العدد 2075 - الأحد 11 مايو 2008م الموافق 05 جمادى الأولى 1429هـ

وليد جنبلاط يستعد لدفع ثمن تقلباته

علي الشريفي Ali.Alsherify [at] alwasatnews.com

-

نعرف أن زعماء الأقليات دائما ما يحاولون الوقوف على الحياد حتى وإن سنحت لهم فرصة الاصطفاف مع الطرف الغالب، لأن الأقليات تبقى هي الطرف الأضعف في أي صراع، وخسارتهم غالبا ما تكون قاسية وصعبة الترميم داخل المجتمعات غير المتجانسة.

نقول زعماء الأقليات غالبا ما ينأون بأنفسهم وجماعاتهم عن أي صراع محلي أو خارجي حفاظا على كينونتهم داخل البلد الواحد، لكن مع ذلك تبقى هناك قلة من الزعماء من يجازف فيدخل طرفا مع هذه الجهة أو تلك من دون دراسة النتائج، أو ربما لطموح شخصي غير مضمون، ومن بين هذه القلة الزعيم الدرزي في لبنان وليد جنبلاط.

جنبلاط المعروف بتقلب مواقفه السياسية المثيرة للجدل، يقف الآن وسط صراع سياسي ومذهبي قد تدفع طائفته ثمن سياساته وتصريحاته المتشنجة، فموقفه الذي تغير على مدى أربع سنوات بين المعارضة مرة والموالاة مرات طالما كان يثير مع كل تصريح علامات استفهام داخل لبنان وخارجها.

صحيح أن الطائفة الدرزية تعد من بين أعرق الطوائف في لبنان، والتاريخ يشهد لها بمواقف عدة على مدى قرون، حيث كان للدروز دور مهم في تأسيس الدولة اللبنانية الحديثة، إلا أن هذا الدور الإيجابي يأتي من مستوى قياداتها التاريخية وقدرتهم على تحمل مسئولية الحفاظ على وحدة وسلامة أفراد هذه الطائفة.

جنبلاط لعب باسم عائلته وأقحمها وسط لهيب الصراع الدائر داخل الطوائف في لبنان، ليطلب أمس ممن عاداهم طوال سنين مضت بألا يجعلوا الطائفة الدرزية تدفع ثمن «خلاف سياسي» بينه وبين الآخرين.

جنبلاط طلب من الآخرين ألا يقحموا طائفته في وقت كان يتحدث بالهمز واللمز ويحرض ضد طائفة كبيرة في لبنان باعتبارها سلمت البلد إلى دول أخرى.

طموح جنبلاط في الحصول على مكاسب سياسية واعتبارية غير مدروسة العواقب بدأت تؤثر على مستقبله ومستقبل طائفته في لبنان، فوليد جنبلاط الذي كان في يوم من القوة بحيث يسعى خلال اتفاق الطائف العام 1989 إلى تأسيس مجلس سياسي جديد في لبنان باسم مجلس الشيوخ ليكون رئيسا له - مقابل الرئاسات الثلاث الأخرى المارونية والسنية والشيعية - باعتباره زعيم رابع طائفة دينية وثقافية في لبنان، نراه الآن يتقهقر أمام زعامات درزية منافسة عرفت كيف أن تتعامل بطريقة دبلوماسية مع الأحداث ولا تقطع خيوطها مع الآخرين حتى ولو كانت محسوبة على طرف دون آخر، مثل عائلة أرسلان التي يمثلها السياسي المعارض طلال أرسلان.

جنبلاط أخطأ وعليه دفع الثمن الذي قد يكون التنازل عن الزعامة أحد الحلول لحماية طائفته، عندها سينهي حقبة حكم عائلة كانت ومازالت تمثل الدروز منذ عشرات السنين، لتنتهي عند سياسي بات مستعدا لدفع الثمن.

إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"

العدد 2075 - الأحد 11 مايو 2008م الموافق 05 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً