العدد 2074 - السبت 10 مايو 2008م الموافق 04 جمادى الأولى 1429هـ

فلسطين و60 عاما من الاحتلال

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

تصدر «الوسط» اليوم ملحقا خاصا (انظر ملحق «الوسط السياسي» مع عدد اليوم) بمناسبة مرور 60 عاما على نكبة فلسطين وإعلان قيام «دولة إسرائيل». ونعود إلى البداية وتسلسل الأحداث المريرة التي أسست لنا «النكبة»... الأمم المتحدة تتبنى إعلان تقسيم فلسطين في العام 1947 بين العرب واليهود، وبريطانيا تنسحب بعد ذلك من فلسطين. الحرب بين الفلسطينيين والإسرائيليين تبدأ مباشرة بعد انسحاب بريطانيا، وثم تتدخل دول عربية (مصر والأردن وسورية ولبنان) في الحرب وتستعين بقوّات من الجيش العراقي. حرب 1948 تشتعل، وتنجح الجيوش العربية في الدخول إلى فلسطين وتصل إلى مشارف تل أبيب. الأمم المتحدة تتدخل وتعلن الهدنة، وهذه الهدنة تستمر عدّة أشهر... وخلال هذه الفترة تقوم أميركا وأوروبا بتزويد «إسرائيل» بأسلحة وخبرات متطوّرة. وتندلع الحرب بعد أشهر من التوقف، وتنجح القوّات الإسرائيلية في رد الجيوش العربية، وترتكب العصابات الصهيونية مجازر ضد المدنيين وسكان القرى والبلدات الفلسطينية (من بينها دير ياسين) بقصد إرهابهم وإجبارهم على الهجرة القسرية من ديارهم. وتحدث الهدنة الثانية بعد أن تبسط «إسرائيل» سيطرتها على ما يسمّى حاليا بأراضي 1948. مصر تبقى في قطاع غزّة آنذاك، والضفة (مع جزء من القدس) تبقى مع الأردن، والجيوش السورية واللبنانية والعراقية تتراجع إلى داخل حدودها. وبعد ذلك يقوم ديفيد بن غوريون في 15 مايو/ أيار 1948 بإعلان «دولة إسرائيل». وفي العام 1949 يتم توقيع اتفاقيات هدنة مع كل دولة عربية مجاورة لـ «إسرائيل»، وتستمر المعاناة حتى الآن.

الإسرائيليون أعادوا سرد التاريخ اليهودي بلغة مختلفة عن الماضي، وخلقوا من بعض الأساطير حقوقا، واستخدموا المعاناة التي تعرّضوا لها على أيدي النازيين ذريعة لإعلان دولتهم فوق أراضي فلسطين... واليوم تنظر «إسرائيل» إلى أنها تمكنت من خلق «أمة جديدة» تتكون من فلول اليهود الأوروبيين (الأشكنازي) والمهاجرين من مختلف أنحاء الشرق الأوسط (السفارديم)، مستخدمين لغة الكتاب المقدّس في عصر يتحدث عن حق تقرير المصير، ولكنهم فرضوا أساطيرهم من خلال تحالفهم مع أميركا.

جامعة الدول العربية لم تستطع أن تطرح رؤية موحّدة إلا في وقت متأخر، وهذه الرؤية ليست مصحوبة بإرادة تواكب الإرادة الإسرائيلية... والعرب الآنَ ليس لديهم ماكان بأيديهم في 1948، والمبادرة العربية الأخيرة أعلنت استعدادها للقبول والاعتراف بـ «إسرائيل» والعيش في أمن مع «إسرائيل» في حال أعادت الأراضي المحتلّة منذ العام 1967 (وليس 1948). السلطة الفلسطينية وقيادات فتح في رام الله لديها الموقف ذاته، وحركة حماس في غزّة أيضا قبلت بقيام دولة فلسطينية في حدود العام 1967. وحتى إيران قالت إنها ستحترم أية صفقة تحصل على الشرعية الفلسطينية.

ولكن، ورغم كلّ الضعف البنيوي في الجانب العربي، إلا أنّ «إسرائيل» لم تستطع لحد الآنَ التغلّب على مخاوفها الخاصة، وليست لديها الشجاعة للقبول بتنازلات العرب التي تضمن لهم أكثر مما قسمت لهم الأمم المتحدة... ربما أنها نكبة للعرب والمسلمين، وانتصار منكوب بالخوف الأبدي للإسرائيليين.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2074 - السبت 10 مايو 2008م الموافق 04 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً