مرّ عامٌ كامل (في 15 سبتمبر/ أيلول) على إعلان الشركة الأميركية العملاقة «ليمان براذر» عن إفلاسها في 2008، وهو الإعلان الذي صعق العالم كله، بعد أن تيقن الجميع بأن ماكان يعرف بأزمة الرهن العقاري قد تحولت إلى أزمة مالية عالمية أدخلت العالم في كساد صاحبه إعلانات عديدة عن إفلاس عدد كبير من المصارف والمؤسسات الاقتصادية العملاقة.
البعض نظر إلى ما جرى بأنه نهاية «الرأسمالية»، وأن ذلك يشبه نهاية النظم الشيوعية في أوروبا الشرقية في مطلع التسعينيات من القرن الماضي، غير أن واقع الأمر هو أن ما حدث كان هزة لإحدى المدارس الرأسمالية، وهذه المدرسة تسمى بعدة تسميات، مثل «نيو - ليبرالية» neoliberalism، و monetarism و neoclassical، وهي مدرسة اقتصادية رأسمالية (والبعض يرى انها مستمدة من فهم دارويني متوحش) تؤمن بضرورة عدم التدخل في السوق، وترك الأمور للمنافسة الحرة، وأن «الأيدي الخفية للتنافس» سوف تثبت مبدأ «البقاء للأقوى والأفضل». هذه المدرسة الرأسمالية ترى أن «السوق الحرة» يجب أن تتحكم في الاقتصاد الجزئي microeconomics (وهو النشاط الاقتصادي على مستوى الشركات)، ويجب أيضا ان تتحكم في الاقتصاد الكلي macroeconomics (وهو النشاط الاقتصادي على مستوى البلد والمعني بقضايا النمو والغلاء والبطالة الخ). ومن أهم أبطال ومنظري هذه المدرسة عالم الاقتصاد الأميركي «ميلتون فريدمان» الذي توفي في 1976.
المدرسة الرأسمالية الأخرى هي التي تقول إن قوانين السوق لا يمكن إطلاق عنانها في «الاقتصاد الكلي» للبلاد، وإنها يجب أن تنحصر في الاقتصاد الجزئي وأن تكون تحت رقابة الدولة، وأن تدخل الدولة - عند الحاجة - لمنع ازدياد العاطلين عن العمل أو لتحريك عجلة الاقتصاد من خلال استثمارات للقطاع العام في مشروعات البنية التحتية الكبرى وفي المؤسسات التي تؤثر بشكل مباشر في اقتصاد البلاد. ومن أهم منظري هذه المدرسة عالم الاقتصاد البريطاني «جون مينارد كينز» الذي توفي في 1946. وتسمى هذه النظرية الرأسمالية بـ mixed economy (الاقتصاد المختلط)، أو Keynesianism، نسبة إلى عالم الاقتصاد المشار إليه.
ما حدث هو أن نهج «كينز» كان قد زاد من تدخل الدولة بعد الحرب العالمية الثانية، وهذا التدخل وصل إلى حد انخفاض الإنتاجية - بسبب اعتماد القوى العاملة في القطاعات الكبرى على تدخل الدولة - وزيادة حجم القطاع العام على حساب القطاع الخاص. ولذا جاءت المدرسة «النيو - ليبرالية» لتطلق مشروعات الخصخصة (تكبير القطاع الخاص وتصغير القطاع العام) وتحرير السوق وتطبيق قوانين السوق التنافسية على الاقتصادين الكلي والجزئي، وذلك منذ مطلع الثمانينيات من القرن الماضي.
بعد الأزمة المالية العالمية اقتنعت الدول الكبرى بأن «النيو - ليبرالية» لا يمكن إطلاق عنانها في الاقتصاد الكلي، وأن الدولة يتوجب عليها أن تعود للتدخل (ولكن بشكل مختلف عن ما حدث بعد الحرب العالمية الثانية)، كما أن مجموعة الدول الاقتصادية الكبرى (وقد أصبح عددها بعد الأزمة 20 دولة) تقع عليها مسئولية وضع أسس وضوابط لمراقبة الحركة الكلية للاقتصاد العالمي، والتدخل بصورة من الصور - لم يتم الاتفاق بعد عليها - لمنع «توحش» السوق الحرة في الاقتصاد الكلي بالشكل الذي حدث وأدى الى الانهيارات التي شهدناها.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2570 - الجمعة 18 سبتمبر 2009م الموافق 28 رمضان 1430هـ
هل تستطيع النظم الرأسمالية حل تناقضاتها على حساب شعوب العالم
لقد دأبت الرأسمالية على حل تناقضاتها عن طريق تحميلها لشعوب الفقيرة و المستعمرة منذ بداية عصر النهضة
حيث عملة على استنزاف خيرات البلدان المستعمرة و أشعلت حربين عالميتين كلفت البشرية غالياً علاوة على الحروب الجانبية و مع تطور أساليب الاستعمار نرى أنها ذهبت سريعاً لتحميل حكومات و الشعوب المغلوب على أمرها تبعات سياسات أفرزت مزيد من الفقر و الأمراض و التخلف
اين ذهبت كل هذه المليارات
كل هذه السنين و هذه الماكنة الأدارية الرأسمالية فشلت في التنبؤ بهذه الأزمة ام انها من صلب هذا النظام الذي يحاول ان يحل تناقضاته على مستحقات الفقراء
إقتصادنا
إقتصاد موجه رأسمالي لصالح القلة صاحبة القدرة على صنع القرار, يعني متخذ القرار الرسمي هو التاجر وإن شاء هو مصدر الفتوى...
عشمنا فيك اخي الدكتور
من المؤكد أن اطروحاتكم ومقالتكم الناضجة نابعة من افقكم و ثقافتكم ودراساتكم الجامعية ولذلك أوجه لكم سؤالي وهو الا يستحق اخوانكم السجناء بطرح قضيتهم ولو لمرة واحدة تطلبون فيه من جلالة الملك بالإفراج عنهم كي يعيدوا مع اهاليهم ؟؟ وهذا ماعهدناه من والدكم الجمري رحمه الله الذي ضحى بكل شيء وهو صادقا في سبيل الوطن والشعب