العدد 2008 - الأربعاء 05 مارس 2008م الموافق 26 صفر 1429هـ

الدمية والإنسان... لقطة واحدة لا لقطتين

مسرح «جو لويس للدمى المتحركة» في الصالة الثقافية غدا...

تستضيف الصالة الثقافية مساء غد الجمعة في تمام السادسة مساء مسرح «جو لويس للدمى المتحركة»، ويعتبر هذا المسرح الحائز جائزة «أفضل أداء تقليدي» في «المهرجان العالمي العاشر لفن الدمى المتحركة»، من المسارح القليلة التي استطاعت الحفاظ على التقاليد الفنية لهذه الفنون، وخصوصا أن تقنيات العرض للدمى هي تقنيات طبيعية ومباشرة يتشارك فيها ممسكو أو محركو الدمى مع الدمى في تداخل حركي مثير.

وعلى رغم أن العادة قد جرت في أن يقوم شخص واحد بتحريك كل دمية في العرض، فإن هذا المسرح يقدم تقنية مختلفة، إذ يقوم بتحريك كل دمية ثلاثة أشخاص معا يظهرون برفقة الدمية على المسرح، وهو ما يعطي للدمية حيوية الظهور ككائن حي في لقطة واحدة.

عادة ما تصنع الدمى من المواد الرخيصة كالقماش والخشب، أو من أشياء كعلب الألبان الفارغة أو الخرق البالية. ويقوم القائمون على هذا المسرح بتأليف عروض العرائس ثم يحركونها، ويعملون على تغيير أصواتهم مع تغيير الشخصيات. ويمكن استخدام منضدة أو رف كتب كمنصة لعرض العرائس. كما يمكن أن يعمل محرك الدمى من وراء غطاء، يشده بعرض الجزء السفلي من فتحة باب، ويتوارى خلفه فلا يرى المشاهدون غير الدمى المتحركة التي تظهر في الجزء الأعلى من فتحة الباب.

اعتاد الناس على الاستمتاع بعروض الدمى لآلاف السنين؛ إذ عُثر على مجسمات تشبه الدمى المتحركة في المقابر والأطلال الأثرية لمصر القديمة واليونان وروما. ويرجح أن يكون أول استعمال للدمى المتحركة كان في المناسبات الدينية. وكثيرا ما كان يعمد القساوسة إلى تحريك أعين الأصنام والمنحوتات، أو أرجلها خفية لإيهام العوام من المشاهدين والتأثير عليهم، كما استخدمت الدمى ولاتزال تعبيرا سياسيا وثقافيا، وخصوصا أن بعض عارضي الدمى كانوا سياسيين أو مثقفين ناقمين على السلطة، وغالبا ما يلجأون إلى هذا الفن للتعبير عن امتعاضهم من النظام والسلطة في طابع فكاهي للأطفال، وهو ما يحميهم من المطالبات القضائية. وفي هذا الصعيد تشتهر عربيا صيغة فنية مصرية، وهو «الأراجوز» إذ غالبا ما كان الأراجوز معارضا سياسيا لا يستمتع بعروضه في الساحات المصرية الأطفال فقط، بل الكبار أيضا.

وهناك ثلاثة أنواع رئيسية من الدمى المتحركة هي: الدمى المتحركة باليد، الدمى المتحركة بالخيوط «الماريونيتات»، الدمى المتحركة بالعصي. ويشتمل كثير من العروض على أكثر من نوع من أنواع الدمى المتحركة.

العرائس المتحركة بالخيوط - «الماريونيت»

هي دمى يتم التحكم فيها بالخيوط أو الأسلاك أحيانا، ولها أعضاء كاملة تشمل الرأس والجذع والذراعين واليدين والساقين والقدمين، توصل هذه الأعضاء مع بعضها بعضا بأربطة من المواد المرنة أو الأقمشة. وتوثق معظم هذه الدمى بخيوط تصل رأس الدمية وكتفيها ويديها ورُكبتيها بإطار خشبي؛ ثم يتولى فرد أو فردان من محركي الدمى يختبئان في أعلى منصة العرض، بشد خيوط الدمية من مكانها على الإطار لتحريكها.

وتعود كلمة «ماريونيت» إلى كلمة ماري الصغيرة، وهي نوع من الدمى التي شاع استعمالها في العصور الوسطى؛ إذ استعان بعروضها القساوسة لسرد قصص الإنجيل بين أناس لم يكن معظمهم ملما بالقراءة والكتابة. وبمرور الوقت اتخذت هذه العروض منحى ترفيهيا صرفا؛ بعيدا عن المواعظ الدينية النصرانية. ثم طرأ عليها كثير من الإسفاف والانحطاط، مما حدا بالسلطات الدينية إلى منع استمرارها في الكنائس، فانتقلت إلى الطرقات والميادين، وصارت تعرف باسم «استعراضات الشوارع» إذ أصبحت تقام في المتنزهات والأسواق الموسمية.

الدمى المتحركة بالعصي

يتم تحريك هذه الدمى بالقضبان أو العصي من أسفل منصة العرض عادة. أحد أنواعها وهو المعروف باسم «الماروت»، يتكون من رأس فقط مثبت بطرف عصا، ويكون لبعض الدمى المتحركة بالعصي عصا متصلة بذراعين ورجلين متحركتين. ولا تستعمل دمى العصي لتمثيل الإنسان والحيوان، بل يشيع استخدامها لترمز إلى أشياء كالسحب والأزهار والقبعات والأشجار أو الأشكال البسيطة فحسب.

يشتهر في اليابان نوع من أنواع عروض الدمى المتحركة يعرف باسم «بنراكو» - أو مسرح الدمى - تبلغ أطوال الدمى 120سم، وقد صيغت بأسلوب واقعي؛ إذ تتمتع أطرافها بالمرونة وأعينها وأفواهها وحواجبها بالحركة. ويقوم محركو الدمى بتحريكها من الخلف على مرأى من المشاهدين. وقد قام لفيف من كتاب المسرح المرموقين في اليابان بكتابة مسرحيات خاصة بهذه العروض في أواخر القرن السابع عشر والثامن عشر الميلاديين.

مسرحيات خيال الظل

هي نمط خاص من عروض الدمى المتحركة، يجمع بين كل أنواع الدمى. يقوم محرك الدمى بتحريكها خلف ستارة شفافة من الحرير أو القطن. ويتم تسليط إضاءة ساطعة من خلف الستارة ومن فوقها. ويجلس المتفرجون على الجانب الآخر، فلا يشاهدون غير الظلال المتحركة للدمى، وهي تسقط على سطح الستارة. ثمة نوع من الدمى المسطحة، يتم صنعه من الجلد خصيصا لعروض خيال الظل، يكثر الإقبال عليه في البلدان الآسيوية. وقد تشتمل هذه الدمى على أجزاء يتم تحريكها بقضبان من الخيزران، أو بقرون الحيوانات. ويعمد الأتراك والصينيون إلى صبغ هذه الدمى المسطحة، فتتلون ظلالها الساقطة على الستار. ويشيع نمط من عروض خيال الظل في إندونيسيا يعرف باسم «الدمى الجلدية»، تستوحي عروضها من الأساطير الهندوكية. وتستمر هذه العروض من المساء الباكر إلى طلوع الفجر.

العدد 2008 - الأربعاء 05 مارس 2008م الموافق 26 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً