تطمينان كبيران حملهما خطاب رئيس كتلة الوفاق الشيخ علي سلمان يوم الجمعة الماضي، الأول للحكومة باعتبارها الأكثر استنادا إلى القلق من «المطامع» الشعبية في تبريرها للقمع، والثاني للمواطن كونه المتضرر الأكبر من تداعيات الانفلات الأمني.

سلمان كان صريحا في خطابه، على رغم يقينه بما سيخلفه من ردود فعل، لأنه أدرك جيدا مدى الحاجة في هذا المنعطف إلى المصارحة لأبعد الحدود، وذلك حين قال إن هناك خيارا تم اعتماده بشكل استراتيجي وهو خيار الإصلاح مقابل خيار التغيير الجذري... «ونريد أن نصلح النظام السياسي ليكون وفقا لما تم التوافق عليه في ميثاق العمل الوطني». هذا التطمين الصادر عن شخصية كارزمية ذات نفوذ شعبي (تعني ما تقول) إذا لم تستفد منه الحكومة بصورة عقلانية وتبني عليه استراتيجية واقعية بعيدة عن الوهم فإنها بلا شك أدنى من أن تمسك بزمام مشروع إصلاحي، وعليها أن تتحمل تبعات هذا التغافل مستقبلا.

أما على الصعيد الشعبي فبعث سلمان رسالة تطمين بأن «البوصلة ليست ضائعة»، و«الكرة اليوم في مرمانا في كثير من الأمور»، كما «لا يمكن أن آخذ أمة إلى معركة لا أعتقد بسلامتها». هذه أيضا خطوط عريضة وجريئة كان لابد أن تقال، اتفقنا معها أو اختلفنا، من أجل إيضاح الصورة المشوشة لدى الكثيرين.

التعقيدات السياسية اليوم آخذة في الاتساع وخصوصا في ملفي التجنيس والتمييز، و«الوفاق» لوحدها لن تستطيع التهدئة مادام المتنفذون والمتمصلحون الكبار يريدون الفتنة، ولات حين مناص.