العدد 1920 - السبت 08 ديسمبر 2007م الموافق 28 ذي القعدة 1428هـ

حجم مناقصات «الإسكان» لا تتوافق مع الخطط الحكومية لتقليل قوائم الانتظار

مناقصات لبناء 68 عماره و283 منزلا في 2007

بين إحصاء أن حجم المناقصات التي طرحتها وزارة الأشغال والإسكان لتوفير وحدات سكنية لذوي الدخل المحدود خلال العام 2007 لا تتماشى مع السياسات والخطط الحكومية الهادفة إلى تقليل قوائم الانتظار الطويلة والمتراكمة لدى الوزارة والتي تقدر بنحو 40 ألف طلب إسكاني لأسر بحرينية.

وطرحت وزارة الإسكان من بداية العام 2007 حتى اليوم مناقصات لبناء 68 عمارة منها 6 عمارات تتكون من 4 طوابق، و62 عمارة تتألف من 6 طوابق، إلى جانب مناقصات لتشييد 283 وحدة سكنية (بيت)، وفي المقابل بلغت الطلبات الإسكانية للوحدات السكنية في 2007 فقط نحو 3775 طلبا، ما يعني أن هناك فجوة بين توفير الوحدات ونمو الطب من قبل المواطنين، وهي تتجه نحو الاتساع.

وتحوم شكوك حول قدرة وزارة الإسكان على تلبية الخطط المعلنة، كما تظهره أرقام المناقصات التي لا تسير بمعدل المتوسط المتوقع سنويا لتنفيذ الخطة، فحتى أرقام العام 2006 تظهر أن الوزارة طرحت مناقصات لبناء 38 عمارة إسكانية و950 منزلا، بينما حجم الطلبات الجديدة في 2006 التي تقدمت بها الأسر البحرينية للوحدات السكنية بلغت 4757 طلبا.

وسئل مسئول في قطاع الإسكان الحكومي عن ملائمة ما طرح من مناقصات والخطط التي أعلنت عنها البحرين لتوفير 15 ألف وحدة سكنية خلال الفترة من 2006 إلى 2010 بمتوسط سنوي يبلغ 3700 آلاف وحدة سنويا، فرد بالقول: «إن الوزارة ملتزمة بالخطط المعلنة» إلا أنه لم يعط دليلا عمليا ينفي ما تبينه إحصاءات المناقصات التي تشير إلى تباطؤ في إنتاج الوزارة لتنفيذ الخطط الإسكانية.

كما أن مجموعة اكسفورد بيزنس البريطانية حذرت في تقرير من أن البحرين ستشهد في السنوات الـ 10- 20 المقبلة أزمة إسكان حادة، ودخول نصف سكان البحرين الذين تقل أعمارهم في الوقت الحالي عن 15 سنة في دائرة البحث عن السكن.

وأشار تقرير مجموعة اكسفورد بيزنس إلى أن حجم سكان البحرين ارتفع بمعدل يصل 6,2 في المئة سنويا في السنوات الخمس الماضية، فوصل عدد سكان البحرين في العام 2005 إلى 725 ألفا بمن فيهم الأجانب المقيمون. غير أن وزير شئون مجلس الوزارء الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة ذكر أن إجمالي عدد السكان في المملكة بلغ حتى سبتمبر/أيلول 2007 نحو مليون و46 ألف نسمة، وهو ارتفاع دراماتيكي في 2007، إذا ما قورنت بإحصاءات 2006 و2005 التي تشير إلى أن نسبة النمو 6 في المئة.

وتتوجه الغالبية العظمى من الأسر البحرينية خصوصا العاملة في القطاع الخاص إلى وزارة الإسكان للحصول على السكن المدعوم من قبل الحكومة، نتيجة أتساع الفجوة بين قدرتهم الشرائية وأسعار العقارات السكنية في مملكة البحرين التي تضاعفت أسعارها أربعة أضعاف خلال الأعوام القليلة الماضية.

وبحسب ما يؤكده المتعاملون في السوق العقارية يبلغ متوسط سعر البيت أو الفلة 150 ألف دينار. فيما تقول مؤسسات التمويل العقاري إنها تمنح المواطن الذي راتبه ألف دينار قرض عقاري بحد أقصى يصل إلى 80 ألف دينار لمدة 25 سنة، على أن يدفع قسط شهري يبلغ 600 دينار شهريا من راتبه.

وتشير إحصاءات هيئة التأمينات الاجتماعية، إن عدد العاملين الخاضعين لنظام التأمينات الاجتماعية لسنة 2005 ويتقاضون راتب شهري أكثر من ألف دينار يبلغ عددهم 9585 موظفا بحرينيا وأجنبيا، بينما باقي العاملين البالغ عددهم نحو 288 ألف يتقاضون راتبا أقل من ألف دينار، ما يعني أن الغالبية العظمى لا تستطيع الحصول على حلول تمويلية من قبل المصارف لتملك السكن.

وقال رئيس تنفيذي في إحدى شركات التمويل العقاري: «إن الغالبية العظمى من البحرينيين رواتبهم لا يسمح بأخذ قرض أعلى من 40 ألف دينار نتيجة لضعف مدخولهم الشهري... وإن معدل الإقراض يصل إلى 40 ألف دينار كحد أقصى، لا يفي لبناء أو شراء قسيمة سكنية التي تتطلب ما لا يقل عن 80 ألف دينار كحد أدنى».

ويرى مراقبون أن قانون تملك الاجانب السبب الرئيسي في ارتفاع الأسعار وتراجع قدرة المواطنين الشرائية، معتبرين أن القانون هواستقطاب قوة شرائية من خارج المملكة لتداول العقارات التي لا يستطيع المواطن شراءها.

وحسب تصريح مسئول رفيع المستوى في الجهاز المركزي للمعلومات، يبلغ عدد الأجانب القاطنين في المملكة نحو 517 ألف و368 أجنبيا، بينما المواطنين البحرينيين يبلغ عددهم 529 ألفا و446 بحرينيا. وما يعني أن الأجانب يشكلون 50 في المئة من إجمالي سكان البحرين. وقال مواطنون إنهم مجبورون على بناء الطبقات في منزل العائلة بعد أن كانوا ينفردون بسكن خاص لهم. مشيرين إلى تجمع الأسر في سكن واحد الذي يزداد ضيقا مع كل ولادة جديدة للأسرة.

وقال عباس يوسف: «أنا أعيش مع زوجتي في غرفة واحدة في منزل والدي، ولدي أخوين متزوجين يسكن كل واحد منهم في غرفة أيضا إلى جانب أخوين عزفا عن الزواج بسبب عدم وجود غرفة في منزل الأب لإقامة الحياة الزوجية». من جهته، قال عيسى يوسف: «عملت على بناء غرفتين من صفائح الألمنيوم (الجينكو)، بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء، وعدم توافر السيولة المالية إلى جانب الحاجة الضرورية لتوفير غرف إلى اخواني الذين يواصلون دراستهم واتخاذها مقرا للمراجعة وإقامة الأبحاث وعمل الواجبات».

وأضاف «في تلك الأيام كانت أسعار الحديد وأسعار صفائح الألمنيوم رخيصة، ولم تبلغ كلفة الغرفتين 900 دينار»، مشيرا إلى أنه في الوقت نفسه يريد بناء شقة إلا أن أسعار الحديد والجينكو في الوقت الحالي ارتفعت إلى أسعار جنونية ما قد يكلفه الكثير من الأموال.

ومن جهته، أكد المواطن يوسف إبراهيم الذي قال إنه يعمل براتب 180 دينارا في القطاع الخاص، وحصل على قرض بمبلغ 4 آلاف دينار كحد أعلى، لبناء أرض حصل عليها من وزارة الإسكان في السنوات القليلة الماضية.

وأوضح يوسف أنه لا يستطيع عمل شيء على رغم أن لديه ولدين يعملان براتب 150 دينارا، مؤكدا صعوبة الحياة وارتفاع الأسعار إلى مستويات تثقل كاهل المواطنين.

وذكر أنه كان يمتهن صيد السمك كمهنة حرة، وتركها بسبب الدمار الكبير الذي لحق بالثروة البحرية نتيجة الدفان واستخراج رمال البحار باستخدام الحفارات، إلى جانب العمالة الأجنبية السائبة ما أدى إلى خراب البيئة البحرية وقلة الصيد.

وأشار إلى أنه لا يمتلك مهنة حرة أخرى غير صيد السمك لتوفير الأموال الأزمة للبناء، إلا إنه قال تعلم البناء في صغره، ما ساعده في الوقت الحالي على بناء المنزل بيده من دون الحاجة إلى عمال بناء أو مقاول.

وقال: «أنا أضع الطابوق، وأبنائي يخلطون الأسمنت ويعملون الخراسانة»، مشيرا إلى أنه وصل في البناء إلى تسقيف المنزل، وبقي عليه تسليك الكهرباء وأنابيب المياه، الديكور الداخلي والأثاث والأبواب والنوافذ.

ويرى مواطنون أن أهم الحلول هو كبح جماع أسعار العقارات ومحاولة وضعها تحت متناول اليد، وتناسبها مع القدرة الشرائية للمواطنين، من خلال منع المضاربات وحماية المناطق القروية ومنع الأجانب من التملك إلى جانب الإسراع في تنفيذ المشروعات الإسكانية الحكومية. دعوا إلى إصدار تشريعات لحماية المناطق السكنية القروية من المضاربة التي رفعت أسعار العقارات إلى مستويات قياسية تفوق قدرة المواطنين على توفير مبلغ الشراء، نتيجة تضخيم الأرقام من قبل المضاربين للاستفادة من فارق الأسعار.

وأكدوا أن إصدار تشريعات كقانون يمنع بيع العقار في المناطق السكنية إلا بعد خمس سنوات من شرائه، سيؤدي إلى ابتعاد المضاربين عن المناطق السكنية والتوجه إلى مناطق لا يشملها القانون، وبالتالي كبح جماح وتراجع الأسعار الناتجة عن المضاربة التي تعتمد على الربح السريع والتداول الآني من دون تطوير العقار والاستفادة منه في استثمارات طويلة المدى.

والمشكلة الإسكانية باتت مسألة تؤرق المسئولين والمواطنين، خصوصا مع ضعف استجابة القطاع الخاص لتوفير وحدات سكنية لذوي الدخل المحدود، وكانت وزارة الأشغال والإسكان سعت إلى إشراك القطاع الخاص في برنامجها الذي أطلقته في يونيو/ حزيران العام 2006، ودعت فيه القطاع الخاص إلى المشاركة في بناء 7 مشروعات إسكانية لتوفير 7 آلاف وحدة سكنية للمواطنين الذين لا يزالون على قوائم الانتظار ويقدر عددهم بالآلاف وخصوصا في ظل الازدهار الاقتصادي الذي تعيشه المنطقة.

ويرى مراقبون أن القطاع الخاص يتخوف من تآكل ربحية المشروعات التي تستهدف ذوي الدخل المحدود الذين تراجعت قدرتهم الشرائية مع تضاعف أسعار العقارات أربع مرات خلال السنوات الماضية، وهو الأمر الذي أدى إلى توجه الاستثمارات نحو العقارات التجارية عالية الجودة والوحدات السكنية الفاخرة بدلا من المشروعات الصغيرة.

وقال مقاولون: «إن صغار المستثمرين بدأوا يتراجعون عن فكرة تطوير الأراضي السكنية وبناء الشقق المؤجرة التي تستهدف ذوي الدخل المحدود والطبقة المتوسطة بسبب قلة هامش الربحية الناتج عن ارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء في البحرين إلى جانب ضعف القدرة الشرائية للمواطنين في المملكة التي يقدر فيها متوسط الدخل الشهري للفرد بنحو 350 دينارا. وأكدوا أن الاستثمارات العقارية الصغيرة في تطوير الأراضي السكنية بغرض تأجير السكن بدأت تفقد ربحيتها المرتفعة، وأصبحت بالنسبة إلى المستثمر الصغير أمرا فيه خطورة ومجازفة.

كما أشاروا إلى أنه يمكن تعويض هامش الربحية المفقود بسبب أسعار مواد البناء عن طريق الكمية والنوعية كما هو متوافر في المشروعات الضخمة والاستثمارات الكبيرة التي تقدر فيها عدد الوحدات السكنية والمكاتب بالمئات والآلاف وتستهدف ذوي الدخل المرتفع، وهذا ما لا يستطيع صغار المستثمرين الذين يستهدفون ذوي الدخل المحدود.

العدد 1920 - السبت 08 ديسمبر 2007م الموافق 28 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً