ربما يكون ميزة في الدول التي نجحت في التغلب على مشكلاته»، مشيرا إلى أن الواقع العربي الحالي لا يحتاج الى شرح فكثير من البلدان تشهد حالا من العنف الشديد مثل العراق حتى تلك التي لا يوجد فيها عنف تشهد توترا شديدا وعلاقة صعبة بين الغالبية والأقلية.

وأشار السعيد إلى أن المدارس الفكرية الثلاث التي تعاملت مع مسألة التنوع الثقافي قد قللت منها وفي مقدمتها المدرسة القومية التي قامت بتغليب فكرة الدولة القومية؛ ما أدى الى حدوث تراكمات تاريخية وعدم اعتراف بالمشكلة وكذلك فعلت المدرسة اليسارية الاشتراكية التي رأت انها مسألة فقر في الأساس فالعامل الشيعي الفقير من وجهة نظرها سيكون أقرب للعامل السني الفقير منه إلى الشيعي الغني.

أما المدرسة الإسلامية فتوقعت أن يوثق الرابط الاسلامي العلاقة بين الجميع بمختلف إثنياتهم والمقصود بهذه المدرسة الجانب السني خصوصا.

وأوضح السعيد أن المدرسة الليبرالية هي التي نجحت بمفردها في العالم اجمع في تقديم الحلول وقد استمدت بعض افكارها من الاسلام والمواطنة، لافتا الى أن الديمقراطية فقط هي التي قدمت نظاما سياسيا يقبل التوازن وأن لا وجود لوصفة جاهزة لحل مشكلة التنوع العرقي والثقافي في الدول العربية ولكن هناك شروطا اهمها عدم الانكار بمعنى اقرار الجميع أن هناك مشكلة وتوترا بين الأقليات مثلما يحدث فى مصر، كذا الاعتراف بالتنوع، مشيرا الى أن النظم المصرية على اختلاف اتجاهاتها تسقط 700 سنة من التاريخ المسيحي في مصر, ويضاف الى الشروط المساواة أمام القانون والنمو الاجتماعي والاقتصادي؛ لأن الكعكة الضئيلة تؤدي الى التشابك والصراع كما أن الدول التي تعيش في سلام مع جيرانها تكون أكثر قدرة على التعامل مع مسألة التنوع.

وعقّب رئيس لجنة الشئون الخارجية في مجلس الشعب المصري ورئيس الجامعة البريطانية مصطفى الفقي قائلا: «عشنا في مصر عقودا طويلة ننكر المسألة القبطية وعندما بدأنا نتعامل معها تحسنت المشكلة على رغم بعض حوادث الفتنة العابرة»، لافتا الى ان الاعتراف بها كان أحد ملامح تجاوز فكرة التابو أو المحرمات التي لا تجوز مناقشتها.

وقال أمين منظمة العدالة الدولية وحقوق الانسان والمفكر والباحث العراقي المتخصص في القانون الدولي عبدالحسين شعبان: «كل ما حولنا يثير التشاؤم فالعالم العربي منقسم على نفسه وتسوده الصراعات والتوترات وخطوة في طريق التقدم تلك التى اشار اليها نائب رئيس الدولة رئيس الوزراء الشيخ محمد بن راشد بقوله: قوة المعرفة».

وأضاف شعبان أن التحقير من شأن الأقليات قد أدى الى حدوث الصراعات وعرقلة الاصلاح والديمقراطية، لافتا الى ان هناك اصرارا على انكار المشكلة وهذا كان ثمنه فادحا وخصوصا في الدول ذات الطبيعة الاستبدادية التي تحاول فرض نفوذها على مسألة التنوع.

العدد 1880 - الإثنين 29 أكتوبر 2007م الموافق 17 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً