العدد 1931 - الأربعاء 19 ديسمبر 2007م الموافق 09 ذي الحجة 1428هـ

العريض والعريفي وجهان لعصر واحد

البعد الإنساني الذي تزامن في معرض مشترك يجسد الصورة التاريخية لفترة الحركة التشكيلية في البحرين ومؤثراتها وتأثيراتها وللحد الذي يطمئن الرواد في إنجاح تأسيس القواعد الأولية للحركة في الستينات من القرن الماضي ومرورها بظروف ساعدت هيكلتها وأخرى تتكئ على منسأة الصعاب ليسقطها التاريخ لولا الألطاف الغيبية التي لا تشاء إلا بزوغ الفكر الثقافي والبعد البصري في بقاء الحركة التشكيلية. حتى يكرموا أنفسهم ويحتفلوا بها على غرار الغرب الذي يكرم فنانيه ويعتبر ذكراهم احتفالات موسمية وأعيادا يحتفل بها, فهذه الأيام يجد الفنان (أندريامانتينيا) من يحتفل به في ذكراه الخمسمئة في إيطاليا. وفي مملكة البحرين الرائدان العريض والعريفي يحتفلان بمراحلهما الفنية وجمهورهما محبي الفن ولوحاتهما الفنية.

لابد لزائري المعرض المشترك الأول بين رائدين من الحركة التشكيلية في البحرين أن يتنفسوا اجتهادات ومراحل الاجتهاد الجلي في تصنيف الأعمال المعروضة بمركز الفنون, وأن هذه الأعمال هي جزء بسيط من الأعمال التي نفذها العريفي أو العريض, وقد خلقت لهما مشكلة في فرز إرث تاريخي كبير بجزء منه يوفّي الغرض في الطرح والمعنى, وإظهار مراحل الحركة التشكيلية في البحرين بين أربعة عقود من الزمن.

المتتبع لخلة هذين الرائدين يجد فيهما صفة المودة المفرطة التي أبقت علاقتهم الحميمة إلى مراحل متقدمة من العمر ليتعاهدا مرة أخرى لإبقائها, كأن الدنيا خالدة لهما بصفة استثنائية بعد أن وصلا إلى المرحلة الأخيرة من النضج بحسب ما أفادا به. إن إقامة المعرض المشترك الأول بعد الفترة المتأخرة من صحبتهما لم يأتِ عن طريق ترتيب أو نضج يذكر غير أنه جاء وليد صدفة من موضوع مغاير لمعرض ثنائي!

وجاءت التبريرات في سياق اللقاءات الصحافية كالعادة لسد فراغ لسؤال معين بشيء يناسب السؤال ولا يضر بمعناه, خصوصا أن الرائدين مازالا يمارسان نشاطهما الفني بكل إخلاص، فلم تعرقلهما السنوات الخوالي وذكريات المجموعة المشتركة في الرحلات الجماعية في التنقل من قرية إلى أخرى وتصوير مشاهدها بالألوان أو الأبيض والأسود, فتشاهد عليهما تعب السنين ورحيل عدد من الملازمين لهما في رحلتهما الذين لم يفيا بعدهم حين استسلموا للموت, كثير من المشاهد تستطيع أن تربطها بين اللوحات المعروضة في الصالة الصغيرة من مركز الفنون وبين المرحلة السابقة. فالفنان حسين السني كان سيد الموقف عن غيره وأخذه النصيب الأكبر من الذكريات, ولعله الخائن الأسبق إلى رحلة الموت وتركه أحبابه, ولعله صاحب المواقف المتعددة مع رحلة المرض القاسي وركونه في زاوية داره على لحاف بال يؤنس لحظاته الأخيرة, وأيضا صاحب الأساليب المتميزة في عصر تميز فيه بتجديده. تستطيع قراءة تاريخ الحركة التشكيلية في البحرين بصورة مختصرة وقراءة تاريخ بعض روادها من خلال زيارة المعرض الذي يعتبر معرض الوفاء والإخلاص وليس (النضج).

حسن الساري

فنان تشكيلي بحريني

العدد 1931 - الأربعاء 19 ديسمبر 2007م الموافق 09 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً