العدد 2073 - الجمعة 09 مايو 2008م الموافق 03 جمادى الأولى 1429هـ

المبيت على الجسر

حسين خميس comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يتكدس البشر، وتتزاحم المركبات والحافلات في منظر غدا مألوفا لدى غالبية مستخدمي جسر الملك فهد الذي يربط الدولة العربية العملاقة المملكة العربية السعودية بمملكة البحرين التي تعتبر بحجم مدينة من مدن السعودية إذا سمحنا لأنفسنا بالتجاوز في التعبير.

هذا المنظر أقلق المسئولين في البلدين والمشرفين على مرافق الجسر وكذلك الناس الذين أخذوا يضجون ويتأففون من هذا الوضع المأسوي موزعين الاتهامات على أكثر من جهة، باعتبار أن البحرينيين اعتادوا على زحمة الشوارع والانتظار في الطوابير الطويلة في مملكتنا الغالية فإن تدمرهم من وضع الجسر يكاد يكون محسوسا لديهم في فترات معينة.

جسر الملك فهد الذي بني ليحقق للبحرين منفذا اقتصاديا واجتماعيا يربطها بالشقيقة السعودية ودول الخليج لم يستخدم كل طاقته التي خطط لها مسبقا، ولكن تفاجأ المسئولون أنهم أمام وضع جديد يتطلب اتخاذ خطوات وإجراءات تناسب هذا الوضع.

هذا الجسر يعتبر شريان الحياة لأسواق البحرين لاعتمادها على القوة الشرائية الخليجية بالدرجة الأولى بدءا من المجمعات التجارية وما تحتويه من محلات تجارية ومطاعم ودور سينما وفنادق إلى الاستثمار العقاري والمالي والصناعي والسياحي واعتماد التجارة البحرينية في الاستيراد والتصدير على الجسر بشكل واضح إذ بلغ عدد الشاحنات المحملة بالبضائع أكثر من 500 ألف شاحنة للعام 2007. كما أنه يعتبر متنفسا للغالبية العظمى من البحرينيين الذين يستخدمونه للسفر، خصوصا أيام الإجازات حيث السفر إلى الأماكن المقدسة في المملكة العربية السعودية أو لدول الخليج للتسوق وزيارة الأهل والأقارب والأصدقاء، أو أثناء الإجازة الصيفية والسفر إلى بعض الدول العربية كالعراق وسورية والأردن ولبنان. كما أنه متنفس للسعوديين الذين يقضون أيام الإجازات القصيرة في البحرين، ما يؤدي إلى انتعاش الأسواق والفنادق والمواصلات، وقد دلت الإحصاءات الصادرة عن أن عدد مركبات المسافرين التي عبرت الجسر بلغت أكثر من 6 ملايين سيارة وأن عدد القادمين والمغادرين بلغ أكثر من 16 مليون شخص للعام 2007 بزيادة قدرها 40 في المئة عن العام 2006.

التذمر والتأفف المشار إليه آنفا صار يتداول عبر الاجتماعات الرسمية لذوي العلاقة خصوصا التجار والبرلمان وفي الصحافة والمنتديات الإلكترونية في محاولة لكشف مواقع الخلل والقصور، والبحرينيون الذين تعودوا على الشفافية والمصارحة في طرح همومهم وشكاواهم يرمون بسهامهم إلى الجانب الآخر باعتبار أن حاجة البحرينيين عموما تفوق السعوديين، ومن هذا المنطلق يتم التعامل بفتور في علاج المشكلات المتراكمة.

ونظرا إلى الرغبة في طرح غالبية مشكلات مستخدمي الجسر من الناس العاديين ينبغي البحث بجدية في إيجاد الحلول المناسبة على الجانبين، فهل يمكن تصور الوضع خلال فترة الصيف المقبلة وما سيعانيه البحرينيون المنطلقون للاصطياف خارج الوطن. كيف يمكن تجاهل الآلاف بحجة أنهم هم المحتاجون وتعريضهم للإهانات والتأخير غير المبرر والمبرمج وحرارة الجو الملتهب، فتارة تأتي الأسباب إلى توقف أجهزة الكمبيوتر، أو عدم استخدام جميع المعابر، والتفتيش الذاتي والدقيق إلى المغادرين للأماكن المقدسة خوفا من ذهابهم لأداء واجب الجهاد المقدس في العراق.

تجار البحرين يجأرون بشكواهم للغرفة التجارية وللمسئولين على هذا المرفق الحيوي وتعقد المؤتمرات والاجتماعات لمناقشة المشكلة التي تعرضهم للخسائر الفادحة جراء تأخير الشاحنات لأيام وليالي في طوابير توحي إلى الإضراب في دولة أجنبية، وعندما يتحدث السواق بلهجة غير مرغوب فيها حسب نظر الموظفين يتم التعامل مع هذا بأنه خارج عن النظام ويكافأ بالعقوبة المقررة من أبسط الموظفين وهي استمرار التأخير والتجاهل. أما المواطنون العاديون فلا مؤتمرات ولا اجتماعات للاستماع إلى مشكلاتهم إذ ضربت عليهم الذلة والمسكنة وأصبح خروجهم من الجسر كالخارج من السجن الظالم سجانه. وقوف الآلاف من البشر أيام الإجازات السنوية المغادرين إلى الخارج يبعث على السأم والملل من طريقة التعامل الجاف والمهين من قبل بعض الموظفين، فلا أماكن يستطيع فيها المواطن الاستظلال من أشعة الشمس والتسهيلات تكون عادة قليلة حتى يحسب المسافر نفسه أنه أمام معبر رفح للفلسطينيين. إذا كانت شركة الجسر تعقد الاجتماعات وتصدر البيانات وتكرم القيادات السابقة وتضع الخطط القصيرة والبعيدة المدى فإن أقل ما يقال إن المواطن لا يستطيع الانتظار لحين الانتهاء من هذه الخطط. العنوان العام لهذه الشركة هو عدم أحقية أي فرد التدخل في مهماتها أو المشاركة في تقديم أي اقتراح يساهم في التقليل من المشكلات، وإلا بالإمكان خصخصة بعض المهمات لشركات قادرة على تقديم أفضل الخدمات بدءا من حسن الاستقبال والابتسامة من الموظفين القابعين خلف أجهزة الحاسب الآلي في الغرف المكيفة، وانتهاء بالمفتشين وأجهزتهم وأدواتهم المستخدمة مرورا بالمعابر. مشكلات الجسر ستستمر مادامت عملية التطوير تسير كالسلحفاة.

إقرأ أيضا لـ "حسين خميس"

العدد 2073 - الجمعة 09 مايو 2008م الموافق 03 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً