قد نفاجأ من الوهلة الأولى عندما نقرأ تصريح النائب السلفي عبدالحليم مراد بشأن طرد العمالة البنغالية من البحرين، وذلك على إثر تداعيات الحادث الأليم الذي شهدناه في سوق واقف قبل أيام إثر إقدام عامل بنغالي على قتل بحريني بمنشار كهربائي.

هذا الحادث يعد صدمة للشارع البحريني نتيجة بشاعة الفعل الذي حدث وطريقته والأسلوب المستخدم، وقد نفاجأ أيضا بأن يقوم نائب إسلامي بتعميم هذا الفعل إلى حد أن تتقدم كتلة نيابية إسلامية بطلب إخراج العمالة البنغالية من البحرين لفعل شخص واحد، مخالفة بذلك شرع الله وحكمه.

قوله تعالى: «ولا تزر وازرة وزر أخرى» قاعدة تشريعية تكررت في القرآن الكريم خمس مرات (الأنعام: 164، الإسراء: 15، فاطر: 18، الزمر: 7، النجم: 38)، لتؤكد تحريم وتجريم ظلم البريء، وعدم أخذ أحد في دولة إسلامية بجريرة آخر حتى ولو كان هذا الآخر أخا أو ابنا أو أبا... وحتى لو كان الآخر ارتكب جريمة تمس أمن الوطن.

السؤال: كيف تبيح كتلة إسلامية لنفسها اتهام آلاف من هذه العمالة الأجنبية وطردها من البلد لوزر فرد؟ وهل يأتي ذلك من منطلق إسلامي أم عنصري؟

وهل ستطبق هذه الكتلة هذه القاعدة على جميع أفراد المجتمع وستطالب بطرد العمالة الهندية والباكستانية والفلبينية والسورية واليمنية وغيرها عندما تراجع سجلات الجرائم لتكتشف أن مجتمعنا يعيش أزمة تغيير هوية ثقافية بفضل دفاع تلك الكتلة المستميت عن عملية التجنيس العشوائية التي تحدث في البحرين منذ سنوات وتشجيعها لذلك من أجل تغيير التركيبة الديمغرافية في البلد لأهداف سياسية متجاهلة كل المؤثرات الأخرى التي حدثت ومنها تغيير الهوية الثقافية وارتفاع معدلات الجريمة وغيرها.

بالطبع فإن ما قام به فرد لا يعد مبررا لتعميم الخطأ على الجميع، فهؤلاء بشر لا يمكنهم تحمل مسئولية فعل فردي، وإلا فإننا سنكرر الخطأ الذي وقعت فيه الولايات المتحدة الأميركية بعد حوادث 11 سبتمبر/ أيلول، إذ عممت القضية على جميع المسلمين والعرب وعملت على مضايقتهم إلى حد لا يطاق، وبالطبع فإن التيار السلفي أول من عانى من تلك التشديدات وضاق الويلات، إلا أنه يسعى الآن إلى تطبيق القاعدة ذاتها على عمالة مستضعفة لا تتحمل جريرة فرد يعيش ضمن نطاق مجتمع لا يتساوى فيه الأفراد، ولا يحمل فيه فرد وزر الآخر.

إلى النائب عبدالحليم مراد: نعم، ما حدث من جريمة قتل في سوق واقف تصل إلى حد البشاعة والفظاعة، ولكن كم تمنينا أن تعيد حساباتك مع كتلة المنبر بشأن كيف حدث ذلك؟ ومن وراء ذلك؟ وهل العمالة البنغالية هي الخطر على المجتمع البحريني فقط؟ علما بأنها يفترض أن تكون عمالة وافدة تأتي لمدة عامين فقط وترحل، أم الخطر ممن يستقدمون بكل سلبياتهم وعلاتهم وأخطارهم ليصبحوا مواطنين ممثلين لهذا الشعب الكريم، ومنهم من هو أسوأ من هذه العمالة الأجنبية؟

نعم، نشد على يد كتلة الأصالة بشأن ترحيل المخالفين من العمالة الأجنبية وليس الجميع، وسحب جنسيات كل مجنس ارتكب أفعالا تمس السلم الأهلي في هذا الوطن أيضا وتضر بوحدته وتآلف أبنائه، والشواهد كبيرة وكثيرة، وإن كان أفظعها ما حدث في سوق واقف قبل أيام و «إنا لله وإنا إليه راجعون».