العدد 2566 - الإثنين 14 سبتمبر 2009م الموافق 24 رمضان 1430هـ

سنغافورة الخليج

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كان عائدا قبل ليلتين من زيارةٍ ضمن وفد بحريني للاطلاع على التجارب التنموية في بعض دول جنوب شرق آسيا، فهو يعمل بإحدى الهيئات الجديدة العاملة في مجال التنمية الاقتصادية.

كان أكثر حديثه عن سنغافورة، الدولة التي سمع اسمها أبناء جيلي في الإذاعة والتلفزيون منذ تفتحت أعيننا على الدنيا، ونقرأها في الصحف والمجلات، فقد كان الوعد بأن تكون البحرين سنغافورة الخليج.

لم نكن نعرف سنغافورة ولا أين تكون، ولكنا كنا متأكدين أنها دولة تستحق الاقتداء، بدليل الاستشهاد بها في تصريحات المسئولين. بعدما كبرنا أخذنا نقرأ عنها الاستطلاعات والتقارير ونتابع الأخبار. فهي جزيرةٌ صغيرةٌ مثلنا تماما، مساحتها لا تزيد عن 690 كم مربعا، فنحن أكبر منها بـ 20 كم (أي ما يعادل مساحة جزيرة أم النعسان). وتتبع الجزيرة الأم 63 جزيرة أخرى أصغر، مقابل 33 جزيرة لدينا.

هي أيضا تقع في منطقةٍ حساسة، وتمتلك مثلنا موقعا جغرافيا مهما على طريق المواصلات الدولية بين الشرق والغرب، استثمرته لتصبح من أهم الموانئ التجارية في المنطقة. حتى مناخها يشبه مناخنا، فهو رطبٌ ودافئ على مدار السنة. وسطحها منخفضٌ مثلنا، وأعلى قممها لا تتجاوز 177مترا، (قمة الدخان في حدود 120 مترا)! وبينما لاتزال غابات المنجروف (نبات القرم) تغطّي كثيرا من سواحلها، فإننا قضينا على غابات (منجروفنا)، ودمّرنا سواحلنا، وحوّلناها إلى أملاكٍ خاصة، وحوّلنا أجمل خليج هادئ (توبلي) إلى مستنقعٍ كبير من القاذورات.

كان سكّانها الأوائل من الصيّادين، وهو أمرٌ لا يعيبهم كما لا تعيب مهنة الغوص أو الزراعة أي شعبٍ آخر. مجتمع الصيادين هذا أزال جزءا من الغابات وجفف المستنقعات، وحوّلها إلى مزارع للفواكه وجوز الهند والمطاط، وإلى مصانع للصناعات التحويلية كالبلاستيك وإطارات السيارات.

كانت الجزيرة الصغيرة تواجه مشاكل كبيرة، من بينها الكثافة السكانية، فهي من أكثر دول العالم ازدحاما بالسكان (5 ملايين نسمة)، بمعدل يفوق 6 آلاف نسمة/ كم. إضافة إلى تركيبتها السكانية المعقدة، دينيا وعرقيا ولغويا، فثلاثة أرباع السكان صينيون، والربع الباقي هنود وملايو وأوروبيون وعرب. و40 في المئة بوذيون، بينما نسبة الإسلام والمسيحية واللادينية 14 في المئة لكلّ منها، فضلا عن تعدّد اللغات (الملايو، المندرين، التاميل). مجتمع الصيادين هذا نجح في الانصهار في بوتقة الوطن الذي يضم الجميع تحت جناحيه، بينما يفكّر بعضنا بتكسير أحد جناحيه ورجليه ليطير! وعجزنا في تذويب الفوارق بيننا، وأسّسنا لفوارق جديدة، تزيد من تآكل الثقة وتقيم مزيدا من الحواجز بين أبناء الوطن الواحد، والدين الواحد، واللغة الواحدة، والدم الواحد، والتاريخ الواحد.

كان الرجل العائد مع الوفد من سنغافورة، يتكلّم بإعجابٍ عن طريقة إدارة مدارسهم فيما يشبه الحكم الذاتي، وتعليم أبنائهم بطرقٍ إبداعيةٍ حرّة، فحين يريدون افتتاح مكتبةٍ بالمدرسة لم يكونوا يدعون وزير التربية لقصّ الشريط في بهرجةٍ إعلاميةٍ فارغة، وإنّما يستدعون أحد الكتّاب أو المؤلفين ليحدّثهم عن أساليب الكتابة وتجربته في التأليف.

الشيء الوحيد الذي استطاع الوفد أن ينقله للسنغافوريين، هو سياسة نشر التقارير عن عمل المؤسسات، وهو فارقٌ ثقافيٌ له مدلوله، فهم لم يكونوا بحاجةٍ إلى تقارير منشورة تعزّز بأداء المؤسسات، لأن الثقة موجودة أصلا، وهي تخضع للرقابة الأهلية والتقييم المستمر. مع ذلك قال السنغافوريون بتواضعٍ أننا يمكن أن نأخذ فكرة نشر التقارير في الصحف منكم.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2566 - الإثنين 14 سبتمبر 2009م الموافق 24 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 7:00 م

      خلنا انروح سنغافورة

      اذا بجنسونا احنا البحرينيون اهناك خلنا انروح خاصة اذا مافي محسوبية ولا عاطلين جامعيين ولا انتظار على قوائم الاسكان لمدة 18 عاما واذا عطوهم البيت يكون مكسر يبي له صيانة وفي قانون مفعل مو على الورق واذا بعلون قدرنا على اساس ان احنا اجانب بعد خوش وش رايكم اخواني القراء

    • زائر 10 | 6:28 ص

      وجه شبه سابق

      وجه الشبه كان، ورغم أن السيد لم يتطرق لمصدر دخل الدولتين، لكني لا أعتقد أن سنغافورة دولة نفطية، والبحرين ليست نفطية لكن النفط أحد مردوداتها، ورغم ذلك كنا منذ الصغر نتطلع لسنغافورة، وحتى الآن !!! يعني متى بنسوي تجربتهم ما أدري، الناس تخلي خطط خمسية عشرية مو مئوية !!!!

    • زائر 9 | 6:24 ص

      mom@hotmail

      الى صاحب التعليق رقم
      زينا لناعزيزي زائر رقم واحد لماذا نصرعلى التطرف في استعداء الآخر ، وصف المجنسين العرب ببقر الشام إساءة لا تليق بما يربطنا بهم كمسلمين وكعرب بغض النظر عن سياسات التمييز التي تمارسها الدولة ، واذكر شيخ علي سلمان قال مرة ما معناه ( مشكلتنا ليست مع من جنس من إخواننا العرب بل مع من جنسهم ) على فكره أنا شيعي وبحراني وأتمنى أن نمثل أخلاق أئمتنا بواسطة
      المشكلة يأخي حين تكينهم بالانسانية سوف يستخدم ضدك في المستقبل القريب وسوف يقلون هناك من يقف معنا وهم شيعة ..

    • زائر 8 | 5:51 ص

      وين جزيرة..

      ام النعسان؟

    • زائر 7 | 5:15 ص

      كونوا زينا لنا

      عزيزي زائر رقم واحد لماذا نصرعلى التطرف في استعداء الآخر ، وصف المجنسين العرب ببقر الشام إساءة لا تليق بما يربطنا بهم كمسلمين وكعرب بغض النظر عن سياسات التمييز التي تمارسها الدولة ، واذكر شيخ علي سلمان قال مرة ما معناه ( مشكلتنا ليست مع من جنس من إخواننا العرب بل مع من جنسهم ) على فكره أنا شيعي وبحراني وأتمنى أن نمثل أخلاق أئمتنا

    • زائر 6 | 3:47 ص

      فزاعة واهمة

      وهلىبالامكان أن تذوب الطائفيةزفي هذا البلادززويوجد لدينا من يغذيها ويدعمها...ويقوم بتجديد التأشيرة اليها..وهذا من العجب

    • زائر 5 | 3:11 ص

      زائر سابق

      هناك عندما يأتي رجل المرور ليخالف أحد ما لا ينظر لنوع سيارته أو جوازه أو إسم عائلته أو مذهبه أو اصله.
      هناك لا يمكن لمن كان مهما صغر أو كبر منصبه أن يعتدي على أحد ما بدون أن يعاقب بالقانون إن ثبت العمل ضده .
      هناك لا يمكن لعقيد فى الجيش أن يعتدي ويهين نائب يمثل الشعب فضلا أن يعتدي على خادمة منزل حبشية ويأمن من العقاب بل يتباهى بفعلته.
      اذا ضمنتوا أن لا يحدث كل ذلك فى البحرين فاضمن لكم أن نكون أفضل من سنغافوره.

    • زائر 4 | 2:48 ص

      نعم ولكن

      نعم يتحمل الناس جزء من المسئولية في تغيير سلوكياتهم, ولكن الحديث عن السياسة عندما يأتي كردة فعل للمارسات التي ترى كل يوم صباح ومساء فهو ليس من باب الترف, عندما تقول بالتطوير وتهمل قضايا رئيسية كالتطوير والمواطنة على أساس غير الطائفية والطبقية فإنك (( تنفخ في قربة مبطوطة))....

    • زائر 1 | 12:40 ص

      تحقق الحلم فعلا

      يا سيد نعم صرنا سنغفوره فكل جنسيات العالم عندنا ولا أحد ينكر ذالك ويكفي أننا متحدين في التعليم فترى البلوشي والهندي وبقر الشام في صف واحد ويدرسون اللغه العربية وهو لا يتكلمها شفت التطور

    • saydoon | 11:13 م

      هناك فرق كبير

      ياسيدي هناك فرق كبير!! فهم لا ينامون على السياسة والطائفية، ولايستيقضون على السياسةوالطائفية، ويأكلون سياسة وطائفية، ويدرسون سياسة وطائفية. هناك فرق كبير، لن تجد مراكزهم الصحية مملوؤة بالمراجعين لطلب اجازات مرضية في بداية الاسبوع فقط لتمديد اجازة نهاية الاسبوع! ليست المشكلة في الحكومة فقط، فلا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم!
      دمتم بود

اقرأ ايضاً