العدد 1938 - الأربعاء 26 ديسمبر 2007م الموافق 16 ذي الحجة 1428هـ

رابطة العقلانيين العرب... قراءة الواقع العربي في مستويي المرض والمعالجة

أعضاؤها جلال العظم وجورج طرابيشي ومحمد الهوني وآخرون

أُشهرت في باريس حديثا «رابطة العقلانيين العرب»، وذلك في مؤتمر ضم الكثير من الأسماء الثقافية الكبرى عربيا، منهم: جلال العظم وجورج طرابيشي ورجاء بن سلامة وعزيز العظمة ومحمد عبدالمطلب الهوني، وبحضور مجموعة من المثقفين العرب.

وتمخضت عن الاجتماع ورقة تأسيسية رأت أن ما شهده العالم العربي، منذ هزيمة يونيو/ حزيران 1967، هو تحولات اجتماعية ارتكاسية، من مظاهرها الإجهاز على المنجزات الحداثية التي سبقت أو تلت مباشرة مرحلة الاستقلال الوطني، وصعود التيارات الإسلاموية التي تكفر الفكر والمعرفة والإبداع، والتراجع المتصاعد لدور المثقف النقدي إلى تخوم الاستقالة والتلاشي.

واعتبر القائمون على الرابطة أن ولادتها تأتي تلبية لحاجة تمليها الوقائع المعيشية اليوم في العالم العربي، ذلك أنها تدعو إلى إعادة الاعتبار إلى الثقافة النقدية، وتتطلع إلى مجتمع بديل متحرر من تديين السياسة وتسييس الدين، ومنعتق من العموميات الأيديولوجية اللاعقلانية التي تذيب القضايا جميعها في شعارات دينية عامة مثل «الدولة الإسلامية»، و «المجتمع المسلم» و «الاقتصاد المسلم»، وهي كلها على مبعدة شاسعة من روح العصر وأفكاره وقيمه.

وبين المجتمعون أن المطروح على جدول الأعمال هو ضرورة السعي إلى تفسير الخراب العربي بأدوات عقلانية، والسعي بموازاة ذلك إلى إعادة بناء ما تخرب بوسائل عقلانية، وهي وسائل كانت أخذت بها الشعوب التي نأت بمصيرها عن المصائر العربية، والمطلوب في الحالين معا رفض اللاعقلانية التي تحكم العالم العربي اليوم في مجالات السياسة والقانون والاقتصاد والتعليم والموروث والقيم الثقافية الإنسانية... فقد أفضى تعميم اللاعقلانيّة سياسيا واجتماعيا، وبعد مرور عقود عدة على هزيمة يونيو، إلى إلغاء الحريات المختلفة وتبرير الجهل والتخلف وتوسيع الاستبدادين السياسي والديني، وصولا إلى المجانسة بين الشعب المهزوم والسلطة القروسطية.

تمثل العقلانية التي تقول بها «رابطة العقلانيين العرب» مطلبا مركزيا من مطالب الحداثة التي تقوم، في جملة الأسس التي تقوم عليها، على العلمانية والمجتمع المدني ودولة القانون وحقوق المواطنة الاقتصادية والسياسية والثقافية والتعليمية والمدنية. وتولي «رابطة العقلانيين العرب» من هذا المنظور العقلاني أهمية خاصة للعلمانية التي لا يمكن أن تختزل إلى ثنائية الإيمان والإلحاد، ولا أن تختصر في أيديولوجيا مكتفية بذاتها، ذلك أنها سيرورة اجتماعية متصاعدة غايتها فرد مستقل قادر على التفكير ومجتمع ديمقراطي حر قائم على تعاقد اجتماعي بين أفراد أحرار، وهي في هذا تدعو إلى فصل المجال الديني عن مجال الدولة والسياسة والقانون، وتدعو إلى حرية الضمير من حيث انها تشمل حرية الاعتقاد وعدم الاعتقاد، وحرية الرأي والتعبير، والأخذ بما جاءت به شرعة حقوق الإنسان المعترف بها دوليا، فللدين حيز خاص به، من حق البشر التعامل معه بتصورات مختلفة، وللسياسة والقانون والإبداع وفروع المعرفة والآداب والفنون مجالات خاصة بها، مستقلة في تصوراتها ومعاييرها الاستقلال كله عن التصوّرات والأيديولوجيات الدينية. وبسبب ذلك، لا تنطلق سيرورة الحداثة من الجماعة والجموع المتجانسة، بل تنطلق من الفردية المستقلة الحرة التي تعترف بغيرها ويعترف غيرها بها، ومن حق المرأة، والحال هذه، أن تتمتع بالمساواة التامة مع الرجل في مجال الحقوق والحريات، بما يؤكدها مواطنا مستقلا متكامل الحقوق.

وأكد بيان «رابطة العقلانيين العرب» أن مختلف أنماط التعددية التي يشتمل عليها العالم العربي، في أشكالها من إثنية ودينية وثقافية، إنما ينبغي أن تقوم على مبدأ المواطنة الواحدة والمساواة التامة، بعيدا عن كل تصور مجزوء يمحو حقوق المواطنة بمصطلحات غائمة أو بدائية مثل الأقلية والأكثرية وروابط الدم والأواصر القبلية والأسرية والطائفية.

العدد 1938 - الأربعاء 26 ديسمبر 2007م الموافق 16 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً