العدد 259 - الخميس 22 مايو 2003م الموافق 20 ربيع الاول 1424هـ

مجيء الآريين

الوسط - محرر الشئون التاريخية 

22 مايو 2003

تم القضاء على الحضارة المتطورة والمزدهرة (وادي الاندنوسي) بواسطة الغزوات الوحشية للآريين حوالي 1,500 ق.م. اذ واجه هؤلاء البدو محبو الحروب حضارة رفيعة المستوى في وادي أنديوس. فقد تم اكتشاف عدد كبير من الهياكل في هارابا، ميونجو دارو وأماكن أخرى تظهر أن السكان المحليين أبدوا مقاومة شرسة وماتوا أثناء القتال ببساطة. وهناك آثار لدمار واسع سببه الغزاة في باكستان برمتها، وتبدو سياسة الأرض المحروقة المتبعة قد محت تقريبا جميع شواهد الحضارة في الاقليم. ويعتبر الدليل من بلوشيستان، السند، والبنجاب متماسك ومتسق في الافتراض ضمنا أنه في فترة ما ربما قبل 1,500 ق.م. تم إفساد التقاليد الثقافية الموطدة منذ وقت طويل في شمال غرب الهند (أي باكستان) على نحو وحشي بواسطة الوافدين الجدد من الغرب. إن قدوم الآريين في الواقع يعتبر وصول للبرابرة الى إقليم منظم على نحو رفيع من قبل في شكل امبراطورية قائمة على تقليد مؤسس لثقافة مدنية متقنة وعريقة (الهند قبل التاريخ، بواسطة ستيوارت بيغوت).

- (في تراتيل اليريففيدا، اتخذ الغزو شكل الهجوم الضار باستمرار على المدن الأرومية المحصنة... ليس مستحيلا في الواقع ملاحظة أن اسم هارابا نفسه قد أخفى بتغييره الى هاري - يوبيا الذي جاء ذكره في الريففيدا بانه مشهد للمعركة) (الهند القديمة وباكستان الى أشوكا، بواسطة سير مورتيمير ويلر).

(ومع ذلك، أخذ الآريون أثناء بقائهم في باكستان كثيرا من حضارة أنديوس التي أفادتهم أثناء حياتهم المستقرة في الهند. دخل الآريون وقاموا بأرينة وسط منطقة جانجيز دوب بعد أن استفادوا من أفكار الحرفيين في وادي انديوس وأرض البلوش الحدودية) المصدر نفسه.

(ووفقا لبعض الكتاب يعتبر شاندراجوبتا موريا وسلالته الحاكمة أرواح امبراطورية هاريا. فيما يختص بالنمط المعقد للعصور الوسطى الهندية بالتأكيد ساهمت الحضارة المدنية القديمة للبنجاب وأنديوس بالكثير، وهذه المساهمة لم تقتصر على مجال التفكر والتأمل الديني أو على تقاليد الطقوس الشعائرية والاحتفالية، اذ تبدو الميزة العامة للمجتمع الهندوسي في العصور الوسطى وكيان التنظيم السياسي والحكومة انعكاس حتمي لحضارة السند والبنجاب) المصدر نفسه.

بعض المؤرخين المعاصرين يربطون حتى فن أجانتا العظيم بحضارة وادي انديوس لأن «الثقافة الهندوسية الفيدوية التي سادت قبل الثقافة البوذية في شمال الهند لم تعرف بأن لها أية رسوم تستحق الاسم» (الثقافة الهندية، بواسطة س.عبدالحسين).

وعرفت القبائل الآرية التي احتلت باكستان بأنها سافياس، براساس، كياياس، فريشفانش، يادوس، تورفاساس، دراتيوس ونيشياس. كان للسافياس الآريين عاصمتهم في سيفيستان والتي يفترض انها سهوان الحديثة.

وربما من المفيد القول هنا، انه على رغم أن الآريين مكثوا طويلا في باكستان، إلا أنهم لم يطوروا ذلك الدين المعين المعروف بـ «الهندوسية» القائم على نظام الطائفة المنغلقة والمقدسات الاخرى، ولم يتطور هذا النظام البغيض الا عندما عبروا نهر السوتليج واستقروا في وادي جانجيز.

«وبينما استقروا في البنجاب لم يصبح الآريون هندوسا بعد... ظهر النظام البراهماني المميز بانه تطور بعد أن عبر الآريون نهر السوتليج.

وإلى الشرق من السوتليج ظل الهنود الآريون عادة آمنين من الغزوات الأجنبية وأحرارا في تشكيل نمط حياتهم من دون اضطراب ويفسر هذا ايضا غياب المدن المقدسة الهندوسية والمعابد في باكستان» (تاريخ اكسفورد للهند، بواسطة في.ايه سميث، الطبعة الثالثة).

(وقد تم التشدد في الطوائف الهندوسية أثناء فترة احتلال الآريين للأرض الوسطى، أي وادي جانجيز وميزوا انفسهم من إخوتهم في السند والبنجاب اذ استخفوا بهم لأنهم لم يراعوا أحكام الطائفة... وميزتهم غير البراهماتية...» (الثقافة السندية، بواسطة يو،تي ثاكر).

«بينما توسع الآريون بعيدا أخيرا داخل الهند، تم التخلي عمليا عن وطنهم القديم في البنجاب، السند والمنطقة الشمالية الغربية.

وقد تطرق الأدب الفيداوي نادرا لذلك، وعادة من خلال الانتقاص والازدراء، بأنها ارض قذرة لا تنجز فيها التضحيات الفيداوية (الهند الأعجوبة، بواسطة ايه.ال. بهاشام).

ومع ذلك تعتبر النقطة المعرضة الرادة للاعتبار والتي ظهرت من الاحتلال الآري لباكستان لمدة خمسمائة عام من 1500 ق.م الى 1000 ق.م هي أنه أثناء هذه الفترة برمتها شهدت هذه الدولة مرة أخرى وجودا منفصلا. واستمرت تقاليد الاستقلال الثقافي والسياسي موروثة من حضارة وادي انديوس في باكستان.

وهكذا، حتى تحت الاحتلال الآري، ظلت باكستان دولة مستقلة منفصلة عن الهند.

(يبرهن دليل اليرنعفيدا أنه أثناء القرون التي احتل فيها الآريون البنجاب مكونين تراتيل اليريغفيدا، كان الجزء الشمالي الغربي لشبه القارة منفصلا ثقافيا من بقية الهند، كانت العلاقات الثقافية الوطيدة للهنود - الآريين في تلك الفترة مع الايرانيين، الذين تم الاحتفاظ بلغتهم ونصوصهم المقدسة في الأعمال المتعددة المعروفة بالافيسقا، في النقوش الفارسية القديمة، وفي بعض الوثائق المنتشرة الاخرى. لذلك كانت هناك كمية هائلة للمواد المشتركة بين آريي الريغفيدا والايرانيين اذ تظهر كتب الشعبين أسماء جغرافية مشتركة بالاضافة للآلهة والافكار) (باكستان وغرب آسيا، بواسطة البروفيسور زورمان براون).

عندما غزا الآريون الهند وهاجروا من باكستان حوالي 100 ق.م، أصبحت الأخيرة مرة أخرى مستقلة ولم تتوافق مع النظام الذي بدأ يتطور في وادي جانجيز بواسطة غزاتها باستثناء يغفيدا، فان النفوش النصوص الفيداوية المتبقية والكتب الدينية الاخرى للهندوسية والملحمتين الرامايانا والمهابهاراتا.. الخ التي يعتمد عليها نظامهم الاجتماعي والثقافي، قد كتبت خارج باكستان.

خلال فترة خمسة آلاف عاما من 1000 ق.م الى 500 ق.م لم يعرف الا القليل عن باكستان، فقد غادر كثير من الآريين هذه الدولة (وبقى كثيرون) ولكن النقطة الواضحة الوحيدة هي أن هذه المناطق أصبحت مرة أخرى مستقلة، معارضة للنظام الديني الذي تطور بواسطة الآريين في الهند، محدثا شقاقا بين الدولتين. كان الآريون غير راضين بشدة عن هذه الثورة التي قادها شعب باكستان وبدأوا يستخوفوا ويمقتونهم إلى أن وضعوهم خارج قبضتهم

العدد 259 - الخميس 22 مايو 2003م الموافق 20 ربيع الاول 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً