العدد 2302 - الأربعاء 24 ديسمبر 2008م الموافق 25 ذي الحجة 1429هـ

ماذا بعد مرحلة التعتيم؟

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

من خلال المتابعات والملاحظات يتضح أن هناك إرادة موجهة لا نعرف مصدرها تحديدا بسبب الصراعات المختلفة من جهة والحواشي التي تضغط باستمرار من أجل مزيد من النفوذ لها لا من أجل مزيد من المكاسب للمواطن من جهة أخرى، نفهم من هذه الإرادة مجهولة المصدر، إننا يجب علينا في كل مرة أن نكون أمام الأمر الواقع في كل مفصل من مفاصل الوطن وفي كل محطة من المحطات المهمة، وعلينا أن نمتص صدمتنا مهما كانت درجتها ومستواها ومهما كان حجم الضرر المترتب عليه؛ لأن أهداف ذلك كثيرة وعديدة ربما على رأسها كسر الشوكة ومعالجة ردة الفعل بالاستجابة حتى لو كانت الاستجابة سلبية فإنها سرعان ما تخمد لكونها لا تجدي نفعا فقد فات الفوت.

عندما توصلت لتلك القناعة استحضرت الكثير من الأمور والقضايا التي قد حدثت بالفعل بنفس الأسلوب وبنفس الآليات الإقصائية، ولست هنا في صدد تعدادها أو ذكرها ولكن تذليلا على ما أدعيه سأسرد هنا مجموعة من القضايا قد حدثت بالفعل بنفس الأسلوب وعليكم أن تصححوا لي أن كنت مخطئة، الرؤية الاقتصادية لعام 2030 نزلت علينا من السماء فجأة دون مقدمات طبخت في مطابخ خاصة جدا لم نعرف عنها شيئا إلا حين تم الإعلان عنها في الصحف لتدشينها بعكس ما يتم حولنا، فجأة صار لدينا يوم خاص للمرأة البحرينية 1 ديسمبر/ كانون الأول دون أن نعرف سر اختيار هذا اليوم أو التاريخ، قانون أحكام الأسرة في غاية التعتيم والسرية يتم تحويله من الحكومة إلى المجلس التشريعي، بعد أن وضع في الأدارج وسكت عنه لفترة من الزمن، بغض النظر عن مدى إيجابية أو سلبية تلك المشاريع فلست هنا بصدد إصدار أحكام عليها ولكن الفكرة نفسها كانت تحوم حولها الاستفهامات المختلفة بل إن الأجواء التي كانت تحيط بها كانت أجواء تعتيم خاصة جدا، هذا بدوره يجعلنا نتساءل لماذا كل هذا التعتيم؟ إذا كانت تلك المشاريع جاءت لتلبي حاجة ملحة وتحقق أغراض وطنية مهمة وضمن الخطط الاستراتيجية؟!

أيضا من خلال الملاحظة نرى أنه من اللازم أن يعيدوا النظر في تلك الأساليب (أساليب التعتيم والسرية التامة) لكونها أثبتت فشلها الذريع إلا أن التوصيات دائما تأتي بالاستمرار فيها وفي نهجها لغاية في نفس يعقوب، لأنهم أصلا لا يبحثون عن الأساليب الحضارية الراقية التي تنم عن الوعي الوطني بقدر ما يبحثون عن أساليب تقاوم الطرف الآخر وتجعله دائما في زاوية ضيقة وحرجة بغرض إحراجه وإراقة ماء وجهه.

فالحوار والالتقاء بات اليوم حاجة ضرورية وهناك توافق مجتمعي بالإجماع على ضرورتها وأهميتها، فالقوى السياسية والشارع يؤكدان قناعتهما التامة بضرورة مبدأ الحوار مع القيادة السياسية، إلا إننا لا نرى حوارا ولا لقاء، ولكن نرى التجاهل والمقاومة بل أصبحت الإرادة الفوقية سيدة الموقف في الكثير من القضايا المفصلية، بل إن التعتيم وعدم الوضوح باتت السمة البارزة لأي تحرك ولأي إدارة لأي موضوع مهم وحساس يهمّ الوطن والمواطن، أصبحنا في قلق وخوف بصورة مستمرة، وكل ما نعرفه ونسمع عنه يكون من خلال المؤسسات الإعلامية، أصبحنا لا نثق بها لأنها تحرضنا وتخلق لدينا ردات فعل سلبية تجاه من يتجاهلنا ويقصينا ولا يضعنا في الصورة، فإذا أرادت أن تجس نبض الشارع بأي قضية من القضايا يكون هناك تسريب خبري بسيط عبر الصحف المحلية لقراءة موقف الشارع، الخطوة التالية أما إثبات الخبر وتأكيد مضامينه أو نفيه وسحبه لفترة من الزمن ثم رميه مرة أخرى بطريقة أخرى لإمتصاص الآثار السلبية من نفسيات الشارع وخلق قناعات من خلال استغلال الفئات ذات الوعي المنخفض والذين تتأثر قناعتهم بسرعة.

من حقنا أن نتساءل لماذا هذا التعتيم، إذا كانت المشاريع تتجه لتحقيق منافع وطنية تخص الوطن والمواطن؟، لماذا إذن نخاف ونخشى أن نعلن عنها في حينها وننتظرها أن تطبخ بالكامل لتأكل؟

لماذا لا نضع نحن أيدينا أيضا مع كل الأيادي التي تشترك في طبخها؟ أم علينا فقط أن نأكل ما يتم طبخه لنا وكأننا عاجزون ومعاقون! لا أيدٍ قادرة على العطاء والإنجاز، وعلينا أن نأكل فقط لنوفر مقدارا من التغذية، فهذا أمر غريب، أليس كذلك؟

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 2302 - الأربعاء 24 ديسمبر 2008م الموافق 25 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً