العدد 1910 - الأربعاء 28 نوفمبر 2007م الموافق 18 ذي القعدة 1428هـ

ديفيد هولت ... اكتئاب - شلل - وانتصار موسيقي

النسخة «الولادية» لشيرلي تيمبل

ولد ديفيد جاك هولت (الشهير بديفيد هولت) في 14 أغسطس/ آب 1927 وتوفي في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2003. هو ممثل أميركي تم إعداده خصيصا ليكون الممثل النظير لشيرلي تمبل، أو المنافس لها.

ولد هولت في منطقة جاك سونفيل بفلوريدا. بعد أربعة أعوام من ولادته ولدت شقيقته بيتي، التي أصبحت هي الأخرى ممثلة، كذلك ظهر شقيقه الأصغر في فيلم العام 1939 ذهب مع الريح

( Gone with the Wind) .

عند سن مبكرة، لفت هولت ببراعته في الرقص انتباه الممثل الشهير والبارع ويل روجرز، بحيث ينقل أن روجرز طلب من والدة هولت أن تتصل به في أي وقت تزور فيه هوليوود ليضمن دخول الصغير ديفيد إلى عالم الأفلام.

بناء على ذلك، سارع والد هولت لترك وظيفته مع شركة فورد للسيارات، قاصدا هوليوود مع عائلته، ملاحقا روجرز على أمل أن يفي الأخير بوعده. وصلت العائلة إلى كاليفورنيا. وعلى رغم بذلهم قصارى جهدهم، فقد رفض روجرز حتى أن يقابلهم.

بسبب قلة مدخوله، عمل والد هولت عاملا عاديا، أما الأم فقد أخذت هولت إلى عدد من تجارب الأداء، في بعض الأحيان مشاركين شيرلي تيمبل ووالدتها المواصلات العامة.

في البداية وجد هولت صعوبة في الحصول على فرصة للعمل في السينما، لكنه أخيرا ومع بلوغه السادسة من عمره، حصل على أول أدواره، لكنه كان ممثلا بديلا شارك قرد الشمبانزي الشهير شيتا الذي ظهر في عدد من الأفلام السينمائية في الثلاثينات، وكان ذلك في فيلم العام 1933 «طرزان الذي لا يخاف» ( Tarzan the Fearless). بعد ذلك ظهر هولت في دور صغير في فيلم العام 1933 «عصابتنا»

( Our Gang Little Rascals)، ثم في كوميديا «الأطفال المنسيين» (Forgotten Babies).

عند سن السابعة، وفي العام 1934، حصل هولت على الدور الذي حقق له شهرة واسعة وهو دوره في فيلم «أنت تنتمي لي» (You Belong to Me)، الميللودراما التي يصبح فيها هولت يتيما بموت والدته في الفيلم.

هذا الفيلم حوله إلى نجم آخر من النجوم الأطفال، الأمر الذي دعا شركة بارامونت للأفلام إلى توقيع عقد طويل المدى معه، وبالترويج للفتى على أنه النسخة «الولاّدية» لشيرلي تيمبل. في السنوات الست التالية، قدم هولت 20 فيلما، لكنه، على رغم ذلك، لم يتمكن أبدا من تحقيق النجومية المطلقة التي وصلت إليها صديقته شيرلي تيمبل.

في العام 1935 كان يفترض أن يؤدي هولت دور ديفيد كوبيرفيلد إلى جانب الفنانين الشهيرين دبليو سي فيلدز، وويلكينز ميكاوبير. لكن منتج الفيلم ديفيد سيلزنيك كان قلقا حيال قيام صغير أميركي بتجسيد شخصية رئيسية لصبي بريطاني. لذلك، عند ما وافق الممثل الإنجليزي الطفل فريدي بارثولوميو على الحضور لأسبوعين لتصوير الدور، تم الاستغناء عن هولت.

بعد ذلك حصل هولت على دور بارز في فيلم العام 1936 «مباشرة من الكتف» (Straight from the Shoulder) الذي يعرف أيضا باسم «جوني يحصل على مسدسه» (Johnny Gets His Gun) إلى جانب الممثل رالف بيلامي. بعد ذلك أهله نجاحه في تقديم شخصية الفتى المثير للمشكلات، للقيام بدور ممثل مساعد في فيلم «مغامرات توم سوير» (The Adventure of Tom Sawyer) وذلك في العام 1939، ثم «Beau Geste» في العام نفسه، وأخيرا «شجاعة لاسي» (Courage of Lassie) في العام 1946، وكان حينها في التاسعة عشرة من عمره، وقد أدى دور شقيق إليزابيث تايلر الأكبر، في هذا الفيلم.

من أشهر أدوار هولت دور»بيلي الأكبر» في فيلم العام 1942 «كبرياء اليانكيين»(The Pride of theYankees) وهو الفيلم الذي أثار جدلا كبيرا لدى الجمهور والنقاد على حد سواء. في هذا الفيلم يحضر بيلي الكبير أو أولد بيلي ذو السبعة عشر عاما مباراة للاعب البيسبول الشهير حينها لو غيرهرغ، ويستعرض أمام اللاعب الشهير قدرته على السير من دون أن يترنح، في إشارة إلى الوعد الذي قطعه غيرهرغ بالحصول على بطولة الوورلد سيريس في سنوات سابقة وهو ما ساعد بيلي على التغلب على الشلل الذي عانى منه في طفولته.

عانى هولت من الاكتئاب في طفولته، الذي تعود أسبابه إلى المشكلات التي عانى منها الصغير مع والده، وهو الذي كان يعبر باستمرار، وبصراحة، عن استيائه الشديد من تحقيق طفله لمدخول أكبر من ذلك الذي يحققه هو. ولم يكن موقف الوالد هو جانب الألم النفسي الوحيد لدى هولت، بل أن تجاوز نفقات الأسرة حجم مدخول الصغير، واضطرار الأسرة لأن تعيش حالة من التقتير، ليتم الوالدان ذلك بانفصالهما عن بعضهما بعضا. كل ذلك جعل الصغير يدخل دوامة أخرى من الاكتئاب الذي تطور في مرحلة من مراحل حياة هولت إلى شلل أطفال، وهو ما يمكن إرجاعه لتراكم الضغوط على الفتى في داخل أسرته وحتى في وسط الأستوديو.

إلى جانب ذلك، لم يحقق هولت، كممثل، سوى نجاح محدود، الأمر الذي زاد من حدة اكتئابه.

خط إنتاج الأفلام التي شارك فيها هولت زاد من حدة الاكتئاب الذي يعانيه هولت بسبب مشاكله الأسرية.

عند سن الرابعة عشرة، أدار هولت ظهره للتمثيل من أجل كتابة الأغاني والشعر. حاول العودة إلى التمثيل العام 1948، فوجد بعض الأدوار، لكنه انتهى ببطولة فيلم العام 1949 السيئ «كان يجب أن تقول لا» (She Shoulda Said No). مع بداية الخمسينات، لم تعد تصله أي أدوار فعاد مرة أخرى إلى كتابة الأغاني.

حياة هولت اللاحقة

حقق هولت نجاحا بسيطا كعازف للبيانو وملحن لأغاني الجاز، وكذلك كمؤلف موسيقي للكثير من ألبومات الجاز، كما قام بكتابة الكثير من أغاني الكريسماس (The Christmas Blues) مع كاتب الأغاني الحاصل على 4 جوائز أوسكار سامي كان، وهي الأغاني التي قام المغني والممثل دين مارتين بتسجيلها ثم استخدمت في فيلم العام 1977 «L.A. Confidential».

من أشهر الأغاني التي كتبها هولت «What Every Girl Should Know»، وأغنية Anyone Can» Fall in Love».

في التسعينات أصبح هولت مقدما للبرنامج التلفزيوني» American Music Shop» الذي يقدم سيرة فنان من كل دولة في كل أسبوع. في العام 1997، قام هولت بالأداء الصوتي في فيلم الأنيمي «Soul Music» وهو الفيلم المبنى على رواية لتيري براتشيت تحمل الاسم نفسه.

تزوج هولت، وأنجب أربعة أطفال، هم لامونت، جانا، هايلي، تينا. مع مطلع الستينيات، دخل هولت مجال العمل في العقارات مستثمرا الازدهار في سوق العقارات في جنوب كاليفورنيا. تقاعد بعدها في العام 1985 حين كان في سن 58.

توفي هولت في 15 نوفمبر2003، عند سن 76، قبل أن يكمل سيرته الذاتية «هولت هوليوود «The Holts of Hollywood «.

لم يحقق ديفيد هولت كثيرا من النجومية... نجوميته في واقع الأمر لم تكتمل، والأضواء من حوله سرعان ما خفتت. طفولته بائسة، تمتلئ بإخفاقات كثيرة، على مستوى أسرته، وعمله كممثل، وعلاقاته مع أقرانه. في البيت وفي الأستوديو وفي المدرسة كان البؤس لصيقا به، يقول هولت، في مذكراته التي لم يتسن له إكمالها «لأنني كنت قادرا على الرقص، عاشت أسرتي جحيما لتوصلني إلى السينما. لكنني حين وصلت لم يكن بإمكاني الرقص. كنت أبكي فقط، وفي مرحلة ما أصبت بالشلل، وهو ما أظنه كان نتاج كل الضيق والتوتر الذي كنت أشعر به في الأستوديو. انفصل والداي، وكان أبي مستاء لأنني أحصل على دخل أعلى من دخله. حين زال استياؤه ذاك، توقفت الأموال»

وعن علاقته مع أقرانه يقول «كانت حياتي جحيما، كانت والدتي تجبرني على أن أرتدي بنطالا قصيرا، بنطالا أبيض قصيرا. كان جميع الأولاد في المدرسة يريدون ضرب الطفل النجم، الطفل البكّاء، مرهف المشاعر. كثيرون منهم حاولوا ذلك. من حسن حظي، كان يفترض أن أقدم فيلما مع الملاكم ماكس بير لكن الفيلم ألغي حين خسر بير البطولة. لكننا أصبحنا أصدقاء فعلمني الملاكمة وكيف أعطى لكمة حقيقية. هكذا تمكنت من سحق كثيرين في المدرسة».

العدد 1910 - الأربعاء 28 نوفمبر 2007م الموافق 18 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً