المتتبع لأحداث اليونان الأخيرة والمستمرة حتى اليوم، يجد أن غضب الشارع اليوناني تفشى في كل شبر من أزقة العاصمة (أثينا)...ببساطة من ينظر إلى هذه الأحداث يرى أنه بسبب مقتل شاب لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره، على يد شرطي، خرج شعب بأكمله ليقول «لا» لحكومة أخطأت بحق شعبها وأيضا في كيفية تعاملها مع الشارع بل وكما قالت سيدة يونانية «إننا لا نريد أن يحدث هذا الأمر مرة أخرى».

غضب اليونانيون وكما يبدو من التقارير الصحافية جاء ليفتح ملفات أخرى كوعود الحكومة اليونانية في القضاء على الفساد، البطالة، إصلاح نظام تعليمي بصورة مستعجلة وهي وعود لم تنفذ من قبل الحزب اليوناني المحافظ الديمقراطي الجديد الذي كان قد وصل إلى سدة الحكم في مارس/ آذار2004.

جميع ما ذكر من وعود وبعد أربع سنوات لم يتغير شيء بحسب كلام اليونانيين وما جاء في مقال كتبه الصحافي اليوناني تاكيس مايكاس من صحيفة «إيلفثروتايبا» اليونانية اليومية، وأحد أعضاء مركز دراسات الليبرالية الكلاسيكية في أثينا بأن «الدولة لاتزال أداة لمنح الهبات والعطايا، والفساد مستمر في القطاع الحكومي، بينما باءت جميع محاولات إصلاح التعليم بالفشل».

وأضاف مايكاس « لقد مهدت هذه الأمور للاضطرابات التي التهمت اليونان منذ أيام، فتلاشت الصورة الجميلة لليونان بوصفها أرض الشواطئ المشمسة والناس الودودين، لتتكشف صورة بلد مزقته الصراعات الاجتماعية، واستهلكته الكراهية والعنف البليد».

هذه الاحتجاجات تعد الأسوأ في اليونان منذ عقود وهي راجعة بالدرجة الأولى إلى انتشار البطالة بين الشباب والرفض الشعبي لبرنامج الإصلاحات الحكومية.

إن ذلك الأمر لم يأتِ من فراغ، ولا نعطي مبررا لدعوات الحرق والتخريب والتكسير وتحطيم المنشآت، ولكن عندما تتفاقم حالة الإحباط في أوساط الشباب الذين هم جزء من حال الشارع، فإن الأمر برمته يحتاج إلى مراجعة للأوراق ومنها معالجة عدد من القضايا العالقة التي تؤرق بال الشارع اليوناني.

مثال اليونان ليس بعيدا عن دول منطقتنا العربية التي لو حدث الأمر نفسه معها، لكان الأمر مختلفا ولربما يزج بعددٍ كبيرٍ من المتظاهرين في السجون ويتعرض أغلبهم لأشكال مختلفة من التعذيب، لأن ذلك يعد من المحرمات وليس من حق شعوبنا أن تقول «لا»...فكلمة «لا» و«أنت مخطئ» جمعيها خارج قاموس الأنظمة العربية