العدد 2278 - الأحد 30 نوفمبر 2008م الموافق 01 ذي الحجة 1429هـ

درسٌ آخر من الهند

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تابع العالم خلال الأيام الأخيرة ما جرى في الهند، من هجمات على عدد من الفنادق والمواقع المهمة في العاصمة الاقتصادية (مومبي).

وعلى رغم تعرض الهند إلى ضرباتٍ أمنيةٍ خلال تاريخها العاصف منذ الاستقلال، إلا أن هجمات مومبي ستبقى جرحا غائرا لدى الهنود، كما هي هجمات نيويورك بالنسبة إلى الأميركان. بل إن وكالة الأنباء الصينية (شينخوا) علّقت قائلة: «لقد انتهى اليوم أطول كابوس إرهابي في الهند».

أول تداعيات الحدث الدموي، ما أقدم عليه وزير الداخلية الهندي شيفراج باتيل، من تقديم استقالته إلى رئيس الوزراء مانموهان سينج، معلنا تحمّله المسئولية الأخلاقية عن هذه الهجمات، ولم يصر على أنه نجح في القضاء على الإرهاب.

الاستقالة كما هو معلنٌ، تقوم على أساس أخلاقي، فبحكم إشرافه على أجهزة الأمن الداخلي، فإنه مسئول عمّا حدث مادام قد عجز عن منع تنفيذ الهجمات على بلاده ومواطنيه. وبالمثل، قدّم مستشار مجلس الأمن القومي الهندي إم نارايانان استقالته للسبب ذاته.

طبعا لا يمكن أن نفترض في الساسة أو المسئولين الهنود زهدا كبيرا في المنصب، أو إعراضا شديدا عن متاع الحياة الدنيا، وإنما هناك عوامل واقعية تؤثر على الأرض، إلى جانب الناحية الأخلاقية والأدبية. فحكومة حزب المؤتمر الحاكم، تعرّضت لضغوط داخلية شديدة لتفسّر أسباب فشلها في منع الهجمات، وخصوصا أن مومبي كانت مسرحا لعمليات سابقة.

المعارضة ووسائل الإعلام والكتّاب السياسيون لم يتردّدوا في اتهام الحكومة بعدم الكفاءة والانشغال بالصراعات الداخلية الصغيرة وتناسي الأخطار الحقيقية المتمثّلة في الإرهاب، ما خلق تلك الثغرات الأمنية التي سمحت بتسلّل المسلحين وتنفيذ الهجمات كما يشتهون، بما فيها من عمليات تفجيرٍ وقتلٍ عشوائي وذبحٍ للأجانب.

الحدث وقع في وقتٍ متأخرٍ من مساء الأربعاء، وهو ما يفسّر إغفال تغطيته من قبل الكثير من الصحف العربية. ومع سيطرته على نشرات الأنباء في اليوم التالي، إلاّ أن المعلومات ظلّت قليلة. وحتى بعد مرور أربعة أيام، مازالت المعلومات لا تدعو للثقة والاطمئنان. فهوية المهاجمين ليست واضحة حتى الآن، ففي الوقت الذي رجّح الأميركان علاقتهم بالقاعدة، فإن الهنود حاولوا ربطهم بالمخابرات الباكستانية، ثم عادوا لاتهام «عسكر طيبة».

وفق هذه الرواية، فإن «عسكر طيبة» درّب المجموعة التي وصلت مومبي من مدينة كراتشي الباكستانية، عبر زوارق سريعة تم إنزالها من باخرةٍ اختطفوها وقتلوا طاقمها. والعالم لم ينسَ بعد حكايات زوارق الصومال السريعة وخطف السفن العملاقة على أيدي قراصنة في لعبة النفط والمخابرات الدولية. فالباكستان التي أوشكت أن تعلن إفلاسها قبل أسابيع، أصبحت تعجّ بالحركات (المختَرَقة) وصراع المخابرات والمخطّطات الأجنبية.

محطة تلفزيون هندية نسبت لمسئولٍ بوزارة الدفاع أن المهاجمين كانوا يرغبون بأن تتذكّرهم الهند كما تتذكر الولايات المتحدة منفّذي هجمات سبتمبر. ولكون المعلومات قليلة ومن مصدر واحد، ينبغي السماع لوجهات نظر أخرى، كما ورد في صحيفة «الاندبندنت» البريطانية، إذ أشارت إلى «حالة الاغتراب» التي تعيشها الأقلية المسلمة في الهند (رغم أنها 200 مليون نسمة)، وإن ما حدث إنما هم من نتائج التمييز الممنهج من جانب الأكثرية الهندوسية ضد المسلمين، وبالتالي فإن تلك «الاضطرابات الدموية» نابعة من الهند نفسها، وليست مستوردة من الخارج، كما حاولت الهند إلقاء فشلها على باكستان

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2278 - الأحد 30 نوفمبر 2008م الموافق 01 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً