العدد 2308 - الثلثاء 30 ديسمبر 2008م الموافق 02 محرم 1430هـ

جحا السبال!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

جحا شخصيةٌ مألوفةٌ ومعروفةٌ في تاريخ الشرق. وكما للعرب جحاهم، فإن للأتراك والأكراد والفرس والألبان والأرمن والبلغار جحاهم أيضا، تجده حاضرا أينما بحثت في مختلف الثقافات والعصور والمجتمعات القديمة، وربما لهذا السبب لا تجده عند الأميركان، لأن الولايات المتحدة بلدٌ لا يزيد عمره على الخمسة قرون.

العرب يرجعونه إلى أيام الأمويين، نسبة إلى دُجين الفزاري، أما الأتراك فينسبونه إلى نصير الدين خوجة الرومي الذي عاش في الأناضول، وتحديدا في مدينة قونية. ونراه قد تحوّل إلى «الملا نصير»، عند الإيرانيين والأكراد. ولأن أغلب القصص تعود للعصور الوسطى فإن جحا غالبا ما يظهر مع «حمار»! أمّا في هذا الزمان، فلا يظهر جحا إلا مع سيارة آخر موديل، ونظارة شمسية، وآخر كشخة... ويقوم بحركات بهلوانية عند الفتن مثل السبال!

عندما سئل: «لماذا تكتب بهذه الصورة التطفلية عن الشأن المحلي وأنت لم يمضِ على وصولك للبلد أكثر من عامين»، قال: «هذه هي الشطارة، بائعة الجسد (ونتحاشى كلمته بالعامية الشامية لئلا نجرح ذوق القارئ) ليست أشطر منّي، هي تبيع جسدها وأنا أبيع الكلمات، وأبِيضُ المقالات مثل الدجاج». وعندما قيل له: «لو كنت في بلد خليجي آخر لما سمحوا لك بالدخول بين الموزة وقشرها، والتطفل على القضايا الخاصة بين المواطنين والحكومة؟ قال: «البحرين ...» (وقال كلمة نجلّ بلدنا عنها، تشير إلى مكان التقاء بائعة الجسد بالزبون).

جحا الفزاري تابعيٌ عاش في القرن الهجري الأول، وقال الحافظ بن عساكر إنه عاش أكثر من مئة سنة، ومن حماقته أنْ دفن دراهمه في الصحراء، وكان علامته على المكان سحابة في السماء! وحينما دخل أبومسلم الخراساني الكوفة، طلب إحضاره ليراه، فقال أحدهم ويدعى يقطين: أنا آتيك به. فلما دخل ولم يكن في المجلس غير أبي مسلم، التفت إلى يقطين وسأله: «يا يقطين... أيكما أبو مسلم»؟

وعندما ينتشر الفساد في البر والبحر، يكثر ظهور السبلان، منهم من يحرّض على الفقراء والمهمّشين والضائعين وضحايا الفترات الانتقالية والاضطرابات. ومنهم من يحرّض على الصحافيين ويطالب بسنّ تشريعٍ من القرون الوسطى، لمنعهم من نشر الحقائق على الناس أو كشف المؤامرات الملفّقة. ومنهم من يسبّ الجمعيات المهنية والنقابية كالمعلمين والممرضين، لمطالبتها بحقوق أعضائها بطريقة سلمية راقية، ولكنه يلعن وزارة التنمية لأنها لم تصرف له معونة الغلاء، ويدافع عن الفتّانين والاقصائيين والتكفيريين. ومنهم من يحرّض وزارة الداخلية على ملاحقة أحد الصحافيين، لأنه انتقد خطأ أدائها في أحد الأيام، وساعدها على تصحيح مسارها الذي كان يحرّض عليه بعض الموتورين والموتورات.

وما دمنا في وارد استرجاع الذكريات... هناك من حاول قبل سنتين، وفي مثل هذه الأيام، أن يحرّض الدولة على المؤسسات الدينية المدنية، بتلفيقها تهمة تخزين الأسلحة، ولأن (الشلخة كانت كلّش كبيرة وما تطوف من باب البحرين)، فإن كذبتها لم تنطلي على أحدٍ من المسئولين، وبالتالي فإن الداخلية لم تعِرها أي اهتمام، وأصبحت أضحوكة في المآتم والحسينيات، من مأتم العريض وبن رجب وبن خلف والمديفع... إلى زبر ومدن وبن سلّوم والقصّاب

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2308 - الثلثاء 30 ديسمبر 2008م الموافق 02 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً